اقزام جبابرہ

مارون عبود d. 1381 AH
93

اقزام جبابرہ

أقزام جبابرة

اصناف

لها ما بعدها أقيمت على شرف القصصي العظيم.

قام الشعراء والخطباء بما وجب، وتقدم أناس معدودون لهذه المهمة وسألوا المؤلف أن يوقع على نسخ من قصة «فريدة»، ففعل ذلك بتواضع. وفي الغد ظهرت كلمة في جريدة رصينة هذا نصها:

حقا إن الأدب مهزلة في هذا البلد، إذا أقيمت حفلة على شرف مؤلف «فريدة» فماذا نترك لمؤلف تغريبة بني هلال؟ يا ضيعة الحبر تسود به صفحات لا تبيض وجه البلاد! كان قد هان علينا الأمر لو لم يمثلوا هذا الدور المضحك المبكي، ولو درى المؤلف المغفل أنها مهزلة لاختار طريقا أمثل من الطريق الذي سلك. إن سكون ريح النقد عندنا جرأ زعانف

6

الأدباء على التأليف، ولولا التدجيل الذي يؤدي إلى التضليل لظل صاحب «فريدة» في حقله، ولم يقتحم الغابات العذراء التي لا يرتادها غير النوابغ ... فما دامت الأقلام تحابي وتكتب ما يوحى به إليها، فلا ينتظر أن يكون لنا أدب صحيح.

وفي غرفته التي رتبها ونظمها على طراز فني، قعد صاحبنا تحت المصباح الكهربائي المحجب بمظلة بنفسجية يطالع «رسالة الغفران». وجاءه أحد أعوانه بالصحيفة فقرأ ما كتبه بحيرة ودهشة وقال في نفسه: يا للعجب! إن قصتي لمامة، الفصل الأول من عند موباسان، والثاني أخذ عن فلوبير، والتحليل لدوستويفسكي، والغرائب عن ادغار بووديماس، والتعابير أكثرها عن فصحاء العرب، فكيف لا تكون قصة «فريدة» فريدة؟ الحق مع المتنبي والشعراء الذين قلدوه فيما بعد: إنه الحسد، فأكثر النقاد حساد ... فليفطسوا.

ثم بدا في وجهه غضب حليم، فضرب مكتبه بجمع يده وقال: أنا خالد، وكتابي خالد، غدا تقدرني الحكومة فتزين عنقي بقلادة المجد، أو تبصم صدري فيشع عليه نجم الافتخار. وقد ألفت منذ اليوم لجنة تعنى بتكريمي وتلتمس ذلك.

وجره الحزن العميق إلى وادي الكرى، فرأى أنه في العالم الثاني، العالم الذي لم يره، ولكنه قرأ وصفا له. رأى نفسه في كوخ حقير، ليس فيه غير حصير مقطع، وقربه كوز معشوشب، وليس حول ذلك الكوخ غير قندول، وعجرم، وعليق،

7

فلم يعجبه ذاك المصير.

نامعلوم صفحہ