اعلی مقاصد
أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب
تحقیق کنندہ
مصطفى عبد القادر عطا
ناشر
دار الكتب العلمية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
1418 ہجری
پبلشر کا مقام
بيروت
النَّبِي ﷺ الْعشَاء فِي آخر حَيَاته فَلَمَّا سلم قَامَ فَقَالَ: أَرَأَيْتكُم ليلتكم هَذِه فَإِن رَأس مائَة سنة مِنْهَا لَا يبْقى مِمَّن هُوَ على ظهر الأَرْض أحد. وَلَا يشكل هَذَا فِي حَيَاة الدَّجَّال لآخر الْوَقْت كَمَا صحت الْأَخْبَار بذلك؛ لِأَن الدَّجَّال أحد أَبَوَيْهِ جني فَهُوَ تَابع للجن فِي طول الْحَيَاة وينضم لهَذِهِ الدَّلَائِل قَوْله ﷺ يَوْم بدر: " اللَّهُمَّ إِن تهْلك هَذِه الْعِصَابَة لَا تعبد فِي الأَرْض، وَلَو كَانَ الْخضر حَيا لَكَانَ يعبده - سُبْحَانَهُ تَعَالَى -. أما مَا ورد من أَنه اجْتمع بِالنَّبِيِّ ﷺ فخبر بَاطِل وَكَذَا مَا رَوَاهُ الْحَاكِم أَنه حضر موت رَسُول الله ﷺ فَإِنَّهُ مَوْضُوع وَكَذَا مَا ورد فِي مَوته كَحَدِيث لَو كَانَ الْخضر حَيا لزارني فَإِنَّهُ مَوْضُوع أَيْضا وَبِالْجُمْلَةِ فَكل مَا ورد فِي حَيَاته أَو مَوته غير صَحِيح. وَأما اجتماعه بالأولياء ﵃ فَيحمل على روحه وَأَنَّهَا تتشكل بصورته فالأرواح لَهَا تصرف بعد الْمَوْت كالحياة، وَيدل لهَذَا أَن من يرَاهُ من النَّاس يرَاهُ هُوَ وَحده لَا غَيره وَلَو كَانَ جسما لرآه كل حَيّ مر بِهِ؛ لِأَنَّهُ آدَمِيّ لَا ملك وَلَا جني فرؤيته ورؤية النَّبِي ﷺ جهارًا لبَعض الْأَوْلِيَاء رُؤْيَة نورانية وَهِي من رُؤْيَة الْمِثَال لَا فِي عَالم الشُّهُود؛ لِأَنَّهُ لَو كَانَ فِي عَالم شُهُود الشَّخْص كَانَ فِي جملَة الخيال والهدس أَو حَدِيث النَّفس وللأولياء أَحْوَال لَا يقدرُونَ أَن يعبروا عَنْهَا كَيفَ يعبر عَنْهَا غَيرهم وَلَا نظن بهم إِلَّا خيرا - رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ -.
(فَائِدَة:)
حَيَاة الْأَنْبِيَاء - عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام - برزخية لَا تشبه الْحَيَاة الدُّنْيَا وَلَا تشبه النّوم وَلَا هِيَ كموت بَقِيَّة الْخلق، بل يحفظ الله أجسامهم الْكَرِيمَة عَن البلى والفناء، وَيُعِيد عَلَيْهِم من نور الْأَرْوَاح سرا فِي بعض الْأَوْقَات بِأَمْر مَا وَقد وَردت أَحَادِيث تدل على ذَلِك مِنْهَا: أَن الصَّلَاة من أمته تعرض عَلَيْهِ وَفِي بَعْضهَا أَن الله تَعَالَى يرد عَلَيْهِ روحه ليرد على من سلم عَلَيْهِ وَفِي بَعْضهَا: أَن من سلم غَائِبا يبلغهُ بِوَاسِطَة الْملك وَأَن من سلم عَلَيْهِ قَرِيبا يسمعهُ وَفِي بَعْضهَا: أَن قيل لَهُ: كَيفَ تعرض عَلَيْك الْأَخْبَار بمجموعها تدل على حَيَاته وحياة جَمِيع الْأَنْبِيَاء - عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام - وَلكنهَا على نَحْو مَا وصف لَا كحياتنا؛ لِأَنَّهُ لما قبض رَسُول الله ﷺ كَانَ كَبَقِيَّة الْمَوْتَى من حَيْثُ فقد الرّوح وخروجها من الْجِسْم الْكَرِيم وَلَو كَانَت حَيَاته كحياتنا لخاطبهم حِين اخْتلفُوا فِي أَمر الْخلَافَة وَفِي مَحل دَفنه وَفِي أَمر مِيرَاثه حِين اخْتلفت فَاطِمَة وَأَبُو بكر ﵄ على ذَلِك وعَلى الأَرْض الَّتِي ادعتها من أَرض فدك بنواحي خَيْبَر وَأَنه أَعْطَاهَا لَهَا وكالخلاف بَين عَليّ وَعَائِشَة وَبَين عَليّ وَمُعَاوِيَة ﵃ أَجْمَعِينَ - فظهوره ﷺ للصحابة لنزع الخلافات الْمَذْكُورَة وهم أولى النَّاس بِهَذِهِ الْكَرَامَة، بل هم أكْرم الْخلق بعده أولى وأهم من ظُهُوره لغَيرهم وَهَذَا بَين جلي فَعلم أَن حَيَاة الْأَنْبِيَاء لَا تدْرك
1 / 356