بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المؤلف
الحمد لله الذي كمل آلاؤه، وشمل نعماؤه، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي اقتدى به أصفياؤه وأنبياؤه، وعلى آله وأصحابه الذين اهتدى بهم أتقياؤه وأولياؤه وبعد فلما صعبت اصطلاحات الفقهاء في الكتب في مفاتح الأبوبة والكتب، استحثني نهاية العجز على الحد، والثني غاية الحرص على الجد، فالتجأت من فترة الخواطر إلى حصون العلماء، واسترجعت أذيال الفحول من الفضلاء، لما نحتاج في الظواهر تأويلا فضلا على البواطن تعليلا، وتجرعت من نحورهم ذوقا وتشممت من بخورهم شوقا، واكتحلت من آثارهم غبرة دواء دوى عيني عبرة وأزبر فيها ما إليه أوفق حتى يكون زبرا زبره، متوسما بأنيس الفقهاء سمة ومتوشما برسوم الفضلاء شمة ومن الله أستمد الرشاد في العاجل وإليه أبتهل الإسعاد في الآجل، وبه أستعين، وعليه التكلان، وهو حسبي ونعم المستعان.
1 / 3
كتاب الطهارة
مدخل
...
كتاب الطهارة
الكتاب لغة: إما مصدر من كتبه كتبا وكتابا وكتبة وكتابة بمعنى الجمع سمي به المفعول للمبالغة، أو فعال بُني للمفعول كاللباس للملبوس وعلى التقديرين يكون بمعنى المجموع.
واصطلاحا: مسائل اعتبرت مستقلة شملت أنواعا:
كذا في "درر الحكام في شرج غرر الأحكام" اختار لفظ كتاب على باب؛ لأن فيه معنى الجمع والباب بمعنى النوع وكان الغرض بيان أنواع الطهارة لا نوعا.
وفي الصحاح: "والكتاب معروف والجمع: كُتُبٌ وكُتْبٌ، والكتاب الفرض والحكم والقدر".
والكاتب عندهم: العالم، والجمع الكَتْبُ، والكُتَّاب: الكَتَبة، والمُكْتب الذي يعلم الكتابة، والكتيبة: الجيش.
الطهارة: مصدر: طهر الشيء وطهر خلاف نجس، والطهر خلاف الحيض، والتطهير: الاغتسال يقال: طهُرت: إذا انقطع عنها الدم.
والطَهُور بالفتح مصدر بمعنى التطهير ومنه "مفتاح الصلاة الطهور" ١ واسم لما يتطهر به كالسحور والفطور والقطوع، وصفة في قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ . [سورة الفرقان: آية ٤٨] . كذا في المغرب. وفيه ما حكي عن ثعلب٢ "أن الطهور ما كان طاهرا في نفسه مطهرا لغيره". وفي المحيط الطهارة نوعان:
حقيقة: وهي إزالة النجاسة الحقيقية.
وحُكْمية: وهي الوضوء والغسل. وكلا الطهارتين يحصل بالماء المطلق. وإنما لم تجمع الطهارة لأنه مصدر والأصل فيه أن لا يثنى ولا يجمع ومن جمعها قصد التصريح به.
_________
١ رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: هذا الحديث أصح شيءٍ في هذا الباب.
٢ هو أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار النحوي الشيباني بالولاء كان إمامًا في النحو واللغة وكان ثقة حجّة، مشهورًا بالحفظ والمعرفة بالعربية ورواية الشعر. ولد سنة مائتين وتوفي سنة إحدى وتسعين ومائتين. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان ١/٣٦ وشذرات الذهب ٢/٢٠٧.
1 / 5
وإنما قدم الطهارة لأنها شرط الصلاة والشرط مقدم على المشروط. وخص الطهارة بالبداية من بين شروط الصلاة لكونها أهم لأنها لا تسقط بعذر فسبب وجوبها الصلاة بشرط الحدث.
وهي لغة: النظافة وخلافها الدنس، وشرعا: النظافة المخصوصة المتنوعة إلى وضوء وغسل وتيمم وغسل البدن والثوب ونحوه.
النَّجَس بفتح الجيم: عين النَّجَاسَة، وبكسرها: ما لا يكون طاهرا كالثوب النَّجِس.
هذا في اصطلاح الفقهاء، وأما في اللغة فيقال: نجس الشيء يَنْجُس فهو نَجِس ونَجَس بالكسر والفتح.
فرض الوضوء:
الفرض لغة: القطع والتقدير، وشرعًا: حكم لزم بدليل قطعي، وحكمه أن يستحق العقاب تاركه بلا عذر ويكفر جاحده كذا في الدرر. وفي الصحاح للجوهري: الفرض: العطية المرسومة يقال: ما أصبت منه فرضًا ولا قرضًا.
الوضوء في اللغة: من الوَضَاءة وهو الحُسْن والنظافة والنقاوة، وفي الشرع: الغسل والمسح في أعضاءٍ مخصوصةٍ وفيه المعنى اللغوي لأنه يحسن الأعضاء التي يقع فيها الغسل.
وفي الاختيارات: الوضوء ثلاثة أقسام:
أحدها: فرض، وهو وضوء المحدث عند إرادة الصلاة لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ﴾ . [سورة المائدة: الآية ٦] الآية.
وثانيها: واجب، وهو الوضوء للطواف حول الكعبة لقوله ﷺ: "الطواف صلاة إلا أن الله أباح فيه المنطق" ١.
وثالثها: مندوب أي: مستحب، وهو الوضوء للنوم، وغسل الميت وبعد الغيبة وبعد القهقهة. وفي المغني: والخلاصة أن الوضوء بعد الغيبة وإنشاد الشعر والقهقهة مندوب.
وهو بالضم المصدر وبالفتح الماء الذي يتوضأ به وقد وضؤ وتوضأ وضوءًا حسنًا
_________
١ أخرجه أحمد في مسنده ٣/٤١٤ والترمذي في التحفة ٤/٣٣ وما بعدها، والنسائي في سننه ٥/١٧٦ والدارمي ٢/٤٤ والبيهقي ٥/٨٧ والحاكم في المستدرك ١/٤٥٩.
1 / 6
بوضوء طاهر كذا في الصحاح والمغرب.
والغُسْل: الإسالة، والغُسَالة: ما غسلت به الشيء: والغسول: الماء الذي يغتسل به وكذلك المغتسل، والمغتسل أيضا: الذي يغتسل فيه. والغِسْلُ بالكسر ما يُغسل به الرأس من خطمي وغيره، ومنه الغِسْلين: وهو ما انغسل من لحوم أهل النار ودمائهم. كذا في الصحاح.
وفي المغرب: غسل الشيء: إزالة الوسخ ونحوه عنه بإجراء الماء عليه. والغُسْلُ بالضم: اسم من الاغتسال وهو غسل تمام الجسد واسم للماء الذي يغتسل به أيضا. ومنه حديث ميمونة١ ﵂: "فوضعت غسلا للنبي ﷺ" ٢.
والمني: ماء الرجل وهو مشدّد.
والمذْي بالتسكين: الماء الذي يخرج من الذكر عند الملاعبة والتقبيل يقال: مذى وأمذى ومذّى.
والوَدْي بالتسكين: ماء يخرج بعد البول، وكذلك الوديُّ بالتشديد.
والخِتَان: موضع القطع في الذكر، وقد تسمى الدعوة لذلك ختانًا.
