Articles from Dorar.net
مقالات موقع الدرر السنية
ناشر
موقع الدرر السنية dorar.net
اصناف
وهكذا جعل هذا الزنديق المأفون لزومَ الشرع المنزَّل حجابًا.
إن الحجاب حقيقة هو الإعراض عن محبة الله - تعالى - وقصده وعبادته، وتنكُّب سبيل السُّنة والاتباع.
كما شرحه ابن القيم قائلًا: «إذا دعى الله عبده إلى معرفته ومحبته وشكره، فأبى العبد إلا إعراضًا وكفرًا، قضى عليه بأن أغفل قلبه عن ذكره، وصدَّه عن الإيمان به، وحال بين قلبه وبين قبول الهدى، وذلك عدلٌ منه فيه، وتكون عقوبته بالختم والطبع والصدِّ عن الإيمان كعقوبته له بذلك في الآخرة مع دخول النار، كما قال - تعالى -: ﴿كَلاَّ إنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ﴿١٥﴾ ثُمَّ إنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ﴾ [المطففين: ١٥ - ١٦] فحجابه عنهم إضلال لهم وصد عن رؤيتهم وكمال معرفته، كما عاقب قلوبهم في هذه الدار بصدِّها عن الإيمان» إلى أن قال: «وقوله - تعالى -:
﴿وَإذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا﴾ [الإسراء: ٥٤]، والمعنى: جعلنا بين القرآن إذا قرأته وبينهم حجابًا يحول بينهم وبين فهمه وتدبُّره والإيمان به «فالحجاب يمنع رؤية الحق» (١).
«فنسأل الله - تعالى - علمًا نافعًا فهو الأصل؛ فمتى حصل أوجب معرفة المعبود ﷿ وحرك إلى خدمته بمقتضى ما شرعه وأحبه، وسلك بصاحبه طريق الإخلاص، وأصل الأصول العلم. وأنفع العلوم النظر في سير الرسول ﷺ وأصحابه، ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ﴾ [الزمر: ٨١]» (٢).
(١) شفاء العليل، ص ١٨٥، ٢٠١ = باختصار.
(٢) صيد الخاطر لابن الجوزي، ص ٨٣.
1 / 262