171

At-Tawdih ar-Rashid fi Sharh at-Tawhid

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

اصناف

بَابُ مَا جَاءَ أَنَّ الغُلُوُّ فِي قُبُوْرِ الصَّالِحِيْنَ يُصَيِّرُهَا أَوْثَانًا تُعْبَدُ مِنْ دُوْنِ اللهِ
رَوَى مَالِكُ فِي المُوَطَّأ؛ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ ﷺ قَالَ: (اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ؛ اشْتَدَّ غَضَبُ اللهِ عَلَىَ قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُوْرَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ). (١)
وَلِابْنِ جَرِيرٍ بِسَنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ؛ عَنْ مَنْصُورٍ؛ عَنْ مُجَاهِدٍ: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالعُزَّى﴾ (النَّجْم:١٩) قَالَ: كَانَ يَلُتُّ لَهُمُ السَّوِيْقَ؛ فَمَاتَ فَعَكَفُوا عَلَى قَبْرِهِ. (٢)
وَكَذَا قَالَ أَبُو الجَوْزَاءِ؛ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (كَانَ يَلُتُّ السَّوِيْقَ لِلْحَاجِّ). (٣)
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄؛ قَالَ: (لَعَنَ رَسُوْلُ اللهِ ﷺ زَائِرَاتِ القُبُوْرِ وَالمُتّخِذِينَ عَلَيْهَا المَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ). رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ. (٤)
فِيْهِ مَسَائِلُ:
الأُوْلَى: تَفْسِيْرُ الأَوْثَانِ.
الثَّانِيَةُ: تَفْسِيْرُ العِبَادَةِ.
الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ ﷺ لَمْ يَسْتَعِذْ إِلَّا مِمَّا يُخَافُ وُقُوعُهُ.
الرَّابِعَةُ: قَرْنُهُ بِهَذَا اتِّخَاذَ قُبُوْرِ الأَنْبِيَاءِ مَسَاجِدَ.
الخَامِسَةُ: ذِكْرُ شِدَّةِ الغَضَبِ مِنَ اللهِ.
السَّادِسَةُ: وَهِيَ مِنْ أَهَمِّهَا؛ مَعْرِفَةُ صِفَةِ عِبَادَةِ اللَّاتِ - الَّتِيْ هِيَ مِنْ أَكْبَرِ الأَوْثَانِ -.
السَّابِعَةُ: مَعْرِفَةُ أَنَّهُ قَبْرُ رَجُلٍ صَالِحٍ.
الثَّامِنَةُ: أَنَّهُ اسْمُ صَاحِبِ القَبْرِ، وَذِكْرُ مَعْنَى التَّسْمِيَةِ.
التَّاسِعَةُ: لَعْنُهُ زَوَّارَاتِ القُبُوْرِ.
العَاشِرَةُ: لَعْنُهُ مَنْ أَسْرَجَهَا.

(١) صَحِيْحٌ. المُوَطَّأ (١٧٢/ ١) (وَلَكِنَّهُ عِنْدَهُ بِإِسْنَادٍ ضَعِيْفٍ، لِأَنَّهُ عَنْ عَطَاءٍ بْنِ يَسَارٍ، وَهُوَ مُرْسَلٌ)، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ (٧٣٥٨) بِإِسْنَادٍ صَحِيْحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعًا بِلَفْظ (اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا؛ لَعَنَ اللهُ قَوْمًا اتَّخَذُوا قُبُوْرَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ). أَحْكَامُ الجَنَائِزِ لِلشَّيْخِ (ص٢١٦) الأَلْبَانِيِّ ﵀.
(٢) تَفْسِيْرُ الطَّبَرِيِّ (٥٢٣/ ٢٢).
(٣) تَفْسِيْرُ الطَّبَرِيِّ (٥٢٣/ ٢٢).
(٤) صَحِيْحٌ بِلَفْظِ (زَوَّارَاتِ)، وَبِدُوْنِ لَفْظِ (السُّرُجِ). رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ (١٠٥٦) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَحَسَّان مَرْفُوْعًا.
قَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ ﵀ فِي كِتَابِهِ (تَمَامُ المِنَّةِ) (ص٢٥٧): (هَذَا الحَدِيْثُ - عَلَى شُهرتِهِ - ضَعِيْفُ الإِسْنَادِ؛ فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ بَاذَام عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبَاذَامُ ضَعَّفَهُ الجُمْهُوْرُ؛ بَلِ اتَّهَمَهُ بَعْضُهُم بِالكَذِبِ كَمَا ذَكَرْتُهُ فِي أَحْكَامِ الجَنَائِزِ، نَعَمْ؛ الحَدِيْثُ صَحِيْحٌ لِغَيْرِهِ بِلَفْظِ: (زَوَّارَات) لِأَنَّ لَهُ شَوَاهِدَ؛ غَيْرَ (السُّرُجِ) فَلَمْ أَجِدْ لَهُ شَاهِدًا فَيَبْقَى عَلَى ضَعْفِهِ).
وَقَالَ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ ﵀ أَيْضًا فِي كِتَابِهِ (أَحْكَامُ الجَنَائِزِ) (ص٢٣٢): (وَأَمَّا الجُمْلَةُ الأُوْلَى مِنَ الحَدِيْثِ فَصَحِيْحَةٌ؛ لَهَا شَاهِدَان مِنْ حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ (قُلْتُ: عِنْدَ ابْنِ مَاجَه، وَبِلَفْظِ زَوَّارَات) أَوْرَدْتُهُمَا فِي المَسْأَلَةِ (١١٩ ص ١٨٥،١٨٦). وَأَمَّا الجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ فَهِيَ صَحِيْحَةٌ أَيْضًا مُتَوَاتِرَةُ المَعْنَى). قُلْتُ: أَي بُدُوْنِ لَفْظِ السُّرُجِ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ ﵀ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (٢٠٠/ ٣) - فِي شَرْحِ حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا -: (وَقَالَ مُسْلِمٌ فِي (كِتَابِ التَّفْصِيْلِ): هَذَا الحَدِيْثُ لَيْسَ بِثَابِتٍ، وَأَبُو صَالِحٍ بَاذَام قَدْ اتَّقَى النَّاسُ حَدِيْثَهُ، وَلَا يَثْبُتُ لَهُ سَمَاعٌ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ).

1 / 171