فسألني: وكيف لا تعرف مصطفى البلقيني؟
فتوقفت حينا أفكر ثم هززت رأسي بإصرار وقلت: لا أعرفه قطعا.
فنادى الضابط الجندي الواقف عند بابه قائلا: هات مصطفى البلقيني.
وبعد لحظة عاد الجندي ودخل بعده مصطفى، وصحت في حنق: مصطفى عجوة؟
فقال الضابط ضاحكا: أنتما صديقان على ما يظهر.
فقلت مندفعا: لا يمكن أن أكون صديقا لهذا، هذا أكذب كاذب وأنذل نذل وأجبن جبان.
فقال مصطفى في استياء: اسمع يا حضرة الضابط، اكتب هذا في المحضر.
فصحت ثائرا: أي محضر؟ أنتم مجموعة من الحشرات القذرة! من الكلاب الضالة، لا تترددون في سفالة، من أجل لقمة تافهة يلقى بها سيدكم عند قدمه تبيعون ضمائركم، ولم تتدارى يا مصطفى يا عجوة في الذات الملكية والحكومة والطبقات وكل هذه الكلمات التي لا تفهم معناها؟ أما كفاك أنك جئت بهؤلاء المجرمين بنبابيتهم لتهدموا السرادق علينا؟ هذه طريقة قطاع الطرق التي تليق بك إذا أردت أن تخدم سيدك وتستحق مكافأته.
ونظر مصطفى عجوة إلى الضابط بابتسامة بلهاء قائلا: أتسمع يا سيدي؟
فتجاهلت قوله والتفت إلى الضابط قائلا: ليس في الأقوال التي قلتها في خطبتي سوى الطعن في الأنانية والفساد والظلم والطغيان، ليس في أقوالي سوى الاحتجاج على الرشوة وانحطاط الأخلاق العامة وتعريض سمعة البلاد للسخرية بين أمم العالم، ليس في أقوالي غير التحريض على مقاطعة اللصوص وأصدقاء الشيطان والقوادين ومصاصي الدماء وأصدقاء الساقطات وسماسرة السوء، ليس في خطبتي شيء عن ذات ملكية ولا غير ملكية ولا حكومة ولا طبقات، لم أقل سوى أوصاف عامة يريد الشعب أن يتخلص من أصحابها ومن عارها ومفاسدها، فإذا كان هذا يؤخذ على أني أقصد الذات الملكية والحكومة، فالذي يقول هذا هو الذي يجب أن يسأل عن تأويله هذه الأقوال العامة وتفسيرها بأن المقصود هو الذات الملكية والحكومة، هذا هو الجدير بأن يؤاخذ ويحاكم إذا كان الأمر يدعو إلى المؤاخذة والمحاكمة؛ لأنه هو الذي يوجه الإهانة، إنها تجارة رخيصة يستغلها مثل هذا النذل كما يستغل كل سلعة رخيصة.
نامعلوم صفحہ