الدرجتين ، احداهما : ان ياتي بالاعمال والعبادات الشرعية ، او ان ياتي بالامور الراجحة عقلا ، بهدف مراءاة الناس وجلب القلوب ، سواء ان ياتي بالعمل نفسه بقصد الرياء ، او بكيفيته ، او شرطه او جزئه بقصد الرياء على الشكل المذكور في الكتب الفقهية . ثانيهما : ان يترك عملا محرما او مكروها بنفس الهدف المذكور .
ونحن نشرح في هذه الاوراق ، بعضا من مفاسد كل واحد من هذه المقامات الثلاثة ونشير الى ما يبدو علاجا لها على نحو الاختصار .
المقام الاول (الرياء)
وفيه عدة فصول
فصل: اعلم ان الرياء في اصول العقائد والمعارف الالهية اشد
من جميع انواع الرياء عذابا واسوأها عاقبة ، وظلمته اعظم واشد من ظلمات جميع انواع الرياء . وصاحب هذا العمل اذا كان في واقعه لا يعتقد بالامر الذي يظهره ، فهو من المنافقين ، اي انه مخلد في النار ، وان هلاكه ابدي ، وعذابه اشد العذاب .
واما اذا كان معتقدا بما يظهر ، لكنه يظهره من اجل الحصول على المنزلة والرتبة في قلوب الناس ، فهذا الشخص وان لم يكن منافقا الا ان رياءه يؤدي الى اضمحلال نور الايمان في قلبه ، ودخول ظلمة الكفر الى قلبه ، فان هذا الشخص يكون مشركا ، ولكن في الخفاء ، لان المعارف الالهية والعقائد الحقة ، التي يجب ان تكون خالصة لله ، ولصاحب تلك الذات المقدسة ، قد حولها المرائي الى الناس ، واشرك فيها غيره ، وجعل الشيطان متصرفا فيه ، فهذا القلب ليس لله .
ونحن سنذكر في احد الفصول ؛ ان الايمان من الأعمال القلبية ، وليس هو مجرد علم ، وقد جاء في الحديث الشريف : «كل رياء شرك» .
ولكن هذه الفجيعة الموبقة ، وهذه السريرة المظلمة ، وهذه الملكة الخبيثة ، تؤدي بالانسان في النهاية ، الى ان تصبح دار قلبه مختصة بغير الله ، وتؤدي ظلمة هذه الرذيلة بالانسان تدريجيا الى الخروج من هذه الدنيا بدون ايمان .
وهذا الايمان الخيالي الذي يمتلكه هو صورة بلا معنى ، وجسد بلا روح ، وقشر بلا لب ، ولا يكون مقبولا عند الله تعالى ، كما اشير اليه في حديث مذكور في كتاب الكافي ، عن علي بن الاربعون حديثا :47
صفحہ 46