بدأ تيد يخبرها عن أحداث اليوم، وما قاله المدير، وما قاله هو، بقدر ما استطاع التذكر. وخلال سرده للأحداث، جاءت ردوده إلى حد ما أكثر هدوءا وتنظيما ورصانة مما كانت عليه في الواقع. «ولذا قلت إنني سأتزوجك، ثم فكرت أنني افترضت موافقتك جدلا. ماذا لو رفضت الزواج مني؟»
قالت فرانسيس: «حسنا، كنت تعلم أنني لن أرفض.»
بالطبع كان يعلم ذلك؛ إذ كانا سيعمقان العلاقة وما من شيء سيوقفهما. لا والدة فرانسيس، التي كانت تجلس في المطبخ تقرأ دون أن تدري أن زواجهما كان بمنزلة حكم بالإعدام عليها (لأن هذا ما كان سيصير إليه الأمر؛ حيث ستذهب إلى كلارك وأديليد، وتقتلها الفوضى التي تحكم بيتهما؛ فسينسيان أمر الكتب التي تجلب لها من المكتبة وستذهب إلى فراشها وتموت)، ولا ابنتا تيد الصغيرتان، اللتان كانتا تتزلجان بعد الظهيرة في حلبة التزلج الخارجية على الأنغام الخافتة لموسيقى «حكايات من غابات فيينا» وتستمتعان - استمتاعا مكبوتا يملؤه الشعور بالذنب - بانتباه المارة الذي جلبه عليهما موت أخيهما.
قالت فرانسيس: «أتشرب قهوة؟ أوه، لا أعلم أساسا ما إن كان لدينا بن؛ فنحن ندخر جميع كوبونات التموين من أجل الشاي. أعد لك كوبا من الشاي؟» «ونحن ندخر كوبونات التموين من أجل البن. كلا، لا تكترثي.» «أنا آسفة.» «لا أريد أي شيء حقا.»
قالت فرانسيس: «نحن مصدومان، كلانا مصدوم.» «كان الأمر سيحدث بجميع الأحوال. كان سيصبح لزاما علينا اتخاذ القرار عاجلا أم آجلا.» «هل تعتقد هذا؟»
رد تيد بنفاد صبر: «أجل، بالطبع. طبعا كنا سنفعل ذلك.»
لكن لم يبد الأمر كذلك بالنسبة إلى فرانسيس، وتساءلت ما إن كان قد قال ذلك فقط لأنه لم يتحمل فكرة خروج أي شيء عن سيطرته - وبهذه الصورة المبالغ فيها والقاسية - ولأنه شعر بأنه مضطر لأن يخفي عنها الدور الصغير الذي لعبته في كل ذلك. كلا، ليس دورا صغيرا، بل دور غامض. كانت هناك سلسلة طويلة من الأحداث، كثير منها مخفي عنها، هي التي جلبته إلى هنا لكي يتقدم للزواج منها في أكثر الأماكن ملاءمة لذلك، الغرفة التي تقضي فيها والدتها معظم أوقاتها. لقد جعلت هذه الأحداث منها ضرورة. ولم يكن من المجدي التفكير فيما إذا كان أي شخص آخر سيسير على النهج نفسه، ولا التفكير فيما إذا كان هذا سيحدث لو لم تتصل حلقات سلسلة الأحداث بهذا الشكل المحكم؛ لأن سلسلة الأحداث كانت مترابطة بهذا الشكل المحكم، ولم يكن أي شخص آخر غيرها في ذلك الموقف، بل كانت هي نفسها فرانسيس؛ فرانسيس التي طالما آمنت بأن شيئا ما سيحدث لها، بأن لحظة ما فاصلة وواضحة ستأتي، وأنها ستجد نفسها وجها لوجه أمام مستقبلها. لقد تنبأت بذلك، وربما تنبأت بفضيحة ما، ولكنها لم تتنبأ بهذا العبء والإزعاج واحتمالية الأسى التي كانت في جوهر هذا الأمر.
قالت له: «يجب أن نتوخى الحذر.»
اعتقد أنها تقصد أنهما يجب ألا ينجبا أبناء لبعض الوقت على الأقل، وقد وافق على ذلك، مع أنه رأى أنها اختارت وقتا غير ملائم لإثارة أمر كهذا، ولكنها لم تقصد ذلك على الإطلاق. •••
وقفت فرانسيس بالقرب من أخيها كلارك ونعش زوجة أخيها أديليد تتلقى التعازي في دار مناسبات هانراتي بعد ذلك بثلاثين عاما تقريبا. وكانت دار المناسبات تقع على امتداد متجر الأثاث الذي كان مجاورا لمتجر الإلكترونيات القديم الذي كانت تقطن أعلاه هي وأمها. وبعد هذه الفترة الطويلة كان متجر الإلكترونيات قد احترق. والآن ما نتخيله هو أن فرانسيس تقف أسفل البناية التي عاشت فيها فترة طويلة من عمرها، ولكن فرانسيس نفسها لا تتخيل ذلك.
نامعلوم صفحہ