والتذوق واللمس ، والقوى الباطنية مثل التخيل والواهمة والعقل وغير ذلك حيث يكون لكل واحدة من هذه النعم منافع خاصة لا حد لها . وجميع هذه النعم وهبنا مالك الملوك اياها دون ان نطلب منه او يمن علينا ، ولم يكتف بهذه النعم بل ارسل الانبياء والرسل والكتب واوضح لنا طريق السعادة والشقاء والجنة والنار ، ووهبنا كل ما نحتاجه في الدنيا والآخرة ، دون ان يكون فقيرا ومحتاجا الى طاعتنا وعبادتنا . فهو سبحانه لا تنفعه الطاعة ولا تضره المعصية ، وطاعتنا ومعصيتنا بالنسبة له على حد سواء ، بل من اجل خيرنا ومنفعتنا نحن يامر وينهي . وبعد تذكر هذه النعم والكثير الكثير من النعم الاخرى التي يعجز حقا جميع البشر عن احصاء الكليات منها ، فكيف بعدها واحدا واحدا ؟ بعد ذلك يطرح السؤال التالي : الا تحكم فطرتك بوجوب تعظيم منعم كهذا وما هو حكم العقل تجاه خيانة ولي نعمة كهذا ؟! .
ومن الامور الاخرى التي تقرها الفطرة ، احترام الشخص الكبير العظيم ، ويرجع كل هذا الاحترام والتقدير الذي يبديه الناس تجاه اهل الدنيا والجاه والثروة والسلاطين والاعيان ، يرجع الى انهم يرون اولئك كبارا وعظماء ، فاي عظمة تصل الى مستوى عظمة مالك الملوك الذي خلق هذه الدنيا الحقيرة الوضيعة والتي تعتبر من اصغر العوالم واضيق النشئات ، رغم كل ذلك لم يتوصل عقل اي موجود الى ادراك كنهها وسرها حتى الآن ، بل ولم يطلع كبار المكتشفين في العالم بعد ، على اسرار منظومتنا الشمسية هذه ، وهي اصغر المنظومات ولا تعد شيئا قياسا بباقي الشموس . افلا يجب احترام وتعظيم هذا العظيم ، الذي خلق هذه العوالم وآلاف الآلاف من العوالم الغيبية بايماءة ؟! .
ويجب ايضا بالفطرة ، احترام من يكون حاضرا ، ولهذا ترى بان الانسان اذا تحدث لا سمح الله عن شخص بسوء ، في غيبته ، ثم حضر في اثناء الحديث ذلك الشخص ، اختار المتحدث حسب فطرته الصمت ، وابدى له الاحترام . ومن المعلوم ان الله تبارك وتعالى حاضر في كل مكان وتحت اشرافه تعالى تدار جميع ممالك الوجود ، بل ان كل نفس تكون في حضرة الربوبية وكل علم يوجد ضمن محضره سبحانه وتعالى .
فتذكري يا نفسي الخبيثة اي ظلم فظيع ، واي ذنب عظيم تقترفين اذا عصيت مثل هذا العظيم في حضرته المقدسة وبواسطة القوى التي هي نعمه الممنوحة لك ؟ الا ينبغي ان تذوبي من الخجل وتغوري في الارض لو كان لديك ذرة من الحياء ؟ .
اذا : فيا أيها العزيز ؛ كن ذاكرا لعظمة ربك ، وتذكر نعمه والطافه ، وتذكر انك في حضرته وهو شاهد عليك فدع التمرد عليه ، وفي هذه المعركة الكبرى تغلب على جنود الشيطان ، واجعل من مملكتك مملكة رحمانية وحقانية ، واحلل فيها عسكر الحق تعالى محل جنود الشيطان ، كي يوفقك الله تبارك وتعالى في مقام مجاهدة اخرى ، وفي ميدان معركة اكبر تنتظرنا الاربعون حديثا :29
صفحہ 28