أكانت مصادفة أن يجد نفسه أمام المطعم الذي شهد ميلاد الحب بين جنبيه؟ إنه لا يدري ... كل الذي يعلمه أنه أطاع قدميه، وولج باب المطعم، وقصد إلى نفس المائدة، وجلس إلى نفس المقعد ... ودار بعينيه يتأمل ما حوله، ويتفقد بهجة عش الغرام الجميل، وأحسه ساكنا مكتئبا، ومد بصره إلى الأمام إلى أقصى القاعة، حيث يجلس الثري العاشق وحيدا مهزوما!
غالط عينيه، وعاد ببصره ثانيا يحملق ... فآب بنفس النتيجة؛ إن الثري العاشق لم يكن وحيدا، إن معه امرأة لا يكاد يرى وجهها!
وهب مذعورا كمن لسعته أفعى! لقد كانت هي! هي بعينها! بفرائها الثمين، وقد تراخى على حافة المقعد، وساعدها البض، وقد ارتمى في دلال على كتف سيد بك!
وأحس بموقفه، فعاد إلى مقعده متخاذلا، وحانت منها التفاتة فالتقت أعينهما! وراعه ذلك البرود الذي تلقت به نظراته!
إنها لم ترتعد، ولم ترتبك، وإنما تلقت نظراته بابتسامة، ابتسامة ساخرة، لا تعرف الحياء!
كيف قضى الليلة، وكيف طلع عليه النهار؟!
لقد مرت عليه كل دقيقة بألف خاطر وألف تأويل، وعبثا حاول أن يخطئ عينيه، لقد كان يئوب من كل محاولة بالحقيقة المرة! إن العين لا تخطئ ساعة كاملة ... إنها هي!
وأمسك بالتليفون أكثر من مرة، ولكنه لم يجرؤ أن يتكلم!
وغادر مكتبه، وقد أعماه الغيظ، وسار في خطوات محمومة، وأحس بنفسه وهو يقرع في عنف الجرس الصغير على باب شقتها؟!
وقالت وهي تتأمل وجهه في خمول وعدم اكتراث: ماذا؟ هل جننت؟ إن الجرس لا يدق بهذا العنف.
نامعلوم صفحہ