ثم شرع له رفع اليدين عند الركوع تعظيما لأمر الله ، وزينة للصلاة ، وعبودية خاصة لليدين كعبودية باقي الجوارح ، واتباعا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حلية الصلاة ، وزينتها وتعظيم لشعائرها.
ثم شرع له التكبير الذي هو في انتقالات الصلاة من ركن إلى ركن ، كالتلبية في انتقالات الحاج ، من مشعر إلى مشعر ، فهو شعار الصلاة ، كما أن التلبية شعار الحج ،(مميز ليعلم أن سر الصلاة هو تعظيم الرب تعالى وتكبيره بعبادته وحده. )
عبودية الركوع
ثم شرع له بأن يخضع للمعبود سبحانه بالركوع خضوعا لعظمة ربه ، واستكانة لهيبته وتذللا لعزته.
فثناء العبد على ربه في هذا الركن ؛ هو أن يحني له صلبه ، ويضع له قامته ، وينكس له رأسه ، ويحني له ظهره ، ويكبره معظما له ، ناطقا بتسبيحه ، المقترن بتعظيمه.
فاجتمع له خضوع القلب ، وخضوع الجوارح ، وخضوع القول على أتم الأحوال ، ويجتمع له في هذا الركن من الخضوع والتواضع والتعظيم والذكر ما يفرق به بين الخضوع لربه ، والخضوع للعبيد بعضهم لبعض ، فإن الخضوع وصف العبد ، والعظمة وصف الرب .
وتمام عبودية الركوع أن يتصاغر الراكع ، ويتضاءل لربه ، بحيث يمحو تصاغره لربه من قلبه كل تعظيم فيه لنفسه ، ولخلقه ويثبت مكانه تعظيمه ربه وحده لا شريك له .
إذا عظم القلب الرب خرج تعظيم الخلق
وكلما استولى على قلبه تعظيم الرب ، وقوى خرج منه تعظيم الخلق ، وازداد تصاغره هو عند نفسه فالركوع للقلب بالذات ، والقصد والجوارح بالتبع والتكملة.
ثم شرع له أن يحمد ربه ، ويثني عليه بآلائه عند اعتداله وانتصابه ورجوعه إلى أحسن هيئاته ، منتصب القامة معتدلها فيحمد ربه ويثني عليه بآلائه عند اعتداله وانتصابه ورجوعه إلى أحسن تقويم ، بأن وفقه وهداه لهذا الخضوع الذي قد حرمه غيره.
صفحہ 18