At-Tawdih ar-Rashid fi Sharh at-Tawhid

Khaldoun Naguib d. Unknown
88

At-Tawdih ar-Rashid fi Sharh at-Tawhid

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

اصناف

- الجَانُّ جَمْعُ جِنِّي، وَسُمُّوا بِالجِنِّ لِاجْتِنَانِهِم أَيْ: اسْتِتَارِهِم عَنِ الأنْظارِ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الجَنِيْنُ جَنِيْنًا لِأَنَّهُ لَا يُرَى فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَمِنْهُ المِجَنُّ الَّذِيْ يُتَّخَذُ فِي الحَرْبِ يَتَوَقَّى بِهِ المُقَاتِلُ سِهَامَ العَدُوِّ؛ فَهُوَ يُجِنُّهُ مِنَ السِّهَامِ، وَمِنْهُ الصَّوْمُ جُنَّةٌ أَيْ: سَاتِرٌ بَيْنَ العَبْدِ وَالمَعَاصِي وَالنَّارِ. (١) - الاسْتِعَاذَةُ بِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى مَنْهِيٌّ عَنْهَا مِنْ أَوْجُهٍ: (٢) ١) أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالاسْتِعَاذَةِ بِهِ. قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَعُوْذُ بِرَبِّ الفَلَقِ﴾ (الفَلَقْ:١)، وَهَذَا أَمْرٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ عِبَادَةٌ، فَجَعْلُهَا لِغَيْرِهِ شِرْكٌ. (٣) ٢) أَنَّ الاسْتِعَاذَةَ بِغَيْرِ اللهِ هِيَ مِنْ أَعْمَالِ المُشْرِكِيْنَ، لِأَنَّ الجِنَّ ذَكَرُوْهَا عَنِ الجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ سَمَاعِهِم لِلقُرْآنِ. ٣) أَنَّ غَيْرَ اللهِ تَعَالَى لَا يَمْلِكُ كَشْفَ الضُّرِّ، وَلَا جَلْبَ النَّفْعِ. قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُوْنَ مِنْ دُوْنِ اللهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ المُتَوَكِّلُوْنَ﴾ (الزُّمَر:٣٨). فَصَارَ ذَلِكَ مِنَ اتِّخَاذِ الأَنْدَادِ مَعَ اللهِ تَعَالَى. ٤) أَنَّ الاسْتِعَاذَةَ هِيَ مِنَ الدُّعَاءِ، وَدُعَاءُ غَيْرِ اللهِ تَعَالَى شِرْكٌ (٤)، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلا تَدْعُ مِنْ دُوْنِ اللهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِيْنَ﴾ (يُوْنُس:١٠٦). قَالَ الطَّبَرِيُّ ﵀ فِي التَّفْسِيْرِ (٥): (﴿فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِيْنَ﴾ يَقُوْلُ: مِنَ المُشْرِكِيْنَ بِاللهِ، الظَّالِمِيْ أَنْفُسِهِم).

(١) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ ﵀ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (٤٦٠/ ٦): (قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: (الجِنُّ عَلَى مَرَاتِبَ؛ فَالأَصْلُ جِنِّيٌّ، فَإِنْ خَالَطَ الإِنْسَ قِيْلَ: عَامِرٌ، وَمَنْ تَعَرَّضَ مِنْهُمْ لِلصِّبْيَانِ قِيْلَ: أَرْوَاحٌ، وَمَنْ زَادَ فِي الخُبْثِ قِيْلَ: شَيْطَانٌ، فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ قِيلَ: مَارِدٌ، فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ قِيْلَ: عِفْرِيْتٌ، وَقَالَ الرَّاغِبُ: العِفْرِيْتُ مِنَ الجِنِّ هُوَ العَارِمُ الخَبِيْثُ، وَإِذَا بُولِغَ فِيْهِ قِيْلَ: عِفْرِيْتٌ نِفْرِيْتٌ». (٢) مُسْتَفَادٌ مِنْ كِتَابِ (إِعَانَةِ المُسْتَفِيْدِ) (٢٥٧/ ١) لِلشَّيْخِ الفَوْزَانِ حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَى - وَبِتَصَرُّفٍ وَزِيَادَةٍ -. (٣) وَكَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿قُلْ رَبِّ أَعُوْذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِيْنِ، وَأَعُوْذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ﴾ (المُؤْمِنُوْن:٩٨). قُلْتُ: وَفِي الآيَةِ أُسْلُوْبُ الحَصْرِ فِي أَنَّ الاسْتِعَاذَةَ مِنَ الشَّيَاطِيْنِ تَكُوْنُ بِاللهِ وَحْدَهُ. (٤) وَكَمَا فِي نَفْسِ سُوْرَةِ الجِنِّ ﴿قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا﴾ (الجِنّ:٢٠). (٥) (٢١٩/ ١٥).

1 / 88