منها الشعرتان اللتان كانتا مع الآثار النبوية بقبة الغوري، ونقلتا معها إلى هذا المسجد، وهما في زجاجة محفوظة في صندوق صغير من الفضة ملفوف بلفافة من الديباج الأخضر المطرز، وقد تقدم ذكرهما في فصل الآثار التي بمصر، ثم أضيفت إليهما شعرة كانت عند أحمد طلعة باشا، وكان من رجال مصر المشهورين ومن الكتاب المجيدين الإنشاء باللغة التركية، تولى رئاسة الديوان الخديوي مرات مدة والي مصر محمد سعيد والخديوي إسماعيل وابنه الخديوي توفيق وكان دخوله في الخدمة في 16 جمادى الأولى سنة 1254 زمن العزيز محمد علي واستقال في جمادى الأولى سنة 1301 فأقيل مكرما ورتب له المرتب الكافي فأقام في داره بشارع السيوفية بالقاهرة مقبلا على العبادة والأعمال الصالحة إلى أن توفي يوم الأحد 2 جمادى الثانية سنة 1322، وكان المشاع على الأفواه أن هذه الشعرة حباه بها السلطان في إحدى سفراته إلى القسطنطينية موفدا من الخديو لتسوية بعض الأمور، ولكن المحقق عند أسرته أنها أهديت إليه من إحدى الحجازيين على أنها من الشعر الشريف فعوضه عنها شيئا كثيرا، ولما توفي اتفق بنوه على إهدائها للمسجد الحسيني لتحفظ فيه مع الآثار النبوية، وكانت محفوظة عندهم في قارورة فتبرعت لها السيدة خديجة كبرى بناته بصندوق من الفضة وضعت فيه الزجاجة ولف بسبع لفائف من الديباج الأخضر، ثم حملت بالتعظيم والإجلال إلى المسجد فحفظت فيه مع الآثار وهي مجهولة المصدر لا يعلم من أين وقعت لهذا الحجازي. وفي سنة 1340 أو 1341 أضيفت إليها شعرات كانت بالرباط المعروف بتكية
6
الكلشني بشارع تحت الربع في قارورة مختومة بالشمع الأحمر ومحفوظة في صندوق من الخشب والزجاج موضوع في خزانة من الخشب والزجاج أيضا من الصناعة العربية البديعة، فرأى وزير الأوقاف نقلها إلى المسجد الحسيني وحفظها مع الآثار النبوية فنقلت، وأمرها أيضا مجهول لا يعلم من أين أتت للرباط، ثم في شوال سنة 1342 أحضرت الحاجة ملكة حاضنة الأمير كمال الدين ابن السلطان حسين سلطان مصر الساكنة بشارع المبتديان بالقاهرة قارورة صغيرة إلى المسجد الحسيني وأخبرت أن بها شعرات من اللحية النبوية الشريفة، وأنها تريد إهداءها لتحفظ مع الآثار فأجيبت إلى ذلك، وكانت القارورة ملفوفة بقطعتين من الديباج الأخضر وموضوعة في صندوق صغير مكسو بالمخمل الأحمر وملفوف بثلاث لفافات من الديباج الأخضر ثم بلفافة من المخمل البنفسجي مطرزة الحواشي، وهي خمس شعرات على ما يقال مجهولة الأصل أيضا. (2-2) شعرة رباط النقشبندية بالقاهرة
المعروف بتكية النقشبندية بشارع درب الجماميز عن يسار السالك به من ميدان باب الخلق وهي من إنشاء والي مصر عباس باشا الكبير، وسبب إنشائها أنه كان عظيم الاعتقاد في الشيخ محمد عاشق النقشبندي فطلب منه أن يبني له ولصوفيته مكانا للسكن والعبادة فبنى لهم هذه التكية سنة 1268، وجعل بها مصلى وحجرا للصوفية ودارا لشيخهم وأنشأ بها حديقة ووقف عليها أوقافا كثيرة، ثم لما توفي الشيخ محمد عاشق المذكور سنة 1300 دفن بها في مقصورة ولم يعقب ذكورا فتولى عليها سبطه السيد عثمان خالد وما زال بها إلى الآن، وكانت والدة عباس باشا المذكور لما حجت أحضرت معها من الحجاز شعرة أهديت إليها على أنها من الشعر الشريف، فلما حضرتها الوفاة سلمتها للشيخ محمد عاشق وطلبت منه حفظها بالتكية ليتبرك الناس بها، وهي ملصقة بقطعة من الشمع ومحفوظة في ثلاثة صناديق صغيرة الواحد داخل الآخر، وكان الشيخ يحتفل بإخراجها في ليلة المولد النبوي وليلة الإسراء ويدعو لذلك العلماء وكبار رجال الدولة والأعيان ويولم لهم، ثم يخرجها من الصناديق ويمسح بها على جفونهم ويناله منهم الشيء الكثير، ثم بطل هذا الاحتفال بعد موته وجعلها سبطه بصناديقها في صندوق أكبر منها علقه على المقصورة التي بها قبر جده، وهي باقية إلى اليوم كذلك . (2-3) شعرات القسطنطينية
أفادنا صديقنا العلامة السيد عبد الله مخلص
7
المقيم الآن بحيفا أنها كانت يوم تولي السلطان محمد رشاد بن عبد المجيد المعروف بمحمد الخامس
8
ثلاثا وأربعين شعرة محفوظة مع الأمانات المباركة، وأنه أهدى منها إلى بعض المدن بالمملكة العثمانية أربعا وعشرين وبقي تسع عشرة يرجح أنها باقية إلى اليوم؛ لأن الفترة التي تلت موت رشاد وتولى فيها وحيد الدين ثم عبد المجيد كانت فترة قلاقل وفتن، ثم تلاها عصر إلحاد ومروق من الدين ويبعد أن يفكر أحد في هاتين المدتين في الآثار النبوية وإهداء الشعرات الشريفة منها. قلنا: وقد علمنا أن السلطان رشادا أهدى ملكة بهوبال شعرة منها أيضا، فيكون الباقي الآن ثماني عشرة، والله أعلم. (2-4) شعرات أخرى بالقسطنطينية
كان المعروف أن ببعض مساجدها شعرات مفرقة بينها غير التي بالأمانات المباركة، وقد نقلت ثلاث منها إلى ثلاث مدن بفلسطين كما سيأتي، وأخبرنا أستاذنا العلامة الأكبر الشيخ عبد الرحمن قراعة الذي كان مفتيا بالمملكة المصرية عن المولى نوري أفندي آخر قضاة الدولة العثمانية بمصر أنه كان عنده شعرات نبوية، قال: وأظنه أخبرني أنها ثلاث كانت متوارثة في أسرة والدته وكانت خالته آخر من كان يحفظها منهم، ثم رأته أجدر بها منها فسلمتها إليه ليقوم بحفظها في حياته وتبقى في أسرته من بعد، ولا يعلم الآن عن هذه الشعرات ولا عن حافظها شيء وكان آخر العهد به حين فصلته الدولة المصرية عقب وقوع الحرب العظمى وسفرته مع أسرته إلى القسطنطينية، وبلغنا أنه جعل هناك شيخا للإسلام ثم لم نسمع عنه شيئا، ولاسيما بعد الانقلاب الكمالي الذي انتهكت فيه حرمة الدين وعلمائه. (2-5) شعرة المشهد الحسيني بدمشق
نامعلوم صفحہ