209

اربعین مغنیہ

كتاب الأربعين المغنية بعيون فنونها عن المعين

اصناف

765- تضمن هذا الحديث الصحيح أن جميع العالم حادث بعد أن لم يكن، وأن الله تعالى كان قبل جميع الأشياء، وعلى ذلك دلت الأدلة القاطعة أيضا، والقرآن العظيم مشحون بالاستدلال على حدوث العالم والإشارة إلى طرف ذلك كقوله تعالى: {وفي أنفسكم أفلا تبصرون}، وقوله تعالى: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار} الآية، إلى قوله تعالى: {لآيات لقوم يعقلون}، وإخباره سبحانه عن قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام في الكواكب والقمر والشمس حيث قال: {فلما أفل قال لا أحب الآفلين}، تنبيها منه عليه السلام على أن كل من أفل وتغير من حال إلى حال فليس بقديم، ثم نبه بعد ذلك على وجه الدلالة بقوله: {إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض}، فأخبر أن الفطرة التي هي الخلقة تشهد بدلالتها على صانعها. وحاصل هذه الطريقة أن التغير الكائن في المخلوقات يلزم منه جوازها، والجائز مفتقر في وقوعه إلى مخصص، وذلك المخصص لا بد وأن يكون مباينا للجائزات جميعها بذاته وصفاته، وإلا لم يكن فعله فيها أولى من عكسه، وتلك المباينة منحصرة في قدمه على جميعها، وإثبات صفات بها يصح الاختراع والإحداث، قديمة أزلية كالعلم والقدرة والإرادة، وتنزيهه عن صفات الحديث وسمات النقص التي بها يستدل على حدوث من اتصف بها.

صفحہ 512