والحشفة: ما فوق الختان.
والمسح: هو الإصابة، والمساحة قدر عرض مفاصل الأصابع.
اليد: من المنكب إلى أطراف الأصابع والجمع: أيد والأيادي جمع الجمع، وأصل اليد يَدْيٌ على فَعْل ساكنة العين لأن جمعها أيدٍ وَيُديٌ.
السواك يجيء بمعنى الشجرة التي يستاك بها، وبمعنى المصدر وهو المراد ههنا كذا
_________
١ ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية، زوجة النبي ﷺ، تزوجها سنة سبع، وكان اسمها برّة، فسمّاها رسول الله ﷺ ميمونة. توفيت سنة إحدى وخمسين، انظر أسد الغابة ٧/٢٧٢ وما بعدها والاستيعاب في معرفة الأصحاب ٤/١٩١٤ وما بعدها.
٢ هذا الحديث جزء من حديث طويل أخرجه البخاري في كتاب الغسل ١/٥٧ والدارمي في كتاب الطهارة ١/٩١ والترمذي في كتاب الطهارة ١/٣٥٠ وابن ماجه في كتاب الطهارة ١/١٩٠ وأحمد بن حنبل ٦/٣٣٥.
1 / 7
في الدرر.
وقال رسول الله ﷺ: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة"، وفي رواية "عند كل وضوء لأنه مطهر للفم" ١. وقال ﷺ: "السواك مطهرة للفم ومرضاة للرب" ٢. وقال ﷺ: "طهروا مسالك القرآن بالسواك" ٣. وقال ﷺ: "صلاة بسواك أفضل من سبعين صلاة بغير سواك" ٤ وقال ﷺ: "استاكوا عرضًا وادهنوا غبًّا واكتحلوا وِترًا" ٥. والمستحب أن يستاك عرضا لا طولا،
_________
١ أخرجه البخاري في كتاب الجمعة "باب السواك يوم الجمعة ١/١٥٩ ومسلم في كتاب الطهارة ١/٢٢٠ وأبو داود في كتاب الطهارة ١/١٢ والنسائي الطهارة ١/١٦ وابن ماجه كتاب الطهارة ١/١٠٥ وأحمد بن حنبل في مسنده ١/٨٠ والترمذي في كتاب الطهارة ١/١٠١ وما بعدها.
٢ أخرجه البخاري في كتاب الصوم ١/٣٣١ والنسائي في كتاب الطهارة ١/١٥ وابن ماجه كتاب الطهارة ١/١٠٦ والدارمي كتاب الطهارة ١/١٧٤ وأحمد بن حنبل ١/٣، ١٠.
٣ هذا الحديث لم أقف على من خرجه بهذا اللفظ لكن ابن ماجه أخرج في سننه عن علي بن أبي طالب موقوفًا ما نصه: "إن أفواهكم طرق للقرآن فطيّبوها بالسواك". وقال عنه: إسناده ضعيف. انظر سنن ابن ماجه كتاب الطهارات ١/١٠٦.
٤ هذا الحديث روي من طرق متعددة وبألفاظ متقاربة وقد ضعف النووي هذا الحديث وقال ما نصه: "ضعيف رواه البيهقي من طرق وضعفها كلها كذا ضعف غيره، وسبب ضعفه: أنّ مداره على ابن إسحاق وهو مدلس ولم يذكر سماعه. انتهى كلام النووي. لكنه روي من طرق أخرى: فقد رواه أبو نعيم من حديث الحميدي عن الزهري ورجاله ثقات. ورواه ابن عدي في كامله عن أبي هريرة بلفظ يقاربه. وعليه فطرق هذا الحديث يقوي بعضها بعضًا فتجعله يصلح للعمل به خاصة وأنه من فضائل الأعمال. انظر شرح المهذب ١/٣٣١، وكشف الخفا ٢/٢٦.
٥ هذا الحديث لم يثبت، قال عنه النووي: "هذا الحديث ضعيفٌ غير معروف ونقل عن ابن الصلاح أنه قال: "بحثت عنه فلم أجد له أصلًا وليس له ذكر في شيءٍ من كتب الحديث.
1 / 8
أي يجعل السواك مما يلي عرض الأسنان لا مما يلي عمودها، ويدهن غبًا: أن يدهن يومًا ويترك يومًا ويكتحل وترًا أي: في كل عين ثلاثة أطراف وقيل: بل في اليمنى ثلاثًا وفي اليسرى اثنان.
والمضْمَضةُ: تحريك الماء في الفم ويقال ما مضمضت عيني بنوم أي: ما نمت، وتمضمض في وضوئه، كذا في الصحاح. وفي الطلبة: المضمضة: تطهير الفم بالماء، وأصلها تحريك الماء في الفم.
الاستنشاق: إدخال الماء في الأنف. وفي الطلبة: الاستنشاق تطهير الأنف بالماء.
وفي الصحاح استنشقت الماء وغيره إذا أدخلته في الأنف.
الاسْتِنْثار: استنشاق وهو نثر ما في الأنف بنفس، ومما يدل على أنه غير الاستنشاق ما روي أنه ﷺ: "كان إذا توضأ يستنشق ثلاثا في كل مرة يستنثر" ١ وعن أبي هريرة ﵁ أنه قال: قال ﷺ: "إذا توضأ أحدكم فليجعل الماء في أنفه يستنثر". وفي حديث آخر "إذا استنشقت فانثر" ٢ بوصل الهمزة وقطعها، وأنكر الأزهري القطع كذا في المغرب. الإغماء عند الفقهاء: وهو كون العقل مغلوبا فيدخل فيه السكر، وعند الأطباء: امتلاء بطون الدماغ من بلغم بارد غليظ، وفي حدود المتكلمين: الإغماء سهو يلحق الإنسان مع فتور الأعضاء لعلة.
والغَشْي عند الأطباء: "تعطل القوى المتحركة الحساسة لضعف القلب واجتماع الروح إليه بسبب خفي في داخل فلا يجد منفذًا، ومن أسباب ذلك امتلاء خانق، أو مؤذ بارد، أو جوع شديد، أو آفة في عضو مشارك كالقلب والمعدة.
والجُنون: وهو كون العقل مسلوبا.
صَدِيد الجُرح ماؤه الرقيق المختلط بالدم قبل أن تغلظ المِدّة.
_________
١ هذا الحديث لم أقف على من أخرجه بهذا اللفظ وأخرج البخاري فيما يقرب من لفظه ومعناه في كتاب الوضوء فليرجع إليه ١/٤٣.
٢ أخرجه مسلم في كتاب الطهارة ١/٢١٢ وأحمد بن حنبل ٢/٢٤٢ والنسائي كتاب الطهارة ١/٥٧.
1 / 9
القَيح: المِدّة لا يخالطها دم.
والمِدّة بالكسر: ما يجتمع في الجرح من القيح.
والقَيْء: إلقاء ما أكل أو شرب.
والاستقاء: التكلّف.
والمِلاَء: بالكسر ما يأخذه الإناء إذا امتلأ. والملأ بالفتح: مصدر الإناء.
والاضطِجاع: أن ينام على جنبه.
الاتّكاء: وهو أن يخرج الرجلين من أحد الجانبين ويقعد على المقعد ويسند أحد الجانبين بشيء والمقعد على الأرض.
