...كانت دمشق في نهاية القرن السابع الهجري ومطلع القرن الثامن قد أصبحت مركزا كبيرا من مراكز الحياة الفكرية، فيها من المدارس العامرة ودور الحديث والقرآن العدد الكثير. وكانت العناية بالعلوم الشرعية من التفسير والحديث والفقه والأصول هي السمة البارزة لهذا العصر. وظهرت فيه الموسوعات العلمية مثل بداية المجتهد لابن رشد (ت 595ه) وتفسير الفخر الرازي (ت 606ه) والمغني لابن قدامة المقدسي (ت 611ه) والكامل في التاريخ لابن الأثير (ت 630ه) والإحكام في أصول الأحكام للآمدي (630ه) والمجموع للنووي (ت 677ه) ومؤلفات ابن تيمية وتلاميذه ومعاصريه وهي كثيرة جدا.
...وشهدت دمشق كذلك في هذا العصر نزاعا مذهبيا وعقائديا حادا. وكان الحكام المماليك يتدخلون فيه في كثير من الأحيان، فيناصرون فئة على أخرى.(1) وكان الأيوبيون قبل ذلك قد عملوا على نشر المذهب الشافعي وعقيدة أبي الحسن الأشعري، حتى قال المقريزي: "وقد أخذ بها - يعني الأشعرية - جماهير أهل الأمصار الإسلامية، ومن خالف هذه العقيدة أريق دمه".(2) وكان النزاع بين الأشاعرة وبين الحنابلة نزاعا مضطرما، زاده اعتماد الحنابلة على النصوص في دراسة التوحيد واعتماد الأشاعرة على البرهان العقلي والأدلة المنطقية.
صفحہ 7