فقطعت أرمانوسة الكلام قائلة: «ليس ذلك ما يكدرني، ولكنني لا أريد السفر إلى بلبيس.»
قالت: «وهل تكرهينها؟ قولي لأبيك فلا يبعث بك إليها، ويكتب إلى الإمبراطور أن تنتقلي رأسا من هنا إلى القسطنطينية.»
فصاحت أرمانوسة: «لا، ولا أحب القسطنطينية ولا ساكنيها ولا من تسمى باسمها، ولا أحب البقاء في الدنيا من أجلها.»
فأدركت بربارة أن سيدتها لا تريد الاقتران بقسطنطين، ولكنها تجاهلت وأعادت السؤال بإلحاح قائلة لها: «إلى هذا الحد تخفين مقاصدك علي؟ أم لعلك لا تريدين قسطنطين؟»
فأجابتها على الفور: «نعم لا أريده. لا أريده.»
فبهتت بربارة عند سماعها ذلك وقالت: «ولماذا يا مولاتي؟»
فابتدرتها أرمانوسة قائلة: «لا تسأليني، فإني لا أريده، ولن أريده.»
وأجهشت في البكاء حتى علا صوتها، فجعلت بربارة تخفف عنها وتهون عليها إلى أن قالت: «إذا كنت لا تريدينه فدعيه وشأنه، ولا تحزني ولا تكدري نفسك.»
فتنفست أرمانوسة الصعداء وقالت: «نعم لا أريده، ولكنني لا أستطيع التخلص منه، وأبي قد اتفق مع أبيه على أن يلقيني بين يديه، ولست أفقه غرضه من ذلك.»
فقالت بربارة: «إذا أصر أبوك على عزمه، ولم تري سبيلا للخلاص فأرى أن تطيعيه، وأنا واثقة كل الوثوق أنه لم يقبل زفافك إلى قسطنطين إلا وهو يرى ذلك سببا لسعادتك، ولا أظن تمنعك إلا خوفا من الاغتراب والابتعاد عن البيت الذي ربيت فيه، وهذا ما تشعر به كل فتاة تنتقل من بيت إلى آخر، أو من مدينة إلى أخرى عند الزواج. أما إذا تم الأمر وصرت كنة الإمبراطور، فسيذهب عنك هذا الخوف ويسكن روعك.»
نامعلوم صفحہ