والكتب المنزلة نفسها تتباين في صفات سليمان، ولكنها تتفق على أن الله آتاه الحكمة والمجد والغنى، فتقول التوراة: إن سليمان طلب من الله أن يهبه قلبا فهما ليحكم بين شعبه ويميز بين الخير والشر، وتجلى له الرب في الحلم، وقال له: «ها أنا ذا قد أعطيتك قلبا حكيما فهما، حتى إنه لم يكن قبلك مثلك ولا يقوم بعدك نظيرك، وأيضا ما لم تسله قد أعطيتك إياه الغنى والمجد حتى لا يكون رجل مثلك في ملوك كل أيامك.»
ويقول الإنجيل: «ملكة التيمن (اليمن) أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان.»
وفي سورة سبأ في القرآن: (وسخرنا)
لسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير .
وفي سورة النمل:
وورث سليمان داوود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين * وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون .
واسم ملكة سبأ في الأسطورة وأقوال المؤرخين هو بلقيس، أما الكتب المنزلة فلا تعطيها اسما، ففي الفصل العاشر من سفر الملوك الثالث في التوراة: «وسمعت ملكة سبأ بخبر سليمان واسم الرب، فقدمت لتختبره بأحاجي» والإنجيل يدعوها ملكة التيمن، والقرآن يذكر أنها ملكة سبأ:
وجئتك من سبإ بنبإ يقين * إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم
وكلها تتفق على الإشارة إلى مجد ملكة سبأ وعزتها.
والأسطورة والمؤرخون يزوجون سليمان ببلقيس، أما الكتب المنزلة فلا تذكر شيئا من ذلك، فالتوراة تكتفي بقولها: «وأعطى سليمان ملكة سبأ كل بغيتها التي سألتها فوق ما أعطاها من العطايا على حسب كرم الملك سليمان، وانصرفت وذهبت إلى أرضها وعبيدها»، وليس في الحواشي المعلقة على سفر الملوك الثالث ما يفسر المراد من إعطائه إياها كل بغيتها، وربما أريد بذلك أنه أعطاها ما ابتغته من تفسير الأحاجي التي حملتها معها، وبعيد أن تكون قد ابتغت منه أن يتزوجها، والفصل الحادي عشر من سفر الملوك الثالث يعد زوجات سليمان سبعمائة زوجة وثلاثمائة سرية، ولا يذكر بلقيس ولا ذكرتها الفصول الأخرى، فلو كان سليمان قد تزوجها لذكرت التوراة ذلك كما ذكرت زواجه ببنت فرعون، ولم تكن بنت فرعون بأعز من بلقيس. والأسطورة تسخر الجن لسليمان فيبنون له تدمر، قال النابغة الذبياني في داليته «يا دار مية»:
نامعلوم صفحہ