باب التيمم المناسبة بين البابين أن الأول أصل والثاني خلف ولهذا أخره وهو في اللغة القصد على الإطلاق. وفي الشرع: القصد إلى الصعيد لإزالة الحدث، وفي الدرر: وشرعا: استعمال الصعيد بقصد التطهير. وفي الصحاح: يَمَّمْتُه قصدتُه وتيمّمته تقصدته، وتيممت الصعيد للصلاة، وأصله التعمد والتوخي من قولك تيمّمتُك وتأمَّمْتُك. قال ابن السكيت١: قوله تعالى: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ . [سورة النساء: آية ٤٣] أي: اقصدوا الصعيد، ثم كثر استعمالهم لهذه الكلمة حتى صار التيمم مسح الوجه واليدين بالتراب. _________ ١ هو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق السكيت، أخذ عن الفراء وأبي عمرو الشيباني والأصمعي، اشتهر بمصنفاته ومن أشهرها كتاب إصلاح المنطق، وكان مؤدبًا لأولاد المتوكل ولكنه اختلف معه لما كان يظهره من مودة لآل على فأمر المتوكل بضربه وحمل من عنده مقتولًا سنة ٢٤٤ هـ وقيل غير ذلك. راجع وفيات ٢/٤٠٨ وتاريخ الأدب العربي ٢/٢٠٥ وشذرات الذهب ٢/١٠٦.
باب التيمم المناسبة بين البابين أن الأول أصل والثاني خلف ولهذا أخره وهو في اللغة القصد على الإطلاق. وفي الشرع: القصد إلى الصعيد لإزالة الحدث، وفي الدرر: وشرعا: استعمال الصعيد بقصد التطهير. وفي الصحاح: يَمَّمْتُه قصدتُه وتيمّمته تقصدته، وتيممت الصعيد للصلاة، وأصله التعمد والتوخي من قولك تيمّمتُك وتأمَّمْتُك. قال ابن السكيت١: قوله تعالى: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ . [سورة النساء: آية ٤٣] أي: اقصدوا الصعيد، ثم كثر استعمالهم لهذه الكلمة حتى صار التيمم مسح الوجه واليدين بالتراب. _________ ١ هو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق السكيت، أخذ عن الفراء وأبي عمرو الشيباني والأصمعي، اشتهر بمصنفاته ومن أشهرها كتاب إصلاح المنطق، وكان مؤدبًا لأولاد المتوكل ولكنه اختلف معه لما كان يظهره من مودة لآل على فأمر المتوكل بضربه وحمل من عنده مقتولًا سنة ٢٤٤ هـ وقيل غير ذلك. راجع وفيات ٢/٤٠٨ وتاريخ الأدب العربي ٢/٢٠٥ وشذرات الذهب ٢/١٠٦.
1 / 10
عن الفراء١: الصعيد: التراب، وقال ثعلب: وجه الأرض لقوله تعالى: ﴿فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا﴾ . [سورة الكهف: آية: ٤٠] . والجمع: صُعُد وصُعُدات مثل: طرق وطرقات، والصعود خلاف الهبوط، والصعود بالضم: المصدر يقال: صعد في السلم صعودا كذا في الصحاح.
_________
١ هو أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الأسلمي المعروف بالفراء الديلمي الكوفي. كان أبرع الكوفيين وأعلمهم بالنحو واللغة وفنون الأدب، قال ثعلب: "لولا الفراء لما كانت عربية لأنه خلصها وضبطها ولولا الفراء لسقطت العربية لأنها كانت تتنازع ويدعيها كل من أراد ويتكلم الناس فيها على مقادير علومهم وقرائحهم فتذهب" من أشهر مؤلفاته: الحدود في النحو والمشكل. توفي سنة ٢٠٧ هـ. راجع وفيات الأعيان ٢/٣٠١ وتاريخ الأدب العربي ٢/١٩٩ وشذرات الذهب ٢/١٩.
باب المسح مناسبة هذا الباب بباب التيمم أنه خلف عن الكل والمسح خلف عن البعض ظاهرا ولهذا قدم التيمم كذا في التبين وفي المغرب: المسح: إمرار اليد على الشيء وفيه أيضا أنه ﷺ: "مال بيده في مقدم الخف إلى الساق أي ضرب بها" ١ لما يقال: مال بيده على الحائط أي ضرب بها. وروي عن أبي حنيفة٢ رحمه الله تعالى أنه قال كنت لا أدري المسح على الخفين حتى وردت آثار أضوء من الشمس. وعدم روايته أولا كان قياسا إذ القياس أن لا يجوز المسح عليهما كأن لا يجوز على القلنسوة والعمامة لكن لما _________ ١ الحديث أخرجه الطبراني في معجمه الأوسط من رواية جابر بن عبد الله على ما حكاه الزيلعي في النصب ١/١٨١. وبما يقارب لفظه ومعناه ما أخرجه ابن ماجه في سننه عن طريق جابر أيضًا بإسنادٍ ضعيف ١/١٨٣ والبيهقي من رواية المغيرة بن شعبة ١/٢٩٢. ٢ هو النعمان بن ثابت بن زوطي بن ماه مولى تيم الله بن ثعلبة.. الإمام الفقيه والمجتهد الكبير وصاحب الفضائل الكثيرة والمناقب العظيمة وهو لفضله وإمامته أشهر من أن يعرف. ولد سنة ٨٠ هـ. وتوفي ببغداد سنة ١٥٠ هـ. راجع تهذيب الأسماء واللغات ٢/٢١٦. وفيات الأعيان ٢/٢١٥ وشذرات الذهب ١/٢٢٧ ومعجم المؤلفين ١٣/١٠٤.
باب المسح مناسبة هذا الباب بباب التيمم أنه خلف عن الكل والمسح خلف عن البعض ظاهرا ولهذا قدم التيمم كذا في التبين وفي المغرب: المسح: إمرار اليد على الشيء وفيه أيضا أنه ﷺ: "مال بيده في مقدم الخف إلى الساق أي ضرب بها" ١ لما يقال: مال بيده على الحائط أي ضرب بها. وروي عن أبي حنيفة٢ رحمه الله تعالى أنه قال كنت لا أدري المسح على الخفين حتى وردت آثار أضوء من الشمس. وعدم روايته أولا كان قياسا إذ القياس أن لا يجوز المسح عليهما كأن لا يجوز على القلنسوة والعمامة لكن لما _________ ١ الحديث أخرجه الطبراني في معجمه الأوسط من رواية جابر بن عبد الله على ما حكاه الزيلعي في النصب ١/١٨١. وبما يقارب لفظه ومعناه ما أخرجه ابن ماجه في سننه عن طريق جابر أيضًا بإسنادٍ ضعيف ١/١٨٣ والبيهقي من رواية المغيرة بن شعبة ١/٢٩٢. ٢ هو النعمان بن ثابت بن زوطي بن ماه مولى تيم الله بن ثعلبة.. الإمام الفقيه والمجتهد الكبير وصاحب الفضائل الكثيرة والمناقب العظيمة وهو لفضله وإمامته أشهر من أن يعرف. ولد سنة ٨٠ هـ. وتوفي ببغداد سنة ١٥٠ هـ. راجع تهذيب الأسماء واللغات ٢/٢١٦. وفيات الأعيان ٢/٢١٥ وشذرات الذهب ١/٢٢٧ ومعجم المؤلفين ١٣/١٠٤.
