چالیس حدیثیں
الاربعون حديثا
اصناف
الاربعون حديثا :88
فصل:في الاسباب الاساسية للتكبر
للكبر اسباب عديدة ترجع كلها الى توهم الانسان الكمال في نفسه ، مما يبعث على العجب الممزوج بحب الذات ، فيحجب كمال الآخرين ويراهم ادنى منه ، ويترفع عليهم قلبيا او ظاهريا . فمثلا ، قد يحصل بين علماء العرفان ان يتصور احدهم نفسه من اهل العرفان والشهود ومن اصحاب القلوب والسوابق الحسنى ، فيترفع على الآخرين ويتعاظم عليهم ، ويرى ان الحكماء والفلاسفة سطحيون ، وان الفقهاء والمحدثين لا يتجاوزون الظاهر في نظراتهم ، وان سائر الناس كالبهائم . وينظر الى عباد الله بعين التحقير والازدراء ، ويذهب هذا المسكين ينمق الحديث عن الفناء في الله والبقاء بالله ، ويدق طبول التحقق ، مع ان المعارف الالهية تقضي بحسن الظن بالكائنات ، فلو انه كان قد تذوق حلاوة المعرفة بالله لما تكبر على مظاهر جمال الله وجلاله بحيث انه في مقام العلم والبيان يصرح خلاف حاله ، ولكن الحقيقة هي ان هذه المعارف لم تدخل قلبه ، بل ان هذا المسكين لم يبلغ حتى مقام الايمان ولكنه يتشدق بالعرفان ، ومن دون ان يكون له حظ من العرفان يتحدث عن مقام التحقق .
ان من بين الحكماء ايضا اناسا ، يرون انهم بما يملكون من براهين ومن علم بالحقائق ، وبكونهم من اهل اليقين بالله وملائكته وكتبه ورسله ، ينظرون الى سائر الناس بعين التحقير ، ولا يعتبرون علوم الآخرين ، علوما ، ويرون عباد الله جميعا ناقصي علم وايمان ، فيتكبرون عليهم في الباطن ، ويعاملونهم في الظاهر بكبرياء وغرور ، مع ان العلم بمقام الربوبية ، وفقر الممكن (المخلوق) ، يقضيان بخلاف ذلك . والحكيم من تحلى بملكة التواضع بوساطة العلم بالمبدا والمعاد .
لقد وهب الله لقمان الحكمة بنص القرآن الكريم : فمن جملة وصايا ذلك العظيم لابنه ، كما ورد في القرآن الكريم :
«ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الارض مرحا ، ان الله لا يجب كل مختال فخور» (1) .
ونجد في الذين يدعون الارشاد والتصوف وتهذيب الباطن ، اشخاصا يعاملون الناس بالتكبر ويسيؤون الظن بالعلماء والفقهاء واتباعهم ، ويطعنون بالعلماء والحكماء ، ويرون الناس ، عدا انفسهم ومن يلوذ بهم ، من اهل الهلاك . وبما انهم صفر اليدين من العلوم ، يصفون العلوم بانها اشواك الطريق ، ويرون اصحابها شياطين طريق السالك ، مع ان كل ما الاربعون حديثا :89
صفحہ 88