378

Ar-Raheeq Al-Makhtum

الرحيق المختوم

ناشر

دار الهلال

ایڈیشن نمبر

الأولى

پبلشر کا مقام

بيروت (نفس طبعة وترقيم دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع)

اصناف

ووقعت في هذه المدة مراماة ومقاذفات فالمسلمون أول ما فرضوا الحصار رماهم أهل الحصن رميا شديدا كأنه رجل جراد، حتى أصيب ناس من المسلمين بجراحة، وقتل منهم اثنا عشر رجلا، واضطروا إلى الإرتفاع عن معسكرهم إلى مسجد الطائف اليوم، فعسكروا هناك.
ونصب النبي ﷺ المنجنيق على أهل الطائف، وقذف به القذائف، حتى وقعت شدخة في جدار الحصن، فدخل نفر من المسلمين تحت دبابة «١»، ودخلوا بها إلى الجدار ليحرقوه، فأرسل عليهم العدو سكك الحديد محماة بالنار، فخرجوا من تحتها، فرموهم بالنبل وقتلوا منهم رجالا.
وأمر رسول الله ﷺ كجزء من سياسة الحرب لإلجاء العدو إلى الإستسلام- أمر بقطع الأعناب وتحريقها. فقطعها المسلمون قطعا ذريعا، فسألته ثقيف أن يدعها لله والرحم، فتركها لله والرحم.
ونادى مناديه ﷺ: أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر، فخرج إليهم ثلاثة وعشرون «٢» رجلا فيهم أبو بكرة- تسور حصن الطائف وتدلى منه ببكرة مستديرة يستقي عليها، فكناه رسول الله ﷺ «أبا بكرة» - فأعتقهم رسول الله ﷺ، ودفع كل رجل منهم إلى رجل من المسلمين يمونه، فشق ذلك على أهل الحصن مشقة شديدة.
ولما طال الحصار، واستعصى الحصن، وأصيب المسلمون بما أصيبوا من رشق النبال وبسكك الحديد المحماة- وكان أهل الحصن قد أعدوا فيه ما يكفيهم لحصار سنة- استشار رسول الله ﷺ نوفل بن معاوية الديلي فقال: هم ثعلب في جحر، إن أقمت عليه أخذته وإن تركته لم يضرك، وحينئذ عزم رسول الله ﷺ على رفع الحصار والرحيل، فأمر عمر بن الخطاب فأذن في الناس: إنا قافلون غدا إن شاء الله فثقل عليهم وقالوا: نذهب ولا نفتحه؟ فقال رسول الله ﷺ: اغدوا على القتال، فغدوا فأصابهم جراح، فقال: إنا قافلون غدا إن شاء الله، فسروا بذلك وأذعنوا، وجعلوا يرحلون، ورسول الله ﷺ يضحك.
ولما ارتحلوا واستقلوا قال: قولوا: «آيبون تائبون عابدون، لربنا حامدون» .

(١) لم تكن الدبابة كدبابتنا اليوم، وإنما كانت تصنع من الخشب، كان الناس يدخلون في جوفها ثم يدفعونها في أصل الحصن لينقبوه وهم في جوفها، أو ليدخلوا من النقبات.
(٢) صحيح البخاري ٢/ ٦٢٠.

1 / 385