1 / 11
وردت الآثار في جوازه ترك القياس كذا في شرح الطحاوي١.
عن محمد بن سلمة٢ أنه قال ليس في المسح على الخفين اختلاف فقيل الشيعة لا يجوزونه.
يقال الناس رجلان: أهل الفقه وأهل الحديث وسائرهم لا شيء كذا في الاختيارات. فإن قيل: ما الحكمة في إيجاب غسل الأعضاء الثلاثة ومسح الرأس حيث لم يفرض غسله قلنا في ذلك حكم ومصالح لا تحصى منها: أن العذاب في الآخرة لهذه الأعضاء على ما نطق به القرآن فالوجه قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ . [سورة آل عمران: آية ١٠٦] واليد قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ﴾ . [سورة الحاقة: آية ٢٥] . والرأس والرجل قوله تعالى: ﴿فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ﴾ . [سورة الرحمن: آية ٤١] فقدر حكم التطهير تخليصا لها بميامن الطهارة عما يتوجه عليها من العقوبات بهذه.
ولما كانت الثلاثة المغسولة أعظم ذنبا وأدخل في مباشرة المعاصي فقدر لها الغسل بخلاف الرأس فإنه ليس بهذه المثابة فلم يقدر.
ومنها أنه لما خلق آدم وأدخل الجنة منع هو وزوجته من قربان الشجرة فوسوس
_________
١ أحمد بن محمد بن سلامة أبو جعفر الطحاوي الأزدي، كان إمامًا جليل القدر فقيهًا حافظًا، وكان يقرأ على المزني: والله لا يجيء منك شيء، فغضب وانتقل من عنده وتفقه في مذهب أبي حنيفة وصار إمامًا. والطحاوي نسبة إلى طحية قرية بصعيد مصر. ولد سنة ثلاثين ومائتين وتوفي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة.
٢ أحمد بن محمد بن سلامة أبو جعفر الطحاوي الأزدي، كان إمامًا جليل القدر فقيهًا حافظًا، وكان يقرأ على المزني الشافعي وهو خاله وكان يكثر النظر في كتب الحنفية فقال له المزني: والله لا يجيء منك شيء، فغضب وانتقل من عنده وتفقه في مذهب أبي حنيفة وصار إمامًا. والطحاوي نسبة إلى طحية قرية بصعيد مصر. ولد سنة ثلاثين ومائتين وتوفي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة. راجع الجواهر المضية ١/١٠٢ والفوائد البهية ص٢١. ووفيات الأعيان ١/٢٣.
1 / 12
لهما الشيطان حتى تقربا وتناولا.
وتعصي هذه الأعضاء يصدر من الرجلين: المشي، ومن اليدين: البطش، ومن الوجه: التوجه إليها.
ثم وضع آدم صلوات الله تعالى على نبينا وصلى الله عليه وسلم حين أصابه وسقط عنه حمل يده على رأسه فقدر لها حكم الغسل تطهيرا لها عن دنس هذه المعاصي. ولما كان ذنب الرأس أقل قدر له المسح لا الغسل.
فإن قيل الفم حصل منه ذنب المضغ والابتلاع فيجب أن تكون المضمضة فرضا.
قلنا: انعقد الذنب قبله بمباشرة هذه الأعضاء فيعد ذلك ذنب له كمن كسب حراما وترك لوارثه فيأكله، فلو سلم فظاهر الآيه أن الممنوع هو القربان غير صادر منه.
الاستِنْجاء: من النجو وفي مجمل اللغة النجو ما يخرج من البطن. والاستنجاء منه وهو طلب الفراغ عنه وعن أثره كذا في المغرب. وفيه نجا وأنجى إذا أحدث ثم قالوا: استنجى إذا مسح موضع النجو أو غسله.
الخلاءُ ممدودًا: المتوضأ، والخلاء أيضا: المكان الذي لا شيء فيه كذا في الصحاح. وفيه الخلاء مقصورا الرطب من الحشيش الواحدة خلاة.
باب ما يختص بالنساء وهي ثلاث: "حيضٌ ونفاسٌ واستحاضةٌ". قال الشيخ الإمام العلامة "أبو نصر أحمد بن محمد البغدادي"١ رحمهما الله: الحيض في اللغة: عبارة عن خروج الدم يقال: حاضت الشجرة إذا خرج منها الصمغ الأحمر، وفي الشرع: "هو دم ينفضه رحم امرأة سالمة عن داء" وفي الاختيار: قال "الإمام أبو بكر محمد بن الفضل البخاري" رحمهما الله "الحيض: هو الدم الذي ينفضه رحم _________ ١ هو الشيخ أحمد بن محمد بن نصر الفقيه المعروف بالأقطع تفقه على أبي الحسين أحمد القدوري وشرح كتابه المختصر. برع في الفقه وأتقن الحساب، سكن بغداد ودرس الفقه ثم خرج منها إلى الأهواز، توفي سنة أربع وسبعين وأربعمائة. راجع الجواهر المضية ١/١١٩. والفوائد البهية ص ٤٠. وكشف الظنون ٢/١٦٣١ ومعجم المؤلفين ٢/١٤٨.
باب ما يختص بالنساء وهي ثلاث: "حيضٌ ونفاسٌ واستحاضةٌ". قال الشيخ الإمام العلامة "أبو نصر أحمد بن محمد البغدادي"١ رحمهما الله: الحيض في اللغة: عبارة عن خروج الدم يقال: حاضت الشجرة إذا خرج منها الصمغ الأحمر، وفي الشرع: "هو دم ينفضه رحم امرأة سالمة عن داء" وفي الاختيار: قال "الإمام أبو بكر محمد بن الفضل البخاري" رحمهما الله "الحيض: هو الدم الذي ينفضه رحم _________ ١ هو الشيخ أحمد بن محمد بن نصر الفقيه المعروف بالأقطع تفقه على أبي الحسين أحمد القدوري وشرح كتابه المختصر. برع في الفقه وأتقن الحساب، سكن بغداد ودرس الفقه ثم خرج منها إلى الأهواز، توفي سنة أربع وسبعين وأربعمائة. راجع الجواهر المضية ١/١١٩. والفوائد البهية ص ٤٠. وكشف الظنون ٢/١٦٣١ ومعجم المؤلفين ٢/١٤٨.
1 / 13
امرأة سليمة عن صغر وداء والجمع الحيض".
والاستحاضة: وهو الدم الخارج من الفرج دون الرحم.
والنفاس: وهو ما يخرج مع الولد وعقيبه.
الاستحاضة استفعال من الحيض وقالت فاطمة بنت قيس للنبي ﷺ: إني أستحيض فلا أطهر. وأما الشرع فإنه خص الاسم بدم دون دم ومن شخص دون شخص وسمى كل نوع منهما باسم. وفي الإشراف: أما الفرق بين الدمين فدم الحيض ثخين منتن ودم الاستحاضة أحمر لا نتن فيه.
وفي المغرب: النفاس: مصدر نفست المرأة بضم النون وفتحها إذا ولدت فهي نفساء وهن نِفَاس وكل هذا من النفس وهو الدم وفي الصحاح والنفاس بالفتح ولادة المرأة إذا وضعت فهي نفساء ونسوة نفاس وليس في الكلام فعلاء يجمع على فعال غير نفساء وعشراء ويجمع أيضا على نفساوات وعشراوات وامرأتان نفساوان أبدلوا من همزة التأنيث واوا.
