132

والخامس: أنه صلى الله عليه وآله وسلم حكم بأن المتمسك بهما لا يضل وذلك يدل على أنه إنما لا يضل إذا جمع بينهما في التمسك، وإلا لم يكن فائدة [64-ج]في أمره بالتمسك بهما جميعا وضمان انتفأء الضلال بذلك فلو كان إجماعهم ليس بحجة لجاز أن يتمسك بالكتاب دونهم، ويكون مهتديا فلا يكون لقوله: ((ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي)). فائدة بل يجري مجرى قوله كتاب الله والصبيان وسائر الناس، وذلك محال -والسادس: أنه بظاهر الخبر قد أمننا من الضلال إذا تمسكنا بالعترة فلو جاز أن يجمعوا على ضلال لكان تلبيسا وتعمية للمراد، وذلك لا يجوز، وإذا لم يكونوا على ضلال فهم على الحق كما قال الله سبحانه: {فماذا بعد الحق إلا الضلال}[يونس:32] فأحدهما في مقابلة الآخر، وقد أمر سبحانه ألا يقولوا على الله إلا الحق بقوله: {لا تقولوا على الله إلا الحق}[النساء:171]؛ فإذا كان قولهم هو الحق وجب أن نقول به وهو معنى قولنا إن إجماعهم حجة.

والسابع: قوله -صلى الله عليه وآله وسلم: ((إني تارك فيكم))، ولا يكون فائدة في تركه العترة فينا إلا متى كان قولهم وإجماعهم حجة لنا وعلينا، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان هو الحجة في حياته فلا يفهم من قوله ((تارك فيكم)) إلا ما يكون بدلا منه فيما كان كافيا فيه، ويكون المتروك بدلا عنه فبذلك ثبت أن إجماعهم حجة.

وقد أكد ذلك وزاد بيانا قول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم: ((مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق))، وفي بعض سماعنا غرق وهوى، وهذا يقتضي أن النجاة بمتابعتهم فيما أجمعوا عليه كما أن من تبع نوحا عليه السلام فركب معه في السفينة حصلت له النجاة من الغرق، ويكون مخالفتهم في ذلك كمخالفته عليه السلام، فكما أن ابن نوح وغيره كان من المغرقين لمخالفة أبيه باطراح السفينة كذلك من خالفهم عليهم السلام فهو من المغرقين بعذاب الله الهالكين بمخالفتهم.

يزيد ذلك تأييدا ما روى الحاكم رحمه الله عن ابن مسعود: أن لأمة محمد فرقة وجماعة فجامعوها إن اجتمعت؛ فإذا افترقت فكونوا في النمط(1) الأوسط، ثم ارقبوا أهل بيت نبيكم فإن حاربوا فحاربوا، وإن سالموا فسالموا فإن زالوا فزولوا معهم حيث زالوا، فإنهم مع الحق لن يفارقهم ولن يفارقوه.

صفحہ 136