35

كانت موريل قد تجاوزت الثلاثين من عمرها، ولم تتزوج قط، وكان الزواج موضوعا تناقشه على الملأ بسخرية وأسى، لا سيما كلما كان بورتر موجودا. كانت تسأل: «ألا تعرف أي رجال يا بورتر؟ ألا تدلني على رجل محترم؟» وكان بورتر يقول إنه ربما يفعل، لكنها ربما لن تراهم محترمين. في الصيف، كانت موري تزور أختا لها في مونتريال، وذات مرة ذهبت للإقامة لدى بعض بنات العم اللائي لم تلتق بهن من قبل في فيلادلفيا، لكنها كانت تراسلهن فحسب. وأول ما أخبرت عنه حين عودتها كان وضع الرجال في مونتريال، حيث قالت: «مأساة! كلهم يتزوجون في سن الشباب. وهم كاثوليك، وزوجاتهم لا يمتن قط، بل ينشغلن كثيرا بالإنجاب. ثمة رجل كان مرشحا لي، لكنني أدركت فورا أنه لن يناسبني أبدا؛ فقد كان إمعة يتبع أمه.»

ثم استطردت قائلة: «التقيت رجلا، لكن كان فيه عيب خطير؛ لم يكن يقلم أظفار قدميه الطويلة الصفراء. حسنا، ألن تسألوني كيف عرفت؟»

كانت موريل تتشح دوما بدرجة من درجات الأزرق. كانت ترى أن المرأة عليها أن تختار اللون الذي يناسبها حقا، ولا تكف عن ارتدائه، شأنه شأن عطرها. ينبغي أن تكون ملابسها عنوانها.

كان من الشائع أن اللون الأزرق هو اللون المحبب إلى الشقراوات، لكن هذا لم يكن صحيحا؛ فالأزرق عادة ما يجعل الشقراوات يزددن شحوبا مما هن عليه في الأساس. الأزرق يناسب ذوات البشرة السمراء سمرة خفيفة، كبشرة موريل التي لم تفقد كليا سمرتها المكتسبة قط. الأزرق يناسب الشعر البني والعينين البنيتين كعينيها تماما. لم تكن تبخل على نفسها قط فيما يتعلق بالملابس - كان من الخطأ أن تفعل ذلك. كانت أظفارها دوما مطلية بلون زاه ولافت للنظر؛ لون الخوخ أو الأحمر القاني أو حتى بلون الذهب. كانت قصيرة القامة مكتنزة، وعودت نفسها على ممارسة التمارين الرياضية للحفاظ على خصرها المتناسق. كانت لديها شامة داكنة اللون في مقدم عنقها؛ شامة كجوهرة على سلسلة خفية، وشامة أخرى أشبه بدمعة على طرف عينها.

قالت ميليسينت ذات يوم وقد اعترتها دهشة أن توصلت إلى ذلك الوصف: «الكلمة التي تصفك الوصف الأمثل ليست جميلة، بل ساحرة.» ثم احمرت خجلا من مجاملتها الشخصية؛ إذ أدركت أنها بدت طفولية ومبالغة.

احمرت موريل خجلا هي الأخرى بعض الشيء، ولكن بشيء من المتعة؛ فقد كانت تعشق إعجاب الآخرين بها، بل تلتمسه صراحة أيضا. ذات مرة، عرجت على ميليسينت في طريقها إلى حفل موسيقي في مدينة والي عقدت آمالها على أن يؤمن لها بعض الجوائز؛ كانت ترتدي ثوبا أزرق فاتحا ثلجي اللون يتلألأ.

قالت: «وهذا ليس كل شيء؛ فكل ما أرتديه جديد، وكل ملابسي حريرية.»

ليس صحيحا أنها لم تجد رجلا قط، فقد عثرت على رجال كثر، لكنها لم تجد فيهم من يستحق أن تدعوه لتناول العشاء. عثرت عليهم في بلدات أخرى حيث صحبت جوقتها إلى حفلات مجموعات الجوقة، وفي تورونتو في حفلات العزف المنفرد على البيانو التي ربما تصحب فيها طالبا واعدا. وأحيانا ما كانت تعثر عليهم في بيوت طلابها؛ كانوا أعمام هؤلاء الطلاب أو آباءهم أو جدودهم، والسبب وراء أن أحدا منهم لم يكن يطأ بيت ميليسينت - بل كانوا يلوحون تارة بفجاجة، وتارة باستعراض من سياراتهم المنتظرة بالخارج - هو أنهم كانوا متزوجين. ربما كانت زوجاتهم طريحات الفراش، أو معاقرات للخمر، أو شرسات. وأحيانا لا يذكر رفيقها شيئا عن زوجته، فتبدو وكأنها شبح. رافقوا موريل إلى الاحتفالات الموسيقية حيث كان اهتمامهم بالموسيقى هو العذر الحاضر، حتى إنها ذات مرة اصطحبت طفلا موهوبا كوصيف! كانوا يدعونها إلى العشاء في بلدات نائية، وكانت تصفهم بالأصدقاء. دافعت ميليسينت عنها، ما الضرر إذا كانت العلاقة كلها في العلن؟ لكنها لم تكن كذلك تحديدا، وكانت تنتهي بسوء فهم وكلمات قاسية وتصرفات مسيئة، وربما تحذير من مجلس إدارة المدرسة. كان على الآنسة سنو أن تحسن التصرف. كان الناس يرونها مثالا سيئا؛ زوجة عبر الهاتف، فيحادثها أحدهم قائلا: «آنسة سنو، يؤسفني أننا بصدد إنهاء العلاقة.» أو ببساطة يلزم الصمت، فلا يعاود الاتصال بها مجددا؛ ومن ثم، كانت بين موعد لا يحترم، أو رسالة تقابل بالتجاهل، أو اسم لا يأتي ذكره مجددا.

قالت موريل: «لا أنتظر الكثير، أنتظر من الأصدقاء أن يكونوا أصدقاء، وفجأة أراهم ينسحبون عند أول مشكلة تلوح في الأفق بعد أن يزعموا أنهم سيدعمونني دوما. لم يحدث ذلك؟»

قالت ميليسينت ذات مرة: «حسن، أنت تعرفين يا موريل، الزوجة زوجة. لا بأس من أن يكون للمرء أصدقاء، لكن الزواج زواج، ولا مساس به.»

نامعلوم صفحہ