وقولهم: النفاس هو الدم الخارج عقيب الولد تسمية بالمصدر كالحيض.
وفي مصرحة الأسماء: "أوغلن طوغرت عورت نفساوان جمع نفاس جمع نفس "تنى وستى وجان نفس دم ودماء١.
وفي المغرب والنَّفَس بفتحتين واحد الأنفاس وهو ما يخرج من الحي حال التنفس ومنه لك في هذا نفس أي وسعة، ونفسة أي: مهلة، ونفس الله تعالى كربتك أي: فرجها.
الإياس: بمعنى اليأس وهو انقطاع الرجاء.
قال ابن السكيت: أيست منه آيس يأسًا لغة في يئست منه أيأس يأسا ومصدرهما واحد.
وآيسني منه فلان مثل أيأسني وكذلك التأييس. كذا في الصحاح.
وفي المغرب: وأما الإياس في مصدر الآيسة من الحيض فهو في الأصل أيئاس بوزن
_________
١ كلمات فارسية.
1 / 14
أيعاس كما قرره الأزهري١ إلا أنه حذف منه الهمزة التي هي عين الكلمة تخفيفا وليس بمصدر أيس كما ظنه بعضهم وتمام الفصل في المغرب.
_________
١ أبو منصور محمد بن أحمد بن طلحة الأزهري اللغوي صاحب كتاب تهذيب اللغة. توفي سنة ٣٧٠ هـ. يرجع إلى كشف الظنون ١/٥١٥. وهدية العارفين ٢/٤٩.
كتاب الصلاة مدخل ... كتاب الصلاة وهي فعلة من صلى كالزكاة من زكى واشتقاقها من الصَّلا وهو العظم الذي عليه الإليتان لأن المصلي يحرك صلويه في الركوع والسجود وقيل للثاني من خيل السباق المصلي لأن رأسه يلي صلوى السابق. ومنه سبق رسول الله ﷺ وصلى أبو بكر وثلث عمر رضي الله تعالى عنهما وعن سائر الصحابة. وسمى الدعاء صلاة لأنه منها. ومنه: "إذا كان صائما فليصل أي فليدع" ١. ثم سمي بها الرحمة والاستغفار لأنهما من لوازم الدعاء كذا في المغرب. والصلاة لغة: الدعاء. وشرعًا: الأركان المعهودة المقصودة. قال الجوهري رحمه الله تعالى الصلاة من الله تعالى رحمة، والصلاة واحدة الصلوات المفروضة، وهي اسم يوضع موضع المصدر يقال صليت صلاة ولا يقال تصلية. وصليت على النبي ﷺ وصليت العصا إذا لينتها وقومتها. معنى الصلاة على النبي ﷺ: "اللهم عظمه في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دعوته وإبقاء شريعته وفي الآخرة بتشفيعه في أمته وتضعيف أجره ومثوبته". والمصلى: موضع الصلاة والدعاء أيضا في قوله تعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً﴾ . [سورة البقرة: آية ١٢٥] . وصلوات في قوله تعالى: ﴿وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ﴾ . [سورة الحج: آية٤٠] . قال ابن _________ ١ أخرجه مسلم وأحمد وأبو داود والترمذي. يرجع إلى صحيح مسلم ٢/١٠٥٤. كتاب النكاح ومسند الإمام أحمد ٢/٢٧٩ وسنن أبي داود ٢/٣٣١ كتاب الصوم وسنن الترمذي مع التحفة ٣/٤٩٣ وما بعدها كتاب الصوم.
كتاب الصلاة مدخل ... كتاب الصلاة وهي فعلة من صلى كالزكاة من زكى واشتقاقها من الصَّلا وهو العظم الذي عليه الإليتان لأن المصلي يحرك صلويه في الركوع والسجود وقيل للثاني من خيل السباق المصلي لأن رأسه يلي صلوى السابق. ومنه سبق رسول الله ﷺ وصلى أبو بكر وثلث عمر رضي الله تعالى عنهما وعن سائر الصحابة. وسمى الدعاء صلاة لأنه منها. ومنه: "إذا كان صائما فليصل أي فليدع" ١. ثم سمي بها الرحمة والاستغفار لأنهما من لوازم الدعاء كذا في المغرب. والصلاة لغة: الدعاء. وشرعًا: الأركان المعهودة المقصودة. قال الجوهري رحمه الله تعالى الصلاة من الله تعالى رحمة، والصلاة واحدة الصلوات المفروضة، وهي اسم يوضع موضع المصدر يقال صليت صلاة ولا يقال تصلية. وصليت على النبي ﷺ وصليت العصا إذا لينتها وقومتها. معنى الصلاة على النبي ﷺ: "اللهم عظمه في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دعوته وإبقاء شريعته وفي الآخرة بتشفيعه في أمته وتضعيف أجره ومثوبته". والمصلى: موضع الصلاة والدعاء أيضا في قوله تعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً﴾ . [سورة البقرة: آية ١٢٥] . وصلوات في قوله تعالى: ﴿وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ﴾ . [سورة الحج: آية٤٠] . قال ابن _________ ١ أخرجه مسلم وأحمد وأبو داود والترمذي. يرجع إلى صحيح مسلم ٢/١٠٥٤. كتاب النكاح ومسند الإمام أحمد ٢/٢٧٩ وسنن أبي داود ٢/٣٣١ كتاب الصوم وسنن الترمذي مع التحفة ٣/٤٩٣ وما بعدها كتاب الصوم.
1 / 15
السكيت: هي كنائس اليهود أي: مواضع الصلوات.
أوقات الصلوات المفروضة:
الوقت: من الأزمنة المبهمة.
والميقات: الوقت المضروب للفعل والموضع، والجمع: المواقيت فاستعير للمكان. ومنه مواقيت الحج لمواضع الإحرام يقال: هذا ميقات أهل الشام: للموضع الذي يحرمون منه، وتقول أيضًا: وقته فهو موقوت إذا بين للفعل وقتا يفعل فيه ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ . [سورة النساء: آية ١٠٣] أي مفروضا في الأوقات.
والتوقيت: تحديد الأوقات.
والمُوقِت: مفعل من الوقت.
الفَجْر: الشق والفتح، يقال فجر الماء إذا فتحه والفجر أيضا: ضوء الصبح لأنه انصداع ظلمة عن نور أي انشقاقها عنه ولهذا سمي به الصديع.
وهو فجران:
كاذب: وهو المستطيل وصادق وهو المستطير هذا أصله ثم سمي به الوقت. وقولهم: الفجر ركعتان على حذف المضاف لما قال النبي ﷺ: "الفجر فجران فجر مستطيل يحل به الطعام ويحرم فيه الصلاة وفجر مستطير أي منتشر يحرم به الطعام ويحل فيه الصلاة" ١. رواه ابن عباس٢ ﵁ وفي رواية أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال ﷺ: "إن
_________
١ هذا الحديث صححه الحاكم وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وهو موقوف ولم يرفعه غير أبي أحمد الزبيدي عن الثوري عن ابن جريج لكن له شاهد صحيح من رواية جابر. يرجع إلى المستدرك للحاكم ١/١٩١ وصحيح ابن خزيمة ١/١٨٤ وسنن الدارقطني ٢/١٦٥ وتلخيص الحبير ١/١٧٧.
