«فمن أراد صدق هذا القول [أى تعجب الإنسان مما خلقه الله]، فلينظر بعين البصيرة إلى هذه الأجسام الرفيعة، وسعتها، وصلابتها، وحفظها عن التغير والفساد إلى أن يبلغ الكتاب أجله. فانّ الأرض والهواء والبحار، بالإضافة إليها، كحلقة ملقاة فى فلاة. قال الله تعالى [سورة الذاريات ٥١/٤٧]: (والسماء بنينها بأييد وإنّا لموسعون) .
ثم إلى دورانها مختلفا؛ فان بعضها يدور بالنسبة إلينا رحوية، وبعضها حمائلية، وبعضها دولابية، وبعضها يدور سريعا، وبعضها يدور بطيئا.
ثم إلى دوام حركاتها من غير فتور. ثم إلى إمساكها من غير عمد تتعمد به، أو علاقة تتدلى بها. ثم لينظر إلى كواكبها وشمسها وقمرها، واختلاف مشارقها ومغاربها لاختلاف الأوقات التى هى سبب نشوء الحيوان والنبات. ثم إلى عدد كواكبها فى منازل مرتبة، بحساب مقدر لا يزيد ولا ينقص. ثم إلى عدد كواكبها وكثرتها واختلاف ألوانها ... ثم إلى مسير الشمس فى فلكها مدة سنة، وطلوعها وغروبها كل يوم لاختلاف الليل والنهار، ومعرفة الأوقات، وتمييز وقت المعاش عن وقت الاستراحة. ثم إمالتها عن وسط السماء إلى الجنوب وإلى الشمال، حتى وقع الصيف والشتاء والربيع والخريف. وقد اتفق الباحثون على أنها مثل كرة الأرض مائة مرة ونيّف وستّون مرة ...
ثم لينظر إلى جرم القمر وكيفية اكتسابه النور من الشمس. لينوب منها بالليل؛ ثم إلى امتلائه وانمحاقه، ثم إلى كسوف الشمس وخسوف القمر ...» هـ-.
المقدمة / 7