اسلحہ نوویہ: مختصر تعارف
الأسلحة النووية: مقدمة قصيرة جدا
اصناف
كالمنتظر منه - ودفاعا عن قرار حكومته بتحديث منظومة الأسلحة النووية ترايدنت واستبدالها - رد رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير على المعارضة بتوضيح أن معاهدة عدم الانتشار النووي لم تلزم الدول الأعضاء بالنزع الكامل للسلاح، وإنما بعقد المفاوضات الخاصة بالإجراءات الفعالة، وأن حكومته قد أوفت بهذا التعهد بالفعل. لقد قلصت الحكومة البريطانية بالفعل القوة التفجيرية لأسلحتها النووية بنسبة 70 بالمائة منذ نهاية الحرب الباردة، وتخلت عن القنابل المحمولة بواسطة قاذفات استراتيجية، وقللت الاستعداد التشغيلي لغواصاتها النووية الأربع من طراز «فاجارد»، التي تحمل الواحدة منها ستة عشر صاروخا بالستيا من صواريخ ترايدنت زودتها بها الولايات المتحدة، وكل صاروخ منها مزود بما يصل إلى ثلاثة رءوس حربية. وعلى أي حال، في أي وقت بعينه تكون هناك غواصة واحدة فقط عاملة، وستحتاج قبل أن تطلق صواريخها إلى إشعار مسبق قبلها بعدة أيام. وفي الرابع والعشرين من فبراير 2007 جذبت مظاهرات «لا للصواريخ ترايدنت» أكثر من مائة ألف محتج إلى شوارع لندن لمطالبة الحكومة بوقف خططها القاضية ببناء جيل جديد من الأسلحة النووية يحل محل ترايدنت. كانت هناك أيضا مقاومة ملموسة من جانب أعضاء مجلس العموم عن حزب العمال، وصوت عدد كاف منهم ضد مقترح استبدال الصواريخ ترايدنت، وهو ما أجبر توني بلير على التماس الدعم من المحافظين. وبنهاية شهر مارس حقق بلير مبتغاه: غواصة بديلة، بما في ذلك الصواريخ والرءوس الحربية، وحتى هذه الغواصة، فسيستغرق تصنيعها ما لا يقل عن سبعة عشر عاما.
ميراث الحرب الباردة
منذ نهاية الحرب الباردة صارت مشكلة انتشار الأسلحة النووية أكثر تعقيدا، لا أقل. وقد لعب ميراث الحرب الباردة دورا مهما. فبعد سقوط حائط برلين وانهيار الإمبراطورية السوفييتية، كان التحدي الأول هو تفكيك ما أسماه الزعيم السوفييتي السابق ميخائيل جورباتشوف «البنية التحتية للخوف» التي هيمنت على علاقات الأمن العالمي خلال الحرب الباردة، وأعلنت واشنطن وموسكو انتهاء سباقات التسلح مع توقيع معاهدة ستارت في أغسطس 1991. إن وقف سباق التسلح أمر، لكن التخلص من مخزون الأسلحة أمر مختلف بصورة كلية.
من الصعب أن نجد من يستطيع تقديم حجة مقنعة تفسر استمرار احتياج الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي لآلاف الأسلحة النووية العاملة في مخازنها بعد كل هذه السنوات من انتهاء الحرب الباردة. فاليوم - وفقا لوزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت ماكنمارا - تنشر الولايات المتحدة قرابة 4500 رأس حربي نووي هجومي استراتيجي فيما ينشر الروس نحو 3800 رأس. (القوة الاستراتيجية للمملكة المتحدة وفرنسا والصين أصغر من ذلك كثيرا؛ إذ يصل عدد الأسلحة النووية في ترسانة كل دولة من هذه الدول إلى ما بين 200 و400 سلاح نووي. أما أحدث أعضاء النادي النووي - الهند وباكستان - فتملك الواحدة منهما أقل من مائة رأس نووي.) ومن بين الثمانية آلاف رأس حربي نشط أو عامل تملكها الولايات المتحدة - وكل رأس منها ذو قوة تدميرية تزيد بعشرين ضعفا على قوة قنبلة هيروشيما - فإن ألفي رأس من هذه الرءوس موضوعة رهن الإطلاق الفوري، بحيث تكون جاهزة للإطلاق في غضون خمس عشرة دقيقة لو لزم الأمر. علاوة على ذلك، تظل الولايات المتحدة مستعدة للبدء في استخدام هذه الأسلحة ضد دولة نووية أو غير نووية رهن قرار شخص واحد؛ الرئيس، وذلك وقتما يرى الرئيس أن هذا الاستخدام يصب في مصلحة البلاد.