٢ عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد المناف أبو العباس القرشي الهاشمي ابن عم رسول الله ﷺ ويسمى حبر هذه الأمة ولد قبل الهجرة بثلاث سنين وتوفي سنة سبعين وقيل غير ذلك. راجع أسد الغابة ٣/٢٩٠ والاستيعاب ٣/٩٣٣ وصفة الصفوة ١/٧٤٦.
1 / 16
للصلاة أولا وآخرًا" ١. وأول وقت الفجر حين يطلع الفجر الثاني وآخر وقتها حين تطلع الشمس". كذا في المحيط والاختيار وتبيين الحقائق وشرح مختصر القدوري للشيخ الإمام العلامة أبي نصر أحمد بن محمد البغدادي. وفي التبيين أيضا: وإنما قدم وقت الفجر وإن كان الواجب تقديم وقت الظهر لأنها أول وقت فرضت فيها الصلاة لعدم الاختلاف في أوله وآخره بخلاف غيره.
وفي الهداية: ولا معتبر بالفجر الكاذب لقوله ﷺ: "ولا يغرنكم أذان بلال ولا الفجر المستطيل" ٢.
والخيط الأسود: الفجر المستطيل ويقال: سواد الليل.
والخيط الأبيض: الفجر المعترض كذا في الصحاح. وفي المغرب: الخيط الأبيض ما يبدو من الفجر الصادق وهو المستطير والخيط الأسود ما يمتد معه من ظلمة الليل وهو الفجر المستطيل وهو استعارة.
قال قاضي خان: الفجر فجران تسمي العرب الأول كاذبا وهو البياض الذي يبدو كذنب السرحان٣ ويعقبه ظلام لا يخرج به وقت العشاء ولا يثبت به شيء من أحكام النهار.
والثاني وهو الذي يستطير ويعترض في الأفق ولا يزال يزداد حتى ينتشر، وسمي مستطيرا لذلك يثبت به أحكام النهار في حرمة الطعام والشراب للصائم وجواز أداء الفجر.
الإسفار الإضاءة يقال أسفر الصبح إذا أضاء وفي الحديث: "أسفروا بالفجر فإنه
_________
١ هذا جزء من حديث طويل في بيان مواقيت الصلاة أخرجه الترمذي وهو من رواية محمد بن فضيل عن الأعمش، وللعلماء في رواية محمد بن الفضيل عن الأعمش نظر. وفي الباب أحاديث أصح من هذا. راجع تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي ١/٤٦٩.
٢ أخرجه مسلم في كتاب الصيام ٢/٧٧٠، والترمذي في كتاب الصوم ٣/٣٩٠. وأبو داود في كتاب الصوم ٦/٤٧١. والنسائي كتاب الصوم ٤/١٢٢.
٣ السرحان: اسم للذئب، وأنثاه تسمى سرحانة وقد يسمى الأسد بذلك وهو المعروف عند هذيل. يرجع إلى الصحاح ١/٣٧٤ وتاج العروس ٦/٤٦٦، ٤٦٧، والقاموس المحيط ١/٢٣٦.
1 / 17
أعظم للأجر" ١.
الغلس: ظلمة الليل والتغليس خلاف النور.
الظهر: بعد الزوال ومنه صلاة الظهر كذا في الصحاح والمغرب وفيه "وأما ابردوا بالظهر، وصلى الظهر فعلى حذف المضاف"
والفيء: ما بعد الزوال من الظل، وإنما سمي الظل فيئًا لرجوعه من جانب إلى جانب.
الظل: ما نسخته الشمس والفيء ما نسخ الشمس.
والزوال: الذي يتحرك في مشيته كثيرا وما يقطعه من المسافة قليل. يقال زال الشيء من مكانه يزول زوالا وأزاله غيره. كذا في الصحاح.
العَصْر: الدهر وفيه لغتان أخريان عُصْر وعُصُر مثل: عُسْر وعُسُر.
والعصران: الليل والنهار، والعصران أيضًا: الغداة والعشي ومنه سميت صلاة العصر.
الدهر: الزمان ويجمع على دهور ويقال للدهر أبد، وقولهم: دَهْرٌ دَاهِرٌ كقولهم: أبد أبيد، والدُهري بالضم: المسن. والدَّهري بالفتح: الملحد.
والعَشي والعشية: من صلاة المغرب إلى العتمة.
والعِشاء بالكسر والمد: مثل العشى، والعشاءان: المغرب، والعتمة، والعشاء بالفتح والمد: الطعام بعينه وهو خلاف الغداء، والعشى بالقصر: مصدر.
والعَتَمَة: وقت صلاة العشاء، قال الخليل: العتمة هو الثلث الأول من الليل بعد غيبوبة الشفق هكذا في الصحاح.
قال الإمام الفخر الرازي٢: فذهب عامة العلماء إلى أن الشفق هو الحمرة وهو
_________
١ أخرجه أبو داود في باب المواقيت ٢/٩٢ والترمذي في باب ما جاء بالإسفار بالفجر ١/٤٧٨ وقال عنه: حديث حسن صحيح والنسائي في باب الإسفار ١/٢١٨ وما بعدها وابن ماجه في باب وقت الفجر ١/٢٢١.
٢ هو محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري الفقيه الشافعي. ولد في الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة أربع وأربعين وخمسمائة بالري، وتوفي يوم الاثنين سنة ست وستمائة بمدينة هراة. انظر وفيات الأعيان ١/٦٠٠ وطبقات الشافعية للسبكي ٨/٨١ وما بعدها وشذرات ٥/٢١.
1 / 18
قول ابن عباس والكلبي١ ومقاتل٢ رضي الله تعالى عنهم، ومن أهل اللغة: قول الليث٣ والفراء والزجاج٤.
قال صاحب الكشاف٥: الشفق الحمرة التي ترى في المغرب بعد سقوط الشمس وبسقوطه يخرج وقت المغرب ويدخل وقت العتمة عند عامة العلماء إلا ما يروى عن أبي حنيفة ﵀ في إحدى الروايتين أنه البياض وروى أسد بن عمرو٦ ﵀ أنه رجع
_________
١ هو الشيخ الإمام العلامة الحافظ المفسر "أبو عبد الله محمد المدعو القاسم بن أحمد بن محمد بن جزي الكلبي" الغرناطي الأندلسي صاحب كتاب التسهيل لعلوم التنزيل. توفي سنة اثنتين وتسعين ومائتين ٢٩٢هـ.
٢ هو أبو الحسن مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي بالولاء الخراساني المروزي البلخي وهو صاحب التفسير المشهور. توفي سنة خمسين بالبصرة. انظر وفيات الأعيان ٢/١٤٧ وشذرات الذهب ١/٢٢٧ وهدية العارفين ٢/٤٧.
٣ هو أبو الحرث الليث بن سعد بن عبد الرحمن إمام أهل مصر، وهو لشهرته أغنى عن التعريف. ولد في سنة أربع وتسعين للهجرة وقيل غير ذلك، وتوفي يوم الخميس وقيل يوم الجمعة في منتصف شعبان سنة خمس وسبعين ومائة. انظر وفيات الأعيان ١/٥٥٤ وما بعدها والجواهر المضية ١/٤١٦ وشذرات الذهب ١/٢٨٥.
