Athar Tarikh al-Nass al-Hadithi fi Tawjih al-Ma'ani
أثر تاريخ النص الحديثي في توجيه المعاني
ناشر
مستلة من حولية كلية أصول الدين والدعوة بالمنوفية
اصناف
الْحَدِيثَ، قَالَ هَذَا كَلامٌ عَرَبِيٌّ مُحْتَمِلُ الْمَعَانِي، وَكَانَ ﷺ قَدْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ بِهَذَا الْكَلامِ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَمُشْرِكِينَ فَالْمُؤْمِنُ يَقُولُ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ وَذَلِكَ إِيمَانٌ بِاللَّهِ لأَنَّهُ لا يُمْطِرُ وَلا يُعْطِي وَلا يَمْنَعُ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا النَّوْءُ لأَنَّ النَّوْءَ مَخْلُوقٌ لا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ شَيْئًا وَلا لِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا هُوَ وَقْتٌ، وَمَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا يُرِيدُ فِي وَقْتِ كَذَا فَهُوَ كَقَوْلِهِ مُطِرْنَا فِي شَهْرِ كَذَا وَهَذَا لا يَكُونُ كُفْرًا، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِ أَهْلِ الشِّرْكِ مِنَ الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِينَ كَانُوا يُضِيفُونَ الْمَطَرَ إِلَى النَّوْءِ أَنَّهُ أَمْطَرَهُ فَهَذَا كُفْرٌ يُخْرِجُ مِنْ مِلَّةِ الإِسْلامِ". (١)
قلت: المتأمل في قول الإمام الشَّافِعِيّ ﵀ يجد أنَّه قد استخدم تاريخ النَّص القولي للنَّبِيِّ ﷺ الذي حَدَثَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ بشهر ذِي الْقِعْدَةِ سنة سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ (٢)، وعلى ضوء ذلك فَسَّرَ قوله ﷺ تفسيرًا صحيحًا؛ واستنبط أنَّه: "مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا يُرِيدُ فِي وَقْتِ كَذَا فَهُوَ كَقَوْلِهِ مُطِرْنَا فِي شَهْرِ كَذَا وَهَذَا لا يَكُونُ كُفْرًا"، مما يثبت قيمة تاريخ النَّص وأثره في فهم الحديث على الوجه الصَّحيح وسَلامة الاستنباط، وهذا مما يبرهن أنَّ علم تاريخ النَّص النبوي ربما ساهم في رفع الفتن عن الأمة الإسلامية في هذا العصر برفع الجهل عنها، والحكم على الأحداث ببصيرةٍ العلم وليس بمجرد التخرص والتأويل الفاسد.
_________
(١) يوسف بن عبد الله بن عبد البر، الاستذكار، (٢/ ٤٣٨).
(٢) أحمد بن الحسين البيهقي، السنن الصغير، (٢/ ١٤٠).
1 / 21