أحد أكثر مخاوف خبراء الأمن وصناع السياسات في أوائل التسعينيات إلحاحا كان تأمين أسلحة الاتحاد السوفييتي بعد انهياره. وفي عام 1991 بعد تفكك الاتحاد السوفييتي تبقت أسلحة نووية في الجمهوريات السوفييتية السابقة أوكرانيا وروسيا البيضاء وكازاخستان. وقد اقتنعت هذه الدول حديثة الاستقلال - والتي أصبحت منذ مولدها دولا نووية - في نهاية المطاف بالتخلي عن الأسلحة التي ورثتها، وتمت إعادة جميع هذه الأسلحة إلى روسيا، وإن لم يمر الأمر دون قلق بالغ؛ فتخلي هذه الدول حديثة الاستقلال عن أوراقها الرابحة القوية لم يكن بالأمر المضمون. وقد ساعد برنامج «نان- لوجار» - بتمويل أمريكي سخي من أجل تأمين هذه الأسلحة - في تحقيق هذا الانتقال بنجاح. إن العدد الكبير للأسلحة النووية، حتى مع اقترانه بمثل هذا التوزيع المحدود، أوضح بجلاء مشكلة التحكم والسيطرة والتأمين في بيئة ذات بنية تحتية عسكرية متداعية. فالتهديد الذي يواجهه المجتمع الدولي خطير بحق، سواء كان سبب ذلك سعي جهة عسكرية تفتقر إلى الأموال إلى تسييل جزء من أصولها عن طريق بيع أسلحة نووية، أو تسبب إجراءات التأمين المهلهلة في السماح بسرقة مثل هذه الأسلحة.
بدت المشكلة أكثر إثارة للمخاوف في ظل انتشار هذه الأسلحة خارج حدود الدول التي تملكها. فإبان الحرب الباردة نشرت كلتا القوتين العظميين عشرات الآلاف من الأسلحة النووية والصواريخ الناقلة القادرة على حمل رءوس نووية خارج حدودها تحت مسميات مثل الدفاع المبكر والتموضع السابق. وقائمة المواقع التي وضعت فيها أسلحة نووية أمريكية - سواء تكتيكية أو استراتيجية - خارج الولايات المتحدة طويلة على نحو مثير للدهشة، وتضم: ألاسكا، كندا، جرينلاند، جوام، هاواي، اليابان، جزر جونستون، كواجالين، ميدواي، المغرب، الفلبين، بورتوريكو، كوريا الجنوبية، إسبانيا، تايوان، بلجيكا، فرنسا، اليونان، إيطاليا، هولندا، تركيا، المملكة المتحدة، ألمانيا الغربية. وفي أوروبا وحدها نشرت الآلاف من الأسلحة النووية الأمريكية منذ سبتمبر 1954 في عملية متواصلة من الإحلال بفعل التقادم، ووصل العدد ذروته في عام 1971؛ إذ بلغ نحو 7300 سلاح نووي.
قلص عدد الأسلحة النووية الأمريكية المنتشرة خارج البلاد على نحو بالغ منذ تفكك الاتحاد السوفييتي. وفي عام 1991 أمر الرئيس جورج بوش الأب بسحب كافة الأسلحة النووية التكتيكية ذات القواعد الأرضية والبحرية من مواقعها خارج البلاد. لكن تظل الولايات المتحدة الدولة الوحيدة المحتفظة بأسلحة نووية ذات قواعد أرضية خارج حدودها (تواصل دول أخرى احتفاظها بأسلحة ذات قواعد بحرية أو جوية). ويبلغ عدد الأسلحة النووية الأمريكية الموجودة في أوروبا نحو 480 سلاحا نوويا.
الردع النووي في حقبة ما بعد الحرب الباردة
بشر تفكك الاتحاد السوفييتي بواقع جديد لم يعد فيه «احتمال قيام الاتحاد السوفييتي بغزو أوروبا دون إنذار مسبق تهديدا واقعيا». تبنى جورباتشوف هذا الرأي، واصفا إياه بثورة في التفكير الاستراتيجي؛ إذ لم يعد التهديد بالحرب هو الرادع عن الحرب. وكما قال: «هدفنا التالي هو الاستغلال الأمثل لهذه النقلة العظيمة من أجل جعل نزع السلاح عملية لا يمكن الرجوع فيها.»
لكن بحلول اعتلاء بيل كلينتون سدة الرئاسة، كانت نشوة نهاية الحرب الباردة في سبيلها للانسحاب لصالح التحليلات الأكثر واقعية. فقد صار من الجلي على نحو متزايد أن المشكلات المرتبطة بالأسلحة النووية لم تختف بالفعل، بل اتخذت شكلا مختلفا وحسب. وبدلا من أن تدشن نهاية الحرب الباردة حقبة جديدة من السلم والأمن العالميين، فإنها مهدت الطريق إلى عدم الاستقرار وطفو القضايا الإقليمية - التي لطالما ظلت مكبوتة - على السطح مجددا. وصارت أسماء مناطق مثل سراييفو وكوسوفو ورواندا مألوفة للجميع.
نامعلوم صفحہ