اقباط اور مسلمان: عرب فتح سے لیکر 1922 تک
أقباط ومسلمون: منذ الفتح العربي إلى عام ١٩٢٢م
اصناف
على أن معاملة الأمويين للشعوب المغلوبة كانت بصفة عامة أحسن من معاملة العباسيين لهم، فكثيرا ما استعمل هؤلاء القوة والعنف لابتزاز الأموال، وأكبر الظن أن حاجتهم الملحة إلى المال حالت دون اتباعهم سياسة اللين، وعلى كل، فإن تاريخ البطاركة اليعاقبة ما هو إلا سلسلة طويلة من الشكاوى، ابتدأت من عهد البطريرك الثاني والخمسين بعد القديس مرقص، وقد بلغ اليأس بأحد الأساقفة، واسمه قزمان، إلى حد جعله يتنازل عن سلطته لعلية القوم من طائفته، فجعلهم مسئولين عن تأدية المبالغ المستحقة للحكومة ثم انسحب إلى مدينة «دمرو». (4) ثورة الأقباط
أدرك الأقباط أنهم بالغوا في تفاؤلهم؛ لأن الحكومة مهما كانت متسامحة لا تستطيع أن تعيش دون جباية الضرائب، وزادت خيبة أملهم عندما أدركوا أن الفاتح الجديد كان يريد أن ينعم بثمرة انتصاره، لذلك لم يلبثوا أن وضعوا نصب أعينهم هدفا واحدا هو تغيير حكامهم الجدد والتحرر من ربقتهم.
وقف الشعب في أثناء الفتح موقف المحايد، الذي يعطف على العرب، ولكن بعض الأقباط الذين يسكنون ضواحي الإسكندرية انحازوا إلى البيزنطيين، وانضموا إلى صفوفهم عندما قام هؤلاء بهجوم مضاد على العرب ، وسبب هذا الانحياز - كما سبقت الإشارة إليه - أن عمرا أجاب بخشونة على صاحب «إخنا» عندما طلب إليه تحديد قيمة الضريبة الواجب دفعها للخزينة.
غير أن الأقباط لم يحركوا ساكنا بعد مقتل عثمان والانشقاق الذي حدث بين أنصار علي بن أبي طالب وأعدائه، وقد أثار هذا الموقف دهشة المستشرقين، ولكن الأكليروس القبطي - وكان وقتئذ هو الذي يمكنه إشعال نار الثورة - كان راضيا كل الرضا عن الاحتلال العربي؛ لأن عمرو أكرم بطريركهم كل الإكرام وأحاطه بالإجلال والاعتبار وطلب إليه نصائحه وبركته، وأمر بإعفاء رجال الدين من الجزية.
ولما قامت ثورة العباسيين على الأمويين، كان الموقف في مصر قد تغير كل التغير؛ لأن خلفاء دمشق فرضوا الجزية على رجل الدين وزادوا نسبتها على الشعب؛ وذلك لحاجتهم إلى المال مما أغضب الشعب لهذين الإجراءين فثار عام 107ه «725م» في أثناء خلافة هشام بن عبد الملك، وهذا دليل على عدم رضاء الأقباط - وعلى رأسهم رجال الدين - عن حكامهم.
وقد شاء القدر أن يلجأ مروان بن محمد، آخر الخلفاء الأمويين إلى مصر حيث اضطهد البطريرك قبل أن يكبله بالحديد، وكان هذا العمل بمثابة إيذان لانضمام النصارى كلهم إلى صف العباسيين «الخراسانيين كما كان يسميهم ساويرس بن المقفع»، وقد زودنا هذا المؤرخ بمعلومات على جانب عظيم من الأهمية عن أبناء ملته فقال: «كان بقية النصارى بمصر قالوا للخراسانيين: «هذا أبونا البطرك عند مروان ولا ندري ما يصنع به»، وكان البشامرة «أهل البشمور» قد لقوهم من الفرما وقالوا للخراسانيين: إن بطركنا قد أخذه مروان ليقتله بسبب أنا قاتلناه وقتلنا عسكره قبل مجيئكم إلينا، وكان الناس يقولون إن يد الرب مع الخراسانيين، وكانوا إذا وجدوا قوما عليهم علامة الصليب، يخففون عنهم الخراج ويرفقون بهم ويعملون معهم الخير في جميع البلاد، وصلبوا مروان منكسا بعد أن قتلوه، وجلب الخراسانيون أنبا خيال وأكرموه كرامة عظيمة.
71
ولما كان العباسيون أكثر دراية من عمرو، فقد عرفوا كيف يستعينون بالأهالي، الذين كانوا على استعداد لمساعدتهم ضد حكام البلاد، إلا أن كثيرا ما يعيد التاريخ نفسه؛ إذ قد وجد العباسيون أنفسهم مضطرين إلى فرض ضرائب باهظة، ويقول ساويرس في ذلك: «ولما كان في ثالث سنة من مملكة الخراسانيين، أضعفوا الخراج وأكملوه على النصارى ولم يوفوا لهم بما وعدوهم.».
72
وأدت هذه السياسة إلى تعدد الثورات في البلاد واستفحال أمرها، فقد قامت خمس ثورات مهمة بين سنة 121ه «739م» وسنة 156ه «773م».
نامعلوم صفحہ