بسم الله الرحمن الرحيم {طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى الرحمن على العرش استوى له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى}[طه:1-7].
وأمثال هذا النمط من القرآن الذي إذا صادف حياة في قلب صادق قد شم رائحة المحبة وذاق حلاوتها ، فقلبه لا يشبع من كلام محبوبه ولا يقر ولا يطمئن إلا به ، كان موقعه من قلبه كموقع وصال الحبيب بعد طول الهجران ، وحل منه محل الماء البارد في شدة الهجير من الظمأ ، فما ظنك بأرض حياتها بالغيث أصابها وابله ، أحوج ما كانت إليه ، فأنبت فيها من كل زوج بهيج ، قائم على سوقه يشكره ويثني عليه.
فهل يستوي عند الله تعالى وملائكته ورسوله والصادقين من عباده ، سماع هذا وسماع هذا ، وذوق هذا وذوق هذا ، فأهل سماع الغناء عبيد نفوسهم الشهوانية ، يعلمون السماع طلبا للذة النفس ونيلا لحظها الباطل ، فمن لم يميز بين هذين السماعين ، والذوقين فليسأل ربه بصدق ، رغبته إليه أن يحيي قلبه الميت ، وأن يجعل له نورا يستضيء به في ظلمات جهله ، وأن يجعل له فرقانا فيفرق به بين الحق والباطل ، فإنه قريب مجيب.
فصل
صفحہ 36