٤ هو أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن السري بن سهل الزجاج النحوي، كان من أهل العلم بالأدب والدين، أخذ الأدب عن المبرد وثعلب رحمهما الله، وكان يخرط الزجاج ثم تركه واشتغل بالأدب، صنف كتبًا كثيرة منها: كتاب في معاني القرآن الكريم، وكتاب الأمالي، وكتاب العروض وغير ذلك: توفي سنة ٣١٦هـ وقيل: ٣١٠ وقيل غير ذلك.
٥ انظر تفسير الكشاف للزمخشري ٤/٢٣٥ وكتاب الكشاف تفسير مشهور يمتاز بإظهار الجانب البلاغي في القرآن، وصاحبه أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي المتوفي سنة ٥٣٨هـ فرغ من تأليفه ضحوة يوم الإثنين الثالث والعشرين من شهر ربيع الآخر في عام ثمان وعشرين وخمسمائة. لكنه رأس في الاعتزال عفا الله عنه. راجع وفيات الأعيان ٢/١٠٧ وكشف الظنون ٢/١٤٧٥.
٦ أسد بن عمرو القاضي البجلي الكوفي صاحب الإمام أبي حنيفة، تفقه عليه، ووثقه يحيى بن معين وأحمد بن حنبل، ولي القضاء بعد أبي يوسف للرشيد وحجّ معه. توفي سنة تسعين ومائة وقيل غير ذلك. انظر الجواهر المضية ١/١٤٠ وما بعدها والفوائد البهية ص ٤٤ وما بعدها وشذرات الذهب ١/٢٣٦.
1 / 19
عنه، سمي لرقته. ومنه الشفقة على الإنسان: رقة القلب عليه كذا في الكبير.
باب الأذان هو في اللغة: الإعلام مطلقا قال الله تعالى: ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ . [سورة التوبة: آية ٣] . أي إعلام منهما. وفي الشرع: هو الإعلام على الوجه المخصوص. ولما كان الأذان موقوفا على تحقق الوقت أخره عنه. وأما الأذان المتعارف فهو من التأذين كالسلام من التسليم. وفي الدرر: وشرعا هو إعلام وقت الصلاة بوجه مخصوص ويطلق على الألفاظ المخصوصة. واعلم أن أصل الأذان على ما اختاره صاحب النهاية إنما ثبت بالسنة: ذلك ما روي أنه قال النبي ﷺ: "لما أسري بي إلى بيت المقدس فأذن جبريل وأقام وتقدم النبي ﷺ وصلى خلفه الملائكة وأرواح الأنبياء عليهم الصلاة والسلام". وفي المحيط: والأصل في ثبوته ما روي أن عبد الله بن زيد رضي الله عنه١ قال لرسول الله ﷺ: "رأيت وكنت بين النائم واليقظان نازلا من السماء قائم على جذم حائط واستقبل القبلة وقال: الله أكبر الله أكبر، وذكر الأذان إلى آخره ثم قعد على هيئته ثم قام وقال مثل ذلك إلا أنه قد زاد فيه: قد قامت الصلاة مرتين فقال ﷺ علمه بلالا فإنه أندى صوتا منك" ٢. وفي شرح الطحاوي أصل الأذان ثبت برؤيا عبد الله بن زيد الأنصاري ﵁: _________ ١ عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه بن زيد من بني جشم بن الحارث بن الخزرج الأنصاري الخزرجي الحارثي يكنى أبا محمد، قال عبد الله بن محمد الأنصاري: ليس في آبائه ثعلبة وهو صحابي جليل شهد العقبة وبدرًا والمشاهد كلها مع رسول الله ﷺ توفي بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن أربع وستين. راجع أسد الغابة ٣/٢٤٧ والاستيعاب ٣/٩١٢. ٢ أخرجه الترمذي ١/٥٦٤ والدارقطني ١/٢٤١ وابن خزيمة ١/١٩٢ والزيلعي في نصب الراية ١/٢٥٩.
باب الأذان هو في اللغة: الإعلام مطلقا قال الله تعالى: ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ . [سورة التوبة: آية ٣] . أي إعلام منهما. وفي الشرع: هو الإعلام على الوجه المخصوص. ولما كان الأذان موقوفا على تحقق الوقت أخره عنه. وأما الأذان المتعارف فهو من التأذين كالسلام من التسليم. وفي الدرر: وشرعا هو إعلام وقت الصلاة بوجه مخصوص ويطلق على الألفاظ المخصوصة. واعلم أن أصل الأذان على ما اختاره صاحب النهاية إنما ثبت بالسنة: ذلك ما روي أنه قال النبي ﷺ: "لما أسري بي إلى بيت المقدس فأذن جبريل وأقام وتقدم النبي ﷺ وصلى خلفه الملائكة وأرواح الأنبياء عليهم الصلاة والسلام". وفي المحيط: والأصل في ثبوته ما روي أن عبد الله بن زيد رضي الله عنه١ قال لرسول الله ﷺ: "رأيت وكنت بين النائم واليقظان نازلا من السماء قائم على جذم حائط واستقبل القبلة وقال: الله أكبر الله أكبر، وذكر الأذان إلى آخره ثم قعد على هيئته ثم قام وقال مثل ذلك إلا أنه قد زاد فيه: قد قامت الصلاة مرتين فقال ﷺ علمه بلالا فإنه أندى صوتا منك" ٢. وفي شرح الطحاوي أصل الأذان ثبت برؤيا عبد الله بن زيد الأنصاري ﵁: _________ ١ عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه بن زيد من بني جشم بن الحارث بن الخزرج الأنصاري الخزرجي الحارثي يكنى أبا محمد، قال عبد الله بن محمد الأنصاري: ليس في آبائه ثعلبة وهو صحابي جليل شهد العقبة وبدرًا والمشاهد كلها مع رسول الله ﷺ توفي بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن أربع وستين. راجع أسد الغابة ٣/٢٤٧ والاستيعاب ٣/٩١٢. ٢ أخرجه الترمذي ١/٥٦٤ والدارقطني ١/٢٤١ وابن خزيمة ١/١٩٢ والزيلعي في نصب الراية ١/٢٥٩.
1 / 20
وذلك ما روي عن رسول الله ﷺ: "أنه جمع أصحابه ﵃ وشاورهم في الأمر للأذان فقال بعضهم يضرب بالناقوس فقال ﷺ: "هو للنصارى" وقال بعضهم: يضرب بالدف فقال ﷺ: "هو لليهود" وقال بعضهم: ينفخ بالشبور وهو البوق وهو شيء ينفخ فيه ليس بعربي محض، وقال بعضهم: توقد النار فقال: "هو للمجوس" فلم تتفق آراؤهم على شيء ورجع رسول الله ﷺ مهتما مغتما فلما أصبح جاء عبد الله بن زيد فقال يا رسول الله:
كنت بين النائم واليقظان فرأيت شخصا نزل من السماء وعليه ثوبان أخضران وقام على جذم حائط من الحرم واستقبل القبلة وقال: الله أكبر الله أكبر فحكى الأذان المعروف.
ثم قعد هنيهة ثم قام فقال مثل ذلك إلا أنه زاد فيه قد قامت الصلاة مرتين.
فقال ﷺ: "علمه بلالا فإنه أندى صوتا". وقال عمر ﵁ وأنا أيضًا رأيت مثل ما رأى هو إلا أنه سبقني فكرهت أن أقطع عليه قوله.
