قال: «أوصحيح؟! ... تفضل أرنا همتك يا شاطر ...»
وحاول أن يقاطعني مرة بعد مرة، ولكن سلسلة النتائج كانت قد انطبعت في ذهني لشدة ما شغلتني، وطول ما راجعتها وكررت مراجعتها.
وانتظرت ما يقال ...
فإذا بالأستاذ ينظر إلي شزرا وهو يقول: «لقد أضعت وقتك على غير طائل؛ لأنها مسألة لن تعرض لكم في امتحان!»
وإذا بالزملاء يعقبون على نغمة الأستاذ قائلين: «ضيعت وقتنا ... ما الفائدة من كل هذا العناء؟!»
كانت هذه صدمة خليقة أن تكسرني كسرا، لو أن اجتهادي كان محل شك عندي أو عند الأستاذ أو عند الزملاء، أما وهو حقيقة لا شك فيها، فإن الصدمة لم تكسرني بل نفعتني أكبر نفع حمدته في حياتي، وصح فيها قول نيتشه: «إن الفضل قيمته فيه لا فيما يقال عنه، أيا كان القائلون.» ولم أحفل بعدها بإنكار زميل أو رئيس. •••
كان أساتذتي جميعا ممن اخترتهم بنفسي ...
نعم! ... ولكنني أحب أن أستثني أستاذا واحدا كان حضوري عليه من اختيار أبي لا من اختياري، وذاك هو الشيخ أحمد الجداوي - رحمه الله - كان الشيخ أحمد من أبناء أسوان، وحضر العلم في الأزهر، وزامل الأستاذ الإمام «محمد عبده» على أيام السيد جمال الدين.
وتولى القضاء في قنا، ثم تولى إدارة التعليم في السودان، ثم نشبت الفتنة المهدية، فهجا «محمد أحمد» بقصيدة نونية نشرتها الحكومة في جميع الأقطار السودانية، ومنها على ما أذكر قوله:
يا ذا الذي حسب الضلال هداية
نامعلوم صفحہ