Arab Secularists and Their Position on Islam
العلمانيون العرب وموقفهم من الإسلام
ناشر
المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
پبلشر کا مقام
القاهرة - جمهورية مصر العربية
اصناف
سلسلة: بحوث في العلمانية
(٢)
العلمانيون العرب وموقفهم من الإسلام
مصطفى باحو
نامعلوم صفحہ
تقديم
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.
بعد الكتاب الأول من سلسلة بحوث في العلمانية: «العلمانية: المفهوم والمظاهر والأسباب». الذي طبع في الرباط، ونشرته جريدة «السبيل» المغربية غشت ٢٠١١.
هذا هو الكتاب الثاني، الذي خصصته للحديث عن حقيقة نظرة العلمانيين للإسلام وموقفهم منه، بعيدا عن التمويه الإيديولوجي والتزييف الإعلامي الذي يمارسه الخطاب العلماني. وأبين فيه أن الموقف العلماني من الإسلام مضمر برؤية استشراقية دونية، فهو في نظرهم يقوم على أسس خرافية أسطورية لا عقلانية، وهو مرحلة من مراحل تطور الفكر البشري نحو الفكر العقلاني الوضعي الذي يرى الأديان مجموعة من الأوهام التي صنعها البشر البدائيون لتبرير عجزهم أمام ظروف الطبيعة القاهرة، وأن الإسلام دين البداوة والخيمة والقبيلة (١). وبالتالي لم يعد صالحا لمجتمعات الطاقة النووية والخلايا الجذعية والانترنيت.
وتنطلق رؤيتهم تلك من أساس دهري، وهو أن الإسلام دين بشري أو لِنَقُل: محمدي، ويتغافلون عن كون صاحب الشرع هو من يعلم الطاقة النووية والخلايا الجذعية وغيرها. فالله شرع شرعا مع علمه بمتغيرات الأحوال والأزمان والأماكن، شرعا صالحا لحضارة الجمل وحضارة الانترنيت، وهو الذي خلق
_________
(١) الحركات الإسلامية للربيعو (٨٣).
1 / 5
الإنسان ويعرف ما يصلح له وما لا يصلح.
لكن الخطاب العلماني يقف على أرض إلحادية لا تؤمن بوجود إله ولا تعترف بدين، ويتظاهر بكونه لا مشكلة له مع الدين، وأنه يكفل حرية الاعتقاد للجميع.
وهدفنا في هذا الكتاب تعرية تلك الأقنعة وهتك تلك الأستار التي يتمترس خلفها الخطاب العلماني، وتفكيكها وطحنها وسحقها إلى الأبد.
وأغلب رموز العلمانيين يصرحون بعلمانية صارخة لادينية، كأركون وعادل ضاهر وعزيز العظمة وهاشم صالح وطيب تيزيني ونصر أبي زيد، ويرفضون التمسح بالدين بأي شكل من الأشكال، بل ينتقدون علمانيين آخرين يحاولون البحث عن جذور إسلامية للعلمانية أو الاحتجاج بالنصوص الدينية، ويعتبرون هذا تنازلا خطيرا وانبطاحا لا مبرر له. بينما يفضل آخرون الهجوم مرة والتراجع أخرى في انتظار تهيؤ الأجواء للهجوم النهائي، يمثل هذا الاتجاه حسن حنفي وخليل عبد الكريم والعشماوي وآخرون.
ولا خلاف بين الطائفتين إلا في التكتيك، وهل حان نقد الدين الإسلامي ونقضه وتجاوزه؟، أم أن الجو العام والخشية من ردود أفعال جماهيرية غاضبة ترجع على المشروع العلماني بالضعف؟ تحتم اعتبار المرحلة وظروفها وملابساتها في الحسبان.
وعموما يستحيل وجود علماني يؤمن إيمانا حقيقيا بالدين أو الغيب أو المقدسات إلا إذا لم يكن علمانيا حقيقيا أو يفهم العلمانية فهما ساذجا طفوليا.
لأن الدين يقوم على اعتبارات ميتافيزيقية وأصول غيبية، والعلمانية ما جاءت إلا لمحاربة الغيبيات باعتبارها مقومات خرافية أسطورية تنتمي إلى عصر
1 / 6
سيطرة الخرافة واللاعقل (١).
فالعلمانية = سيادة العقل وحده.
والدين يقوم على مقومات غيبية لا عقلانية حسب النظرة العلمانية نفسها.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فالعلمانية، لا تؤمن إلا بما دلت عليه التجربة والحواس.
والدين تدور قواعده على الله والرسل والجنة والنار والشياطين، وكلها مفاهيم خرافية أسطورية لا يثبتها العلم التجريبي الحديث، وبالتالي فهي غير علمية ولا تتمتع بأية مصداقية.