وقيل: أمر الأذان أجل من أن يثبت بالرؤيا وإنما ثبت بما روي عن رسول الله ﷺ أنه قال: "لما أسري بي إلى بيت المقدس فأذن جبريل ﷺ وأقام وتقدم ﷺ وصلى خلفه الملائكة وأرواح الأنبياء ﵈":. كذا في الاختيار.
وقيل: نزل به جبريل ﵇ على النبي ﷺ. وقيل: أذن جبريل ﵇ في السماء فسمعه عمر بن الخطاب في الأرض.
قال صاحب النهاية: يجوز أن يكون كلها واقعا لعدم المنافاة.
وفي شرح السنة: الأذان إعلام بحضور الوقت. والإقامة: أذان بفعل الصلاة فيه.
وقال الخطابي١: أراد بالأذانين الأذان والإقامة، حمل أحد الاسمين على الآخر كقولهم: الأسودين للتمر والماء وإنما الأسود أحدهما، وكقولهم: سيرة العمرين يريدون أبا بكر وعمر - رضي الله تعالى عنهما ويحتمل أن يكون الاسم لكل واحد منهما حقيقة
_________
١ حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب الإمام أبو سليمان الخطابي البستي. كان إمامًا في الحديث والفقه واللغة، توفي سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة. انظر طبقات الشافعية للسبكي ٣/٢٨٢ ووفيات الأعيان ١/٢٠٨ وشذرات الذهب ٣/١٢٧ وما بعدها.
1 / 21
كما ذكر آنفا.
وفي الإشراف: اختلفوا في الأذان والإقامة فقال أبو حنيفة والشافعي ومالك رحمهم الله تعالى: هما سنتان، وقال أحمد١: هما فرضان على أهل الأمصار على الكفاية إذا قام بهما بعضهم أجزأ عن جميعهم.
واتفقوا على أنه إن أجمع أهل البلد على ترك الأذان والإقامة قوتلوا على ذلك لأنه من شعائر الإسلام فلا يجوز تعطيله.
وقيل: إنه واجب. وعن عطاء٢ ﵀: من ترك الإقامة أعاد الصلاة كذا في مجمع الفتاوى.
روي عن أبي محذورة مؤذن مكة أنه قال علمني رسول الله ﷺ الأذان تسع عشرة كلمة والإقامة سبع عشر كلمة "بدايع".
الإقامة: مصدر أقام بالمكان إقامةً، والهاء عوض عن عين الفعل لأن أصله إقوامًا.
وأقام الشيء أي: أدامه من قوله تعالى: ﴿وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ﴾ [سورة البقرة: آية ٣] كذا في الصحاح.
وتخالج في روع الفقير أن يكون الإقامة المتعارفة من أقام الشيء بمعنى أدامه، لكن المرئي من سياق الجوهري من أقام بالمكان. وعلى هذا التقدير تكون الإقامة بمعنى القيام لأن أقام في أقام بالمكان لازم، يشم روح التعدية في الإقامة لأنه إعلام للحاضرين لأن يقوموا إلى الصلاة وإعلام القيام إلى الصلاة ينزل بمنزلة الإقامة لها فتأمل.
وفي الكافي: الأولى أن يتولى العلماء أمر الأذان. وفي مجمع الفتاوى: وينبغي أن يكون المؤذن مهيبًا ويتفقد أحوال الناس ويزجر المتخلفة عن الجماعة. وسنة الأذان في
_________
١ أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني حامل لواء السنة وإمام المحدثين. ولد سنة أربع وستين ومائة وتوفي سنة إحدى وأربعين ومائتين. انظر طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى الحنبلي ١/٤ وما بعدها ووفيات الأعيان ١/٢٠ وما بعدها وشذرات الذهب ٢/٩٦ وما بعدها.
٢ أبو محمد عطاء بن أبي رباح، كان من كبار التابعين وفقهاء مكة وزهادها، وإليه وإلى مجاهد انتهت فتوى مكة. توفي سنة خمس عشرة ومائة وقيل غير ذلك. انظر وفيات الأعيان ١/٤٠١ وشذرات الذهب ١/١٤٧ وما بعدها وصفة الصفوة ٢/٢١١ وما بعدها.
1 / 22
موضع عال والإقامة على الأرض.
وفي الملتقط: لا ينبغي أن يقول لمن فوقه في العلم والجاه: حان وقت الصلاة سوى المؤذنين لأنه استفضال لنفسه. وعن الحلواني١ رحمه الله تعالى: أن الإجابة بالقدم لا باللسان حتى لو أجاب باللسان ولم يمش إلى المسجد لا يكون مجيبًا. ولو كان في المسجد ولم يجب لا يكون آثما. كذا في النهاية والقنية.
وفي حلية الأبرار في فصل أحوال تعرض للذاكر.
إذا سمع المؤذن أجابة في كلمات الأذان والإقامة. قالوا إن إجابتهما واجبة على كل من سمعه وإن كان جنبا أو حائضا إذا لم يكن في الخلاء أو على الجماع.
وفي مجمع الفتاوى: سمع من كل جانب.. يكفيه إجابة واحدة ... يتكلم في الفقه فسمع الأذان يجب الإجابة، سمع الأذان وهو يمشي.... فالأولى أن يقف ساعة ويجيب.
عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - إذا سمع الأذان فما عمل بعده فهو حرام، وكانت تضع مغزلها".
_________
١ عبد العزيز بن أحمد بن نصر بن صالح شمس الأئمة الحلواني البخاري. كان إمام الحنفية في بلاد الري تفقه على الحسين النسفي وأخذ عنه السرخسي والبزدوي. ومن مصنفاته المبسوط في الفقه، والنوادر، توفي سنة ثمان وأربعين وأربعمائة وقيل غير ذلك.
باب شروط الصلاة الشرط: ما يتوقف عليه الشيء وليس منه كالطهارة للصلاة. وفي الدرر: الشرط ما يتوقف عليه وجود الشيء ولا يدخل فيه. قيل: الشروط على ثلاثة أنواع. شرط الانعقاد: كالنية والتحريمة. وشرط الدوام: كالطهارة وستر العورة واستقبال القبلة. وشرط الوجود: في حالة البقاء وألا يشترط فيه التقدم والمقارنة بابداء الصلاة كالقراءة فإنه ركن في نفسه شرط في سائر الأركان لأن القراءة مأخوذة في جميع الصلاة تقديرًا. كذا في الاختيارات. التحريمية: التكبيرة الأولى. والتحريم: جعل الشيء محرمًا والهاء لتحقيق الاسمية
باب شروط الصلاة الشرط: ما يتوقف عليه الشيء وليس منه كالطهارة للصلاة. وفي الدرر: الشرط ما يتوقف عليه وجود الشيء ولا يدخل فيه. قيل: الشروط على ثلاثة أنواع. شرط الانعقاد: كالنية والتحريمة. وشرط الدوام: كالطهارة وستر العورة واستقبال القبلة. وشرط الوجود: في حالة البقاء وألا يشترط فيه التقدم والمقارنة بابداء الصلاة كالقراءة فإنه ركن في نفسه شرط في سائر الأركان لأن القراءة مأخوذة في جميع الصلاة تقديرًا. كذا في الاختيارات. التحريمية: التكبيرة الأولى. والتحريم: جعل الشيء محرمًا والهاء لتحقيق الاسمية
1 / 23