303

At-Tawdih ar-Rashid fi Sharh at-Tawhid

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

اصناف

بَابُ مِنَ الإِيْمَانِ بِاللهِ الصَّبْرُ عَلَى أَقْدَارِ اللهِ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيْمٌ﴾ (التَّغَابُن:١١). قَالَ عَلْقَمَةُ: (هُوَ الرَّجُلُ تُصِيْبُهُ المُصِيْبَةُ؛ فَيَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللهِ، فَيَرْضَى وَيُسَلِّمُ). (١)
وَفِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ ﷺ قَالَ: (اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ، وَالنِّيَاحَةُ عَلَى المَيِّتِ). (٢)
وَلَهُمَا عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ مَرْفُوْعًا: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُوْدَ وَشَقَّ الجُيُوْبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ). (٣)
وَعَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ ﷺ قَالَ: (إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدِهِ الخَيْرَ؛ عَجَّلَ لَهُ بِالعُقُوْبَةِ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ؛ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ). (٤)
وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (إِنَّ عِظَمَ الجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ البَلَاءِ، وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ). حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ. (٥)
فِيْهِ مَسَائِلُ:
الأُوْلَى: تَفْسِيْرُ آيَةِ التَّغَابُنِ.
الثَّانِيَةُ: أَنَّ هَذَا مِنَ الإِيْمَانِ بِاللَّهِ.
الثَّالِثَةُ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ.
الرَّابِعَةُ: شِدَّةُ الوَعِيْدِ فِيْمَنْ ضَرَبَ الخُدُوْدَ، وَشَقَّ الجُيُوْبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ.
الخَامِسَةُ: عَلَامَةُ إِرَادَةِ اللهِ بِعَبْدِهِ الخَيْرَ.
السَّادِسَةُ: عَلَامَةُ إِرَادَةِ اللهِ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ.
السَّابِعَةُ: عَلَامَةُ حُبِّ اللهِ لِلْعَبْدِ.
الثَّامِنَةُ: تَحْرِيْمُ السُّخْطِ.
التَّاسِعَةُ: ثَوَابُ الرِّضَا بِالبَلَاءِ.

(١) تَفْسِيْرُ الطَّبَرِيِّ (٤٢١/ ٢٣).
(٢) مُسْلِمٌ (٦٧).
(٣) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (١٢٩٧)، وَمُسْلِمٌ (١٠٣).
(٤) صَحِيْحٌ. التِّرْمِذِيُّ (٢٣٩٦). الصَّحِيْحَةُ (١٢٢٠).
قَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ ﵀: (عَنْ سِنَانِ بْنِ سَعْدٍ، أَوْ سَعْدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوْعًا، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: (حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ). قُلْتُ: وَسَعْدٌ هَذَا اخْتَلَفَ فِيْهِ الرُّواةُ؛ فَبَعْضُهُم يَقُوْلُ: سَعْدُ بْنُ سِنَانٍ، وَبَعْضُهُم عَلَى القَلْبِ: سِنَانُ بْنُ سَعْدٍ - وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ عِنْدَ البُخَارِيِّ -، قَالَ الحَافِظُ فِي التَّقْرِيْبِ: (صَدُوقٌ لهُ أَفْرَادٌ). وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيْثِ الحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ مَرْفُوْعًا بِهِ. أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيْحِهِ (٢٤٥٥) وَأَبْو نُعَيْمٍ فِي (أَخْبَارِ أَصْبَهَانَ) (٢/ ٢٧٤) وَالبَيْهَقِيُّ (ص١٥٣ - ١٥٤) وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، لَكِنَّ الحَسَنَ - وَهُوَ البَصْرِيَّ - مُدَلِّسٌ وَقَدْ عَنْعَنَهُ. وَلِشَطْرِهِ الأَوَّلِ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوْعًا. أَخْرَجَهُ ابْنُ الجَوْزِيِّ فِي (ذَمِّ الهَوَى) (ص ١٢٦».
(٥) صَحِيْحٌ. التِّرْمِذِيُّ (٢٣٩٦) عَنْ سَعْدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَنَسٍ. الصَّحِيْحَةُ (١٤٦).

1 / 303