30
عليها بسوء الطبع والاختيار؛ لأن المحبوب والمكروه في الحسين ليسا بشيء لازم في الطبع بل بالعادات، فسبيلنا أن نعود نفوسنا السلوة والرياضة، وإن تعبت فلنصبر على التعب
31
والمنازعة منها لما نرجوه
32
لها من الراحة في العاجلة والآجلة، ألا ترى أن كثيرا ممن تعارضهم العلل، فيؤول أمرهم إلى قطع أرب وكي عضو يتكلفون
33
مضضه، وربما استعملوا البط والضماد ومضض الأدوية مع ما يتعجل من النفقة والغرامات والصبر على ما ذكرناه لما يرجى من عقبى الراحة، فكيف لا نصبر على مضض النفس في المنازعة إلى الباطل، وإكراهها على المعاودة إلى طرق الحق والسلامة، إذ علاج النفس أقل خطرا وأخف مؤونة وأعظم قدرا، وإذ هي ملكة البدن وبفساد الملك يفسد أمر الرعية، والشهوات
34
ملكة على النفس مسلطة عليها، والعقل ملك على الكل ومادة من الأصل. فمن كان له عقل أثر مصلحة نفسه على فسادها، وبرءها على سقامها وليعالجها بأدوية الحق ومرارة الصبر، وأخذ اليقين والكلفة حتى تسلم له وتصبو إلى الشهوات الباقية، وسكنى دار البقاء من بعد استعجاله إسقاط الغم والهم، إذ كنا (119) قد بينا أنهما كما روي عن هرمس الحكيم أنه قال: أولى الناس بالرحمة من وقع في سوء الملكة. قيل له: ومن ذلك؟ قال: من كثرت شهواته فأديمت حسراته، فهو مبغوت بتصاريف كلفها فإن نفاها عقله وقهرها فهمه فهو عتيق العقل والعقل مادة من الأصل، ومن أعتقه الله ورحمه من شقاء الدنيا كان أولى برحمته وعتقه من شقاء الأخرى.
نامعلوم صفحہ