وعليه فالعلمانية والدين الإسلامي نقيضان لا يجتمعان.
وأما مسألة أن العلمانية تكفل حرية الاعتقاد، نعم هي تكفل حرية اعتقاد أيّ شيء كان دينا أم إلحادا أم وثنية أم عبدة شياطين.
فهي لم تعط للدين امتيازا ما، فهي ترى أن الإنسان حر في اعتقاد ما يشاء ولو كان خرافيا وتافها في نظرها وتقديرها.
ولذلك فتحوير المسألة من الموقف من الدين إلى الموقف من التدين محاولة للفت الأنظار فقط، بمعنى ما هو موقف العلمانية من الدين نفسه؟ وما هي نظرتها إلى الغيبيات والماورائيات؟ بغض النظر عن سماحها بالتدين.
فهي ترى أن هذه خرافات تافهة لا عقلانية، تنتمي إلى حيز الأوهام التي
_________
(١) سمى زكي نجيب محمود كتابه «خرافة الميتافيزيقا» الذي عدله فيما بعد إلى «موقف من الميتافيزيقا»، واعتبر أن كل ما لا يدخل تحت الحس فهو ميتافيزيقا مرفوضة (٣)، وأن العبارات الميتافيزيقية أقوال فارغة من المدلول والمعنى (١٢). أي: هي أشياء خرافية لا حقيقة لها. ويعني بها كل الغيب: الله الملائكة الروح الجن الجنة النار ...
وهي لا تنفع السامع شيئا لأنها لا تدل على شيء (١٠٤).
ولهذا دعا إلى حذف الميتافيزيقا من دائرة المعارف الإنسانية (
1 / 7
تكونت عبر الزمن.
وقد بيَّن العلماني محمد الشيخ أن المجتمع العلماني مجتمع مادي يلغي كل الأديان والقيم من اعتباراته.
قال: إن المجتمع الحداثي استحال مجتمعا ماديا، بمعنى أنه مجتمع صار لا يُحَكّم في مبادراته المتعددة الاعتبارات التقليدية روحية كانت أو خلقية، وإنما صار يحتكم إلى العوامل المادية وحدها دون سواها (١).
فالدين يتحول إلى شيء متجاوز وملغى، ثم بعد هذا، من شاء أن يتدين بشيء ما فله ذلك. يعني يتحول إلى مسألة شخصية مرتبطة بالضمير.
إن الإسلام هو صاحب الدار، فلا يعقل أن يستجدي العلمانية لتخصص له ركنا أو لتسمح هي له بأن يتحول من حضارة عظيمة ودين يحكم كل مفاصيل الحياة إلى مسألة شخصية يؤمن بها من شاء ويكفر من شاء.
والإسلام في داره (دار الإسلام) كما قال القرضاوي لا يكتفي بأن تكون عقيدته مجرد شيء مسموح به، وليس محظورا كالمخدرات والسموم البيضاء إنه يريد أن تكون عقيدته روح الحياة، وجوهر الوجود ومُلْهِم أبناء المجتمع، وأن تكون أساس التكوين النفسي والفكري لأفراد الأمة، وبعبارة أخرى تكون محور التربية والثقافة والفن والإعلام والتشريع والتقاليد في المجتمع كله (٢).
هل يمكن للمسلم المحافظة على دينه في ظل العلمانية؟
إذا كان يمكن للمسيحي المحافظة على دينه في ظل العلمانية، لأن المسيحية مجموعة وصايا وآداب تمارس داخل الكنيسة، فإن الإسلام بتشريعاته المتعددة
_________
(١) ما معنى أن يكون المرء حداثيا (٣٨).
(٢) التطرف العلماني (٢٩).
1 / 8
والمتداخلة والشاملة لكافة مناحي الحياة يستحيل تطبيقه في ظل نظام علماني.
فالعلمانية تؤطر المجتمع وتوجهه بطريقة لا تمكن المسلم من ممارسة دينه في جو مطمئن.
فلا يستطيع المسلم أكل الحلال وفق مفهوم الشريعة، لأن الشريعة كما ترى العلمانية لا دخل لها في التحليل والتحريم، فذبح الحيوان هو طقوس دينية لا تلزم العلمانية، وتحريم الخنزير والميسر والربا فروض دينية لا ترى فيها العلمانية إلا كوابح دينية يجب تجاوزها وإلغاؤها، وبالتالي فلن يجد المسلم أين يضع ماله ولا حلالا يأكله.
وتبيح العلمانية للمرأة كشف مفاتنها وعورتها، وتبيح لها ممارسة الفاحشة برغبتها، فيتعرض المسلم للتحريش والإغواء والفتنة.
ولا يسمح في ظل النظام العلماني للمسلم منع ابنته من الاختلاط والتبرج، بل والعري التام، واتخاذ صديق لها تدخله معها منزل والدها المسلم، والويل للأب المسلم المسكين إن اعترض، فقوانين العلمانية صارمة في ردعه وتركه عبرة لأمثاله.
وللابن في ظل العلمانية اتخاذ الخليلات ومشاهدة أفلام الإباحة في منزل والده، الذي هو ملزم بالنفقة عليه. وليس أمام المسلم إلا طاعة المبادئ العلمانية والانصياع لها.
فكيف يقال إن حرية التدين مكفولة في ظل العلمانية؟
وأما الإعلام فسواء عرض أفلام الجنس أم عروضا نسائية عارية تماما فلا يحق للمسلم أن يعترض أو ينكر، وللإعلام الدفاع عن الدعارة باعتبارها نشاطا اقتصاديا مربحا، أو عرض أصناف الخمور والتحريض على شربها أو بيان أصناف طهي الخنزير.
وما على المسلم إلا الإذعان والاستسلام، وكل ما يمكنه فعله أن يردد: لا حول ولا قوة إلا بالله، إن تركت له العلمانية إيمانا يستطيع به فعل ذلك.
وأما الحديث عن تغيير المنكر فأحد المستحيلات العشر في دين العلمانية.
1 / 9
هذا فضلا عن أن هناك أركانا وواجبات دينية شرعية لا يمكن القيام بها إلا في ظل دولة إسلامية تحمي هذه الواجبات، وإلا يستحيل القيام بهذه الشعائر دون وجود السلطة السياسية التي تحميها، بل وتقوم بها. كالزكاة، والجهاد، والشورى، والعدل الاجتماعي، وإقامة الحدود، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتحريم الربا، وتحريم الخمر، وتحريم الخنزير، ومنع التبرج، وغيرها.
وهل السياسة العلمانية التي تحلل الحرام الشرعي مثل الزنا والخمر والربا والعري والتفسخ والأفلام الإباحية والشذوذ، وتدافع عنها وتنشرها بشتى الوسائل وتحرض عليها إعلاميا وإشهاريا، وتذوذ عنها أمنيا وتحميها عسكريا وقانونيا تعتبر محايدة ضد الدين ولا تسعى لتهميشه؟
لا حجة في الوحي
نصوص القرآن والسنة لا حجة فيها عند العلمانيين، وتَنازُل بعض العلمانيين للاحتجاج بها تنازل خطير في نظر عادل ضاهر.
وقد أخذ على إخوانه الاحتجاج بالنصوص الدينية لتسويغ وجهة نظرهم، وأنهم بذلك ينخرطون في حرب النصوص، واعتبره تنازلا خطيرا للخصم، لأن القضية الأساسية للعلماني هي قضية استقلالية العقل الإنساني (١).
وهكذا قال نصر أبو زيد، فقد لام صديق دربه زكي نجيب محمود كيف أنه أعطى لمعارضيه فرصة للنيل منه، بل ولاغتياله (أي: فكريا) من جانبين على حد تعبيره.
الجانب الأول هو تسليمه بحجية النصوص الدينية وخاصة القرآن، وهي في نظر أبي زيد لا تستحق ذلك، ولولا طول كلامه لنقلته برمته، لكن أكتفي بقوله
_________
(١) الأسس الفلسفية للعلمانية (٣٩٩).
1 / 10
في آخره: وإذا كان زكي نجيب محمود بذلك الإقرار والإعلان قد كرس مرجعية النصوص الدينية، فإنه قد منح بذلك خصمه سلاحا فتاكا للنيل منه، هذا هو الجانب الأول، والجانب الثاني الذي مكن للخصم من اغتيال خطاب زكي نجيب محمود إقراره لا بالفروق النوعية بين الرجل والمرأة فقط، بل وتسليمه بالنتائج المترتبة على هذه الفروق اجتماعيا وثقافيا ونفسيا (١).
واعتبر بعد أن الخطاب الديني يزيف قضية المرأة حين يصر على مناقشتها من خلال مرجعية النصوص (٢).
وهو نفس ما أكده فرج فودة أنه لا حجة في القرآن والسنة بل الحجة في الدستور والقانون (٣).
وأكد القمني أن الأديان برمتها موضوع للبحث فقط لا وسيلة للمعرفة، قال: والأديان بالنسبة لمثلي هي موضوع درس ومعرفة، وليست وسيلة لأي نوع من أنواع المعرفة (٤).
فالأديان موضوع للبحث، لا وسيلة للمعرفة.
الذئب الوديع:
يظهر أغلب العلمانيين أنفسهم بمثابة الناصح الأمين الذي يريد فهما أوسع للدين وأشمل وأكثر حضارية وعقلانية على حد تعبير بعضهم.
ونص آخرون على أن العلمانية مرادها وضع الدين في موضعه الذي وضعه الله
_________
(١) دوائر الخوف (١١٣).
(٢) دوائر الخوف (١٢٣).
(٣) حوار حول العلمانية (٢٢ - ٢٣ - ٢٤).
(٤) شكرا ابن لادن.
1 / 11
فيه، فالدين مكانه المسجد ودوره تهذيب الأخلاق والقيم الروحية التي ينحصر أثرها داخل المسجد.
وادعى آخرون أن هدفهم هو الوفاء للإسلام وإعطاء ديناميكية جديدة وحقنة حيوية جديدة في شرايينه.
وحاول العلمانيون المغاربة وغيرهم أصحاب «المفاهيم الملتبسة» و«قدر العلمانية في العالم العربي» جاهدين إيهام قرائهم بأن علمانيتهم ليست ضد الدين، بل هي في خدمة الدين. بل أكد أحد كُتابهم -وهو محمد سبيلا- بأن العلمانية هي أحسن حاضن للدين (١). وعند عبد العلي بنعمور: العلمانية تكريم للدين.
هكذا بكل صفاقة وجه!!!.
وكتابي هذا إن شاء الله لطحن هذه التفاهات وذرها في الهواء.
وزعم عبد المجيد الشرفي أنه يهدف لمصالحة المسلم المعاصر مع دينه (٢).
وكأن المسلم في خصام مع دينه، لكن كما يقال: كل إناء بما فيه ينضح.
ونصحنا بعدم التمسك بحرفية النص وأنه لا بد من البحث عن روح النص ومغزاه ومقصده حتى تكون العبادة لله وحده (٣).
هكذا قال.
لكن لا تلبث هذه الوداعة إلا أن تكشف عن حقيقتها وتسفر عن شراستها، فضرب لنا الشرفي مثلا، بأن ما ورد في القرآن عن آدم وحواء وإبليس والجن والشياطين والملائكة ومعجزات الأنبياء ليست إلا تماشيا مع الذهنية الميثية
_________
(١) قدر العلمانية في العالم العربي (٤١).
(٢) الإسلام بين الرسالة والتاريخ (٥٩).
(٣) نفس المرجع (٦١).
1 / 12
الأسطورية، وأنها رموز وأمثال لا حقائق تاريخية (١).
إنما يتحاشى الشرفي ذكر الله مع ما تقدم، مع أن الباب واحد، تجنبا لردود الأفعال التي قد تؤثر سلبا على تقبل مشروعه.
فكل الغيب -الذي هو أس الدين والإيمان- خرافات وهمية في نظر الشرفي، آمن الناس بها في عصر سيادة الخرافة، أما وقد تحررنا من كل ذلك فلم نعد بحاجة إليها وأصبح تجاوزها أمرا لازما وحتميا.
استحالة اجتثاث الدين من المجتمع:
رغم الهجمة العلمانية الشرسة على الأديان، ورغم كونها مدججة بقوة الدولة وجبروتها، ورغم تسخيرها كافة الوسائل الأمنية والإعلامية والثقافية لتحقيق ذلك، لم تفلح في استئصال الدين من المجتمعات.
في ندوة لندن (يونيو ١٩٩٤) حول سقوط العلمانية والتحدي الإسلامي للغرب أكد البروفيسور جون كين أن الدين لا يمكن أن يجتث نهائيا من حياة الناس، وإنما الذي نجحت العلمنة (٢) في تحقيقه هو إخضاعها الدين لنظم مدنية أوجدها البشر صارت لها السلطة العليا والكلمة الأخيرة، غير أن ظهور الأصولية الدينية في الغرب اتخذ أشكالا عدة في مقدمتها: بروز الحديث عن «السباسة المسيحية» والجدل المتجدد حول الدين والإجهاض، ومطالبة ٨٠% من البريطانيين بتدريس الدين في المدارس، هذه المؤشرات وغيرها كثير تثير تساؤلات عدة حول مدى نجاح العلمنة في إقصاء الدين عن الحياة، الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في المسألة برمتها. من زاوية مراجعة موقف العلمانية من
_________
(١) نفس المرجع (٦١).
(٢) طبعا في الغرب.
1 / 13
العلاقة بين الدين والمجتمع (١).
وكذا أكد أركون أن بوادر الانفراج بين الديني والعلماني في تصاعد في أوربا (٢).
وذكر عالم الاجتماع الألماني وأستاذ اللاهوت الإنجليزي الدكتور جوتفرايد كونزلن: ولأن الاهتمام الإنساني بالدين لم يتلاش، بل تزايد .. وفي ظل انحسار المسيحية، انفتح باب أوربا لضروب من الروحانيات وخليط من العقائد الدينية لا علاقة لها بالمسيحية ولا بالكنيسة من التنجيم .. إلى عبادة القوى الخفية .. والخارقة .. والاعتقاد بالأشباح .. وطقوس الهنود الحمر .. وروحانيات الديانات الآسيوية .. والإسلام، الذي أخذ يحقق نجاحا متزايدا في المجتمعات الغربية (٣).
وها قد حان الشروع في الكتاب بعون الله، نوثق فيه لنظرة العلمانيين للتدين عموما والإسلام خصوصا، فالعلماني يحاول دائما أن يظهر بمظهر الباحث النزيه والناقد البريء من أية أفكار مسبقة وأية إيديولوجيا. وهو دوما يرمي مخالفيه بتلك التهم المجانية، بينما لو تمعنا قليلا لا كثيرا لرأيناه في صورته الحقيقية: مثقف تسممت أفكاره بالدراسات الاستشراقية الغربية، حتى غدت قناعاته واختياراته منسجمة تماما مع الطرح الغربي والبحث الاستشراقي فأصبحت له مواقف متطرفة من الدين والتدين يغلفها بستار البحث العلمي أو النقد التاريخي.
ولو أزحت الستار لرأيت خلفه: أفكارا مسبقة، وإيديولوجيا متخفية، وأهدافا مسطرة يبحث لها عن سَنَد ودعم. وبعبارة أوضح: لرأيت مخالب تحت قفازات من حرير.
_________
(١) المفترون (٢٤٧).
(٢) قضايا في نقد العقل الديني (٢٥٨ - ٢٥٩ - ٢٧٥).
(٣) مأزق المسيحية والعلمانية في أوربا (١٨ - ٣٣ - ٣٤).
1 / 14
العلمانية ومحاربة التدين
يلجأ العلمانيون إلى تأسيس خطاب خداعي تمويهي مخاتل ومراوغ لموقفه من الدين، فيخفى ذئبيته تحت ستار الحمل الوديع، وقد يتمسح بعضهم بالدين، وربما يعلن أنه مسلم (١) يسره ما يسرنا ويحزنه ما يحزننا، ويتظاهر بالحرص على إبعاد الدين عن مجال السياسة، لكي لا يتلوث -وهو الطاهر النقي- بحممها الملتهبة وتقلباتها المتناقضة، محاولا تجميل صورته وتلميعها، ويناور لعله يرضى قارئه المسلم.
فهذا سعيد لكحل تأسف لاعتبار الإفطار في رمضان جنحة وعدم فتح حانة قرب مسجد، ثم في رمشة عين أخذ يتمسح بالدين ويثرثر، ويصلي على النبي ﷺ ويشرح الآيات والأحاديث (٢).
ورغم محاولة بعض العلمانيين إظهار أنفسهم أنهم ليسوا ضد الدين وأنهم يقفون منه موقفا محايدا، إلا أنه بالتأمل في تصرفاتهم وأطروحاتهم يتبين أنهم يقفون منه موقف المعاند والمحارب له، ولا يعدو الأمر أن يكون مرحلة من مراحل التحذير والمواجهة.
بل لا يعدو الأمر أن يكون شراكا خداعيا يتمترس به الخطاب العلماني بقصد التمويه والمخاتلة من باب ذر الرماد في العيون.
_________
(١) وقد يطلق بعضهم كونه مسلما وهو لا يقصد إلا أنه يعيش في مجتمع مسلم نشأ فيه وترعرع، كما صرح أركون نفسه. الأنسنة والإسلام (١٤٦).
أي: مسلم باعتبار النشأة لا باعتبار العقيدة، أي: أو بعبارة أخرى: الإسلام الجغرافي لا الإسلام العقا
(٢) العلمانية مفاهيم ملتبسة (٢٧٥).
1 / 15
وسنثبت بحمد الله في هذا الكتاب بما لا يدع مجالا للشك أن العلمانية مناقضة للدين باعتراف العلمانيين أنفسهم، وسنبين أن العلمانية كنظرية وتصرفات العلمانيين في كتبهم ومؤلفاتهم تناقض أصول الدين وفروعه.
وقد يتستر بعض العلمانيين خلف مناهضة الدولة الدينية، ومرادهم الدين نفسه.
ومع أن الإسلاميين كرروا آلاف المرات أنهم ضد الدولة الدينية التي تحكم بالحق الإلهي إلا أن العلمانيين أصروا على اتهامهم بها.
والعقل يقتضي أن سبب هذا الإصرار العلماني:
- إما أن الإسلاميين يدعون لدولة دينية.
- وإما أن دولة الخلافة الإسلامية كانت دولة دينية تحكم بالحق الإلهي.
ولكن لا هذا كان ولا ذاك.
والذي حصل هو أنه كان في أوربا دولة دينية يسيطر عليها رجال الدين ويحكمون فيها بالحق الإلهي، فعارضت فلسفة الأنوار هذه الدولة الدينية، فردد العلمانيون عندنا كالببغاوات ما قالوا، وحاولوا إسقاط التاريخ الغربي برمته وتفاصيله وأبعاده، فوقعوا في مغالطة مفضوحة ومهزلة مضحكة.
وقد بينت في الكتاب الأول وسأبين إن شاء الله تعالى في هذا الكتاب أن العلمانية ليس فقط ضد الدين، ولكنها أسوأ من ذلك، إنها تسعى إلى أن تحل محله وتعمل على إقصائه عن واقع الحياة، وتحويله إلى نوع من الفولكلور.
وسيأتي معنا قريبا تصريح العلمانيين بأن هدفهم الحقيقي هو إقصاء الدين والإجهاز عليه، أو لنقل بعبارة مهذبة حسب أركون: تهدف إلى التخلص من البعد
1 / 16
الديني عن طريق امتصاصه داخل النموذج العلماني المهيمن (١).
وقال عن مشروعه النقدي ومشروع المستشرقين: فإنه يمكننا أن نعتقد بأن الطفرات الذهنية العميقة الجارية حاليا سوف تتكفل بجعل كل تلك الصراعات الدائرة حول المسألة الدينية بشكل عام، والإسلام بشكل خاص، شيئا باليا ولا معنى له. إن كل هذا سوف يتبخر ويذهب مع الريح، ولن يبقى إلا الدين من أجل الذاكرة (٢).
إلى أن قال: هذا هو المشروع الذي أريد أن أقوم به بشكل استباقي انطلاقا من المثال الإسلامي (٦١).
بهذه الصراحة يتحدث أركون.
وهكذا فعل كثيرون كالقمني والمؤدب وآخرون.
بينما يكتب آخرون وخاصة الجابري بحذر شديد ولف ودوران.
وعند التحقيق فمشروعهم واحد، أو كما قال أركون عن الجابري نفسه: لأن العقل العربي نفسه هو عقل ديني. قضايا في نقد العقل الديني (٣٣١).
يتفقان في ضرورة نقد التراث لتجاوزه، ويختلفان في الأسلوب، يقول أركون حاثا صديقه الجابري على توجيه لكمات قوية للتراث: باختصار ينبغي الدخول في صلب المشاكل الحقيقية وعدم تحاشيها بحجة مراعاة الشعب أو الجماهير أو العامة ... الخ ينبغي أن يصل النقد إلى جذور الأشياء لا أن يكتفي بدغدغتها أو مسها مسا خفيفا (٣).
_________
(١) قضايا في نقد العقل الديني (٢٠٩).
(٢) قضايا في نقد العقل الديني (٦٠).
(٣) قضايا في نقد العقل الديني (٣٣١).
1 / 17
وإمعانا في ذر الرماد في العيون كتب العلماني المغربي أحمد عصيد: لأنه لم يوجد قط مثقف علماني واحد كتب ليمس بالدين الإسلامي في جوهره أو بالحق في الإيمان والتدين، وإنما التوجه العام هو نقد أشكال القراءة والفهم المنحرفة للدين وأنواع توظيفه السياسية المغرضة (١).
وكل جملة في هذه الفقرة تمارس تزييفا ومغالطة مكشوفين.
وسنبين له في هذا الكتاب أن أكثر العلمانيين كتبوا يطعنون في الدين الإسلامي عشرات النصوص التي سوف نريحك من تتبعها في مظانها، وهي كافية لإقناع حمار جدك إن شاء الله.
بل عصيد نفسه نقض كلامه كله، بل ومن الأصل، فصرح قبل هذا بقليل (٣٣٨) تقليدا لعلماء الاجتماع الغربيين أن الدين مرحلة من مراحل التطور العقلي للبشرية، بدأت بالأسطورة ثم بتعدد الآلهة، ثم التوحيد، ثم العقل العلماني المعاصر (٢).
فالدين تشكل عبر التطور البشري للعقل البشري، وليس إلا مرحلة خرافية من مراحل التطور، وتسمح العلمانية لمن شاء أن يؤمن بمثل هذه الخرافات، لأن له الحق في أن يؤمن بما شاء.
وسيأتي معنا مزيد بسط لهذه القضية.
وأما أن العلمانية تنتقد أشكال القراءة لا الدين نفسه، فهذا ما سنخصص له فصلا خاصا لنبين فيه تهافته وتفاهته.
ويكفينا الآن قول رفيقي دربه هشام جعيط وعلي حرب، وأولياء نعمته الفرنسيين.
_________
(١) العلمانية مفاهيم ملتبسة (٣
(٢) وكرر نحوه في قدر العلمانية في العالم العربي (١٤٩).
1 / 18
قال هشام جعيط: إن كل أصناف النخب في العالم العربي بعيدة كل البعد ليس فقط عن التيارات الإسلامية، بل عن الإسلام ذاته (١).
وقال علي حرب في الممنوع والممتنع (٢٢٢): فالنقد ينبغي أن يتجه إلى تفكيك تلك الترسانة التراثية التي فقدت فاعليتها في الفكر والعمل، ولهذا ينبغي للنقد أن يشمل كل شيء الأصول والفروع، أنظمة المعارف ومنظومات العقائد، الشروحات والتفاسير. انتهى.
وورد في توجيهات وزارة التعليم الفرنسية في إطار قانون تعميم التعليم الصادر يوم ٢٨ مارس سنة ١٨٨٢ ما يلي: يجب ألا نذكر للطفل البالغ من العمر سبع سنوات شيئا عن الله، ليشعر هذا الطفل من تلقاء نفسه على امتداد ساعات الست التي يتلقاها يوميا أن الله غير موجود أصلا، أو أننا في أحسن الأحوال لم نعد بحاجة إليه (٢).
فهذا ثلاثة نقول نزفها لعصيد، فلعلها تكفيه.
وأما أنها تعطي اعتبارا للدين بسماحها بالتدين، فلا، لأن الدين واللادين والكفر والشرك والانحلال الخلقي كلها تصير مسائل شخصية لا دخل للمجتمع ولا الأديان فيها، وعليه فلم تعط العلمانية للدين أيّ امتياز، بل خنقته وألغته من المجتمع ومنعته من ممارسة نشاطه ومهامه داخل المجتمع، وسوته بالكفر والضلال وعبادة الأوثان والانحلال الخلقي والدعارة واللواط، وجعلتهم مسائل شخصية ترجع للضمير.
_________
(١) مجلة اليوم السابع، باريس عدد ١١ يناير ١٩٨٨. نقلا عن المفترون (١٨).
(٢) في العلمانية والدين والديمقراطية (١٨٦).
1 / 19
ولنأخذ نموذجا علمانيا آخر يمارس تزييف الوعي والمغالطة.
حاول العلماني السوداني عبد الله أحمد النعيم أن يستغفل عقولنا فألف كتابا ضخما ليبين لنا أنه يدعو إلى علمانية الدولة فقط لا علمانية الإنسان والمجتمع (١٩)، أي: يدعو إلى العلمانية في شقها السياسي والقانوني. محاولا الاستدلال بأن الأنظمة العلمانية الغربية لا تزال تحتفظ للدين بمجموعة من المواقع وتُؤَمن له دورا ما في المجتمع.
مع أن كل ما أورده بنفسه هناك ليس إلا فتاتا بسيطا جدا جدا حول المائدة التي تتفضل العلمانية بالإبقاء عليها للدين، بل العجيب أن كل النصوص التي أوردها شاهدة عليه لا له.
فذكر مثلا (١٣) أن الديانة البروتستانية واليهودية تتمتع في فرنسا بحق تنظيم علاقتها بالدولة في حين لا يتمتع المسلمون بأي شيء باعترافه. بل يقابلون بالتهميش والتمييز والإقصاء ومحاربة الشعائر (لا الرموز) الدينية كالحجاب ونحوه.
أليست علمانيته هي السبب في هذا التمييز والعنصرية؟
وذكر كذلك (١٤) نفس التمييز العنصري ضد المسلمين ونحوهم في إيطاليا، وذكر أن الجماعات الدينية في إيطاليا لها نظام هرمي طبقي، يتكون من ثلاث طبقات، أعلى الهرم تقف الكنيسة الكاثوليكية تعامل البروتستانتية واليهود، وتتمتع بامتيازات مالية وتعليمية.
ثم قال: وهذه الامتيازات غير متوفرة للجماعات الدينية في الطابق الأدنى من الهرم. وذكر منها المسلمين.
والعجيب كذلك أنه ذكر أن القانون الإيطالي يحظر على رجال الدين تولي مناصب عامة مثل القضاء والمحاماة والخدمة المدنية في جباية الضرائب وغيرها (١٥).
1 / 20
وأين حقوق الإنسان؟ وأين المساواة؟ أليست العلمانية هي السبب في كل ذلك؟.
ثم زاد العلماني السوداني فأكد أن الدولة ملزمة بتدريس الديانة الكاثوليكية، وأما البروتستانت واليهود فيمكنهم توفير معلمين لدينهم في المدارس، وأما المسلمون فاسمع إلى عبارة النعيم: فلا يحق لهم توفير أساتذة لدينهم في المدارس إطلاقا (١٥). وزاد (١٦) أن المسلمين محرومون خلافا لغيرهم من تمويل منظماتهم من خلال الضريبة.
وذكر أن في أمريكا (١٨) يمنع طلاب المدارس التي تمولها الدولة من الصلاة الجماعية.
فأين كفل العلمانية للحرية الشخصية وحرية التدين؟.
وقد كان أركون أكثر صراحة، فاعتبر في كتابه تاريخية الفكر العربي (٢٩٢) مفهوم الدين متضادا مع مفهوم العلمانية.
وقد كرر هذا أركون في كافة كتبه، حيث ميز بين النظرة الدينية القائمة على الأساطير والتعالي والتقديس، والنظرة العلمانية القائمة على العقلانية والنقد وإبعاد كل مفاهيم غيبية ماورائية.
وهذا تمييز واضح بين المذهبين، لكن بعض العلمانيين لأهداف إيديولوجية وخاصة بعض المغاربة يتمسحون بالدين نزولا عند رغبة الجماهير.
وهذا الموقف الانتهازي الرجعي يهدف إلى التراجع خطوة إلى الخلف من أجل خطوتين إلى الأمام.
وفضل علمانيون آخرون الوضوح والصراحة، ولهذا يتحاشى أركون مجرد التمظهر ومجرد الانتساب للدين أو الاعتراف بوجود الله، كما يفعل بعض
1 / 21
المنافقين عندنا (١).
وهذا شبلي شميل -أحد كبار الرواد العلمانيين العرب الأوائل- ذكر أنه نفى الأديان لا لغرض في النفس ولا غيره، بل لأنه التزم جانب العلم. آراء الدكتور شبلي شميل (١٩).
وقال عن الأديان: وهي في اعتقادي نفعت كثيرا وأضرت كذلك (١٩).
ثم ذكر أنها لم تعد تصلح الآن (١٩).
وأنها أضرت كثيرا بجمودها وجمود أتباعها بها (٢٠).
فما رأي عصيد في هذه العصيدة.
وعلى كل حال فلنشرع الآن في سرد مواقف العلمانيين العرب من الإسلام حسب الفقرات التالية:
يجب نقد الإسلام في حد ذاته، وهو واجب مقدس
لأن الإسلام كما قال خليل عبد الكريم في الإسلام بين الدولة الدينية والدولة المدنية (٨ - ٩) بدأت تظهر على وجهه علامات الشيخوخة كتجاعيد وتشققات وجفاف.
والسبيل الوحيد عنده لتجاوز هذه الشيخوخة هو الانعتاق من قيود المسلمات والمقدسات الزائفة.
وحقيقة نقد الفكر الديني عند العلمانيين هو نقض له وإدانة، وهذا خلاف ما يوجبه البحث العلمي النزيه والمحايد.
وجل تلك الكتابات تنطلق من مواقف أيديولوجية مسبقة. أغلبها ماركسي مشبع بموقف ماركس العدائي ضد الدين.
_________
(١) وأركون حسب معرفتي به من خلال كتبه المنشورة أجزم بأنه لم يكن يؤمن بإله ولا دين ولا نبي ولا إسلام ولا أي شيء إلا العقل الغربي المحض.
1 / 22
ويوضح لنا سيد القمني في هذه الفقرة أنه لا دليل على صدق الإسلام، وبالتالي فلا يجوز استثناء شيء من النقد، قال: إن شرط العلمانية هو السماح بالنقد الموضوعي دون حدود ولا سقوف حمراء، لذلك أفهم أن تكون مسلما أو مسيحيا وأن تكون أيضا علمانيا، أي أنك لا تفرض دينك على غيرك، وتقبل نقد دينك لأنه لا دليل على صدقه. لذلك لا نصدقه إنما نؤمن به، والفرق عظيم في آليات الموقفين. فكل دين يزعم المؤمنون به أنه الصدق المطلق، وهو ما يعني عدم الصدق بالمرة، لتناقض الأديان تناقضا تاما والمصدر واحد إذا سلمنا بالإيمان. انتكاسة القمني، عفوا انتكاسة المسلمين (٣١٥).
وزاد في انتكاسته (٣١٥): إن من يزعم العلمانية وينزعج من نقد دينه هو منافق يرتد عند أول ناصية ويبيعنا جميعا عند أول موقف.
وكل العقائد والمسلمات هي تحت مطرقة نقد العلمانيين، فأركون مثلا يهدف إلى إعادة التفكير الجذري بالرؤيا الأخلاقية والسياسة في الإسلام عن طريق وضع القيم العقائدية والإيمانية التكرارية على محك التاريخ وجعلها إشكالية (Problematique) لا مطلقة أو نهائية تتجاوز التاريخ. ويتأسف على عدم ظهور هذا المشروع الكبير الواسع في العالم الإسلامي (١).
وأكد على مشروعه حول ما سماه تحرير الفكر الإسلامي من سياجاته العقائدية الخاصة به (٢).
وكيف سيتم ذلك؟ أجاب أركون على الفور: لا يمكن أن ينجح ما دامت
_________
(١) الإسلام الأخلاق والسياسة (١٧).
(٢) الأنسنة والإسلام (٣٤).
1 / 23