وقد عمر علقمة طويلًا، وتوفي عام ٥٦١، ويروي بعض الباحثين أنه عمر بعد ذلك طويلًا وتوفي ٢٦٥؛ وله أبناء شعراء منهم خالد، وعلي، ولعلي ابن شاعر اسمه عبد الرحمن.
شرح المختار من شعر علقمة
- ١ - قال علقمة بن عبدة يمدح الحارث بن أبي شمر الغساني:
طحا بك قلب في الحسان طروب ... بعيد الشباب عصر حان مشيب
يكلفني ليلي وقد شط وليها ... وعادت عواد بيننا وخطوب
منعمة لا يستطاع كلامها ... على بابها من أن تزار رقيب
إذا غاب عنها البعل لم تفش سره ... وترضى إياب البعل حين يؤوب
فلا تعدلي بيني وبين مغمر ... سقتك روايا المزن حيث تصوب
سقاك يمان ذو حي وعارض ... تروح به جنح العشي جنوب
وما أنت أم ما ذكرها ربعية ... يخط لها من ثرمداء قليب
فإن تسألوني بالنساء فإنني ... بصير بأدواء النساء طبيب
إذا شاب رأس المرء أو قل ماله ... فليس له من ودهن نصيب
يردن ثراء المال حيث علمنه ... وشرخ الشباب عندهن عجيب
فدعها وسل الهم عنك بحسرة ... كهمك فيها بالرداف خبيب
وناجية أفنى ركيب ضلوعها ... وحاركها تهجر فدؤوب
وتصبح عن غب السرى وكأنها ... مولعة تخشى القنيص شبوب
تعفق بالأرطى لها وأرادها ... رجال فبذت نبلهم وكيب
إلى الحارث الوهاب أعملت ناقتي ... لكلكلها والقصر بين وجيب
لتبلغني دار امرئ كان نائيًا ... فقد قربتني من نداك قروب
إليك "أبيت اللعن" كان وجيفها ... بمشتبهات هو لهن مهيب
تتبع أفياء الظلال عشية ... على طرق كأنهن سبوب
هداني إليك الفرقدان ولاحب ... له فوق أصراء المتان علوب
بها جيف الحسرى فأما عظامها ... فبيض، وأما جلدها فصليب
فأوردتها ماء كأن جمامه ... من الأجن حناء معًا وصبيب
تراد على دمن الحياض فإن تعف ... فإن المندى رحلة فركوب
وأنت امرؤ أفضت إليك أمانتي ... وقبلك ربتني فضعت ربوب
فأدت بنو كعب بن عوف ربيبها ... وغودر في بعض الجنود ربيب
فوالله لولا فارس الجون منهم ... لآبوا خزايا والإياب حبيب
تقدمه حتى تغيب حجوله ... وأنت لبيض الدارعين ضروب
مظاهر سربالي حديد عليهما ... عقيلًا سيوف مخذم ورسوب
فجالدتهم حتى اتقوك بكبشهم ... وقد حان من شمس النهار غروب
تجود بنفس لا يجاد بمثلها ... وأنت بها يوم اللقاء تطيب
قاتل من غسان أهل حفاظها ... وهنب وقاس جالدت وشبيب
تخشخش أبدان الحديد عليهم ... كما خشخشت يبس الحصاد جنوب
كأن رحال الأوس تحت لبانه ... وما جمعت جل معًا وعنيب
رغا فويهم سقب السماء فداحض ... بشكته لم يستلب وسليب
كأنهم صابت عليهم سحابة ... صواعقها لطيرهن دبيب
فلم تنج إلا شطبة بلجامها ... وإلا طمر كالقناة نجيب
وإلا كمي ذو حفاظ كأنه ... بما ابتل من حد الظبات خضيب
وفي كل حي قد خبطت بنعمة ... فحق لشأس من نداك ذنوب
وما مثله في الناس إلا قبيله ... مساو ولا دان لذاك قريب
فلا تحرمني نائلًا عن جنابة ... فإني امرؤ وسط القباب غريب
فلست لإنسي ولكن لملاك ... تنزل من جو السماء يصوب
- ٢ - وقال علقمة أيضًا:
هل ما علمت وما استودعت مكتوم ... أم حبلها إذ نأتك اليوم مصروم
أم هل كبير بكى لم يقض عبرته ... إثر الأحبة يوم البين مشكوم
لم أدر بالبين حتى أزمعوا طعنًا ... كل الجمال قبيل الصبح مزموم
رد الإماء جمال الحي فاحتملوا ... فكلها بالتزيديات معكوم
عقلًا ورقمًا تظل الطير تتبعه ... كأنه من دم الأجواف مدموم
يحملن أترجة نضج العبير بها ... كأن تطيابها في الأنف مشموم
كأن فارة مسك في مفارقها ... للباسط المتعاطي وهو مزكوم
فالعين مني كأن غرب تحط به ... دعماء حاركها بالقنب محزوم
قد عريت حقبة حتى استطف لها ... كتر كحافة كير القين ملموم
كأن غسلة خطمي بمشفرها ... في الخد منها وفي اللحيين تلغيم
1 / 25