بين اهل العلم والحديث» .
والانسان اذا احتمل صحة هذا الامر فعليه ان يسعى كثيرا من اجل ازالة هذه الخصلة .
روي عن عدة من الاصحاب انهم قالوا : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوما ونحن نتمارى في شيء من امر الدين فغضب غضبا شديدا لم يغضب مثله ، ثم قال : انما هلك من كان قبلكم بهذا . ذروا المراء فان المؤمن لا يمارى ، ذروا المراء فان المماري قد تمت خسارته ، ذروا المراء فان المماري لا اشفع له يوم القيامة ، ذروا المراء فاني زعيم بثلاث ابيات في الجنة في رياضها واوسطها واعلاها لمن ترك المراء وهو صادق ، ذروا المراء فان اول ما نهاني عنه ربي بعد عبادة الاوثان المراء (1) .
وعنه ايضا : لا يستكمل عبد حقيقة الايمان حتى يدع المراء وان كان محقا (2) .
والاحاديث في هذا الباب كثيرة . فما اقبح ان يحرم الانسان شفاعة الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم بواسطة مغالبة جزئية ليس فيها اي ثمر ولا اثر ، وما اقبح ان تتحول مذاكرة العلم وهي افضل العبادات والطاعات اذا كانت بنية صحيحة الى اعظم المعاصي بفعل المراء وتتلو مرتبة عبادة الاوثان .
وعلى اي حال ينبغي للانسان ان ياخذ بنظر الاعتبار الاخلاق القبيحة الفاسدة باعتبارها واحدة ، ويخرجها من مملكة روحه بمخالفة النفس . وعندما يخرج الغاصب ، ياتي صاحب الدار نفسه ، فلا يحتاج حينذاك الى مشقة اخرى او الى وعود .
وعندما يكتمل جهاد النفس في هذا المقام ، ويتوفق الانسان الى اخراج جنود ابليس من هذه المملكة ، وتصبح مملكته مسكنا لملائكة الله ومعبدا لعباده الصالحين ، فحينذاك يصبح السلوك الى الله يسيرا ، ويتضح طريق الانسانية المستقيم ، وتفتح امام الانسان ابواب البركات والجنات ، وتغلق امامه ابواب جهنم والدركات ، وينظر الله تبارك وتعالى اليه بعين اللطف والرحمة ، وينخرط في سلك اهل الايمان ، ويصبح من اهل السعادة واصحاب اليمين ، ويفتح له طريقا الى باب المعارف الالهية وهي غاية خلق الجن والانس وياخذ الله تعالى بيده في هذا الطريق المحفوف بالمخاطر .
وقد كنا نريد ان نشير الى المقام الثالث للنفس وكيفية المجاهدة فيه ونذكر ايضا بمكائد الشيطان في هذا المقام ، ولكننا لم نر المقام مناسبا لذلك ، فصرفنا النظر ، واسال الله تعالى التوفيق والتاييد لكتابة رسالة خاصة في هذا الباب .
صفحہ 41