180

فقال مرتاحا: الحمد لله. أشياء رضا.

وذهب خارجا وأتى إلي بكوب من الصاج مملوء بالماء، وكنت قد بدأت آكل وأنا واقف، وتبادلنا ابتسامة صغيرة قبل أن يخرج قائلا: على مهلك يا أفندي!

وكانت الساعة الثامنة والنصف عندما وصلنا إلى دار النيابة، ولكن المكتب كان خاليا، فجلست في حجرة الكاتب ووقف الشرطي عند الباب يحرسني.

وكانت الحركة والطعام قد أعادا إلي نشاطي، وذهب ما كنت أحسه من التعب والوحشة، وبعد قليل دخل صبي المقصف ليرى هل بالغرفة أحد فطلبت منه كوبا من الشاي ورجوته أن يشتري لي علبة من السجاير لأتسلى بالتدخين.

ومهما يكن من الأمر فإني شربت ثلاثة أكواب متفرقة من الشاي بين كل منها والآخر نحو ساعة وأحرقت نصف علبة السجاير، ولم يحضر أحد إلى المكتب، حتى صارت الساعة الحادية عشرة، ثم جاء الكاتب آخر الأمر وقال لي في خفة: آسف لأن البيه مشغول في قضية أخرى، ولا يحضر إلى هنا اليوم.

فقلت متثاقلا: ومعنى هذا؟

فقال: لا شيء، التحقيق مستمر، غدا أو بعد غد ، لا بد أن ينتهي على كل حال.

ثم مد يده إلى الشرطي بورