آراء فلسفية في أزمة العصر
آراء فلسفية في أزمة العصر
اصناف
أن يكشف عن نسبية الحقيقة العلمية، مع علمه التام بصحة ما تزعمه هذه الحقيقة. (3)
أن يتخلى عن الإيمان بعقيدة لا تسمح بوجود العقائد الأخرى؛ بسبب ما يعني ذلك من تمزيق الاتصال، وذلك على ألا يفقد المرء إطلاق أساسه الخاص. (4)
أن يقوم بالكفاح الذي لا مفرح منه ضد ما يختلف من حيث التاريخ، على أن يسمو بالمعركة إلى مستوى المحبة، والاتصال عن طريق الحق الذي ينمو حينما يشترك الناس في العمل، ولا يعملون أفرادا مجردين. (5)
أن نوجه أنفسنا نحو الأعماق التي لا تتكشف إلا بالانقسام إلى تواريخ متعددة، والتي أنتمي إلى واحد منها، ولكنها جميعا تهمني، وكلها مجتمعا يرشدني إلى ذلك المصدر.
إن الإيمان الفلسفي لا ينفصل عن الاستعداد الكامل للاتصال؛ لأن الحق المعتمد لا ينشأ إلا عندما تلتقي العقائد لدى «الشمول المطلق»؛ ومن ثم كان من الحق أن المؤمنين وحدهم هم الذين يستطيعون تحقيق الاتصال. وانعدام الحق، من ناحية أخرى، يصدر عن جمود مضمون الإيمان الذي يكتفي بأن يصدر مضمون إيمان آخر؛ ومن ثم كان من المستحيل أن تتحدث إلى المتعصبين. إن الإيمان الفلسفي يرى في كل اضطرار إلى قطع الموصول وفي كل رغبة فيه حاجزا سميكا.
ولقد قيل إن هذا الإيمان الفلسفي بالاتصال أمر خيالي. ويزعم ناقدو هذا المذهب أن الناس ليسوا كذلك، فهم يندفعون بعواطفهم وبحبهم للسلطة وبمصالحهم العملية المتضاربة. ويكاد الاتصال يفشل دائما، وهو يفشل بكل تأكيد عند الجماهير. وخير حل - وفقا لهذه النظرية - أن نخضع الناس للتقاليد والقوانين التي تعمل على إخفاء الشر والفوضى الشاملة ، اللذين لا يعملان على الاتصال. بيد أن أحسن وسيلة لتحطيم البشر هي أن تتطلب منه أكثر مما ينبغي.
وردا على ذلك نقول: (1)
ليس الناس كما نراهم، وهم أنفسهم مشكلة وعبء، وكل الأحكام العامة التي تتعلق بهم تقول أكثر مما نستطيع أن نعرف. (2)
إن الاتصال بكل صوره جزء من الإنسان كإنسان في أعماق وجوده، إلى حد أنه يجب أن يبقى دائما ممكنا، وليس بوسع المرء قط أن يعرف إلى أي مدى سوف يبلغ هذا الاتصال. (3)
إن إرادة الاتصال الذي لا يقف عند حد ليست برنامجا، ولكنها ماهية الإيمان الفلسفي ذاتها، ومنها تنبثق أهداف الاتصال الخاصة ووسائله في جميع مستوياته. (4)
نامعلوم صفحہ