وقدمت له ورقة الوزن فصاح بغير تحفظ: نهاره أسود، قم معي لترى كيف أخزق عينيه، ما لك لا تتحرك؟ أتخاف أن يأكلك؟ أحقا بعته بخمسة عشر جنيها؟ وأقل من خمسين قنطارا؟
فقلت وأنا أشعر بجفاف حلقي: لا فائدة!
فقال في مرارة وعنف: حمار، حمار والله العظيم! أتريد أن تسكت.
فقلت: وما الحيلة يا حمادة؟ انتهى الأمر وقبضت الثمن وتصرفت فيه.
فقال في نغمة يائسة: هل تريد أن تكون تاجرا؟ لم أجد في التجار أخيب منك إلا أنا. النهاية يا عم. تعيش وتأخذ غيرها. هي وقعة تعلمك المشي يا ولدي. النهاية! هي بيعة بثمنها، هات يا عم.
وفرك إصبعيه كعادته يطلب النقود.
فأعطيته سبعة وعشرين جنيها ونصفا، وكان ينظر إلى الأوراق التي أقدمها إليه واحدة واحدة، ولمعت عيناه في جشع، وقال وهو يدس النقود في جيبه: النهاية يا عم! هيصة!
ووضع يده في فمه ولوى لسانه وصفر صفرة عالية استرعت أسماع الجالسين في القهوة، فالتفتوا إلينا وانفجروا بضحكة عالية، وخرج حمادة وهو يضحك قائلا: عشت يا بو زهير.
فقمت ذاهبا إلى بيتي وكأن في رأسي رحى تدور، وكانت أمي وأختي في انتظاري للغداء ، وكانت صفقة القطن حديث المائدة بما أحاط بها من ربح محقق وربح ضائع، ولكن سرور أمي كان عظيما، وقالت كعادتها: «كفاية وبركة يا بني!»
الفصل السابع
نامعلوم صفحہ