أيها المعجب ... قف قليلا وانظر خلال غبار القرون، وتناول هذا الكتاب ثم قلب صفحاته المهلهلة بيد رفيقة؛ اقرأني ولا تكلني للموت!
تقص هذه الرسائل الذابلة، والمس المناعة في هذا الغلاف الحزين، تجدني ملء قلبك وسمعك، فقد كنت يوما ذات هذا الكتاب!
عندما تحول هذه الشرايين أليافا في جسم الأرض، فانظر إلى هذين المحجرين الغائرين، تحت هذا الحب النامي المستوفز لعودة الربيع، وهو يخترقهما بجذوره المنطلقة انطلاق النيازك المنقضة، واشهد هذه العروق الوردية، وهي تهوي إلى قرارة هذا الأصيص الأسود (يعني جمجمته) ثم تنفتل لتصوب صعدا كأنما تتنسم المطر!
أيها الصبية ... أيتها الصبايا، إذا استلقيتم تحت هذا السياج، وأخذتم بأسباب النجوى، فاذكروني ولا تكلوني للفناء؛ أيها الشبان، أيتها الشابات، أنتم أيها المتخطرون في الغابات محدقين إلى طلع الغار الوردي، مستغرقين في البكاء والعتاب، امزجوني بعهودكم ووعودكم.
لا تتركوني للموت! أيها المزارعون الرائحون تحت الغيم الرقيق، وتحت الشمس المتلألئة، واذكروني عندما تهيئون حصادكم، وتجمعون الحب من ذوائب الشجرات اليابسة، وعندما يلوح لفح الظهيرة القائظة ثمر الفرصاد فيستحيل جنى شهيا.
وأنتم أيها الرعاة المتطلعون من أعالي التلال، حيث المروج الخضر وسنانة تحلم بجلجلة الأجراس، مرنة في أعناق القطيع الأمعط.
وأنتم أيها الملاحون! أيها الصارخون في صخب العاصفة، أيها الصيادون التائهون في صقيع الشتاء وفي بهر الجليد الأشهب.
اذكروني ولا تكلوني للموت!!
أيها الرجال! يا من يشتهون الرقاد، ويا من يشترون باليقظة لحظات من المرح، إذا ما مرت بكم أغنية قديمة، ذات روعة وصفاء، فاذكروني، إنها صادرة مني.
أيتها النساء المكدودات، أيتها المتلمسات شيئا من الراحة إلى أن يغلي القدر، انتزعن مني بعض السلوى وخذن مني مسراتكن؛ وأنتن أيتها الباكيات في أعماقهن حتى لا يكدرن بالبكاء نوم الرجال، امزجنني ببكائكن.
نامعلوم صفحہ