Ar-Raheeq Al-Makhtum
الرحيق المختوم
ناشر
دار الهلال
ایڈیشن نمبر
الأولى
پبلشر کا مقام
بيروت (نفس طبعة وترقيم دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع)
اصناف
المرحلة الثالثة دعوة الإسلام خارج مكة
الرسول ﷺ في الطائف
في شوال «١» سنة عشر من النبوة (في أواخر مايو أو أوائل يونيو سنة ٦١٩ م) خرج النبي ﷺ إلى الطائف، وهي تبعد عن مكة نحو ستين ميلا، سارها ماشيا على قدميه جيئة وذهوبا، ومعه مولاه زيد بن حارثة، وكان كلما مر على قبيلة في الطريق دعاهم إلى الإسلام، فلم تجب إليه واحدة منها، فلما انتهى إلى الطائف عمد ثلاثة إخوة من رؤساء ثقيف، وهم عبد ياليل ومسعود وحبيب أبناء عمرو بن عمير الثقفي، فجلس إليهم ودعاهم إلى الله، وإلى نصرة الإسلام، فقال أحدهم: هو يمرط ثياب الكعبة (أي يمزقها)، إن كان الله أرسلك، وقال الآخر: أما وجد الله أحدا غيرك، وقال الثالث: والله لا أكلمك أبدا، إن كنت رسولا لأنت أعظم خطرا من أن أرد عليك الكلام، ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي أن أكلمك. فقام عنهم رسول الله ﷺ، وقال لهم: إذا فعلتم ما فعلتم فاكتموا عني.
وأقام رسول الله ﷺ بين أهل الطائف عشرة أيام، لا يدع أحدا من أشرافهم إلا جاءه وكلمة، فقالوا: اخرج من بلادنا، وأغروا به سفهاءهم، فلما أراد الخروج تبعه سفهاؤهم وعبيدهم، يسبونه ويصيحون به، حتى اجتمع عليه الناس، فوقفوا له سماطين (أي صفين) وجعلوا يرمونه بالحجارة وبكلمات من السفه، ورجموا عراقيبه، حتى اختضب نعلاه بالدماء. وكان زيد بن حارثة يقيه بنفسه، حتى أصابه شجاج في رأسه، ولم يزل به السفهاء كذلك حتى ألجأوه إلى حائط لعتبة وشيبة ابني ربيعة، على ثلاثة أميال من الطائف، فلما التجأ إليه رجعوا عنه، وأتى رسول الله ﷺ إلى حبلة من عنب، فجلس تحت ظلها إلى جدار فلما جلس إليه واطمأن، دعا بالدعاء المشهور الذي يدل على امتلاء قلبه كابة وحزنا مما لقي من الشدة، وأسفا على أنه لم يؤمن به أحد، قال:
_________
(١) صرح بذلك النجيب آبادي في تاريخ الإسلام ١/ ١٢٢، وهو الراجح عندي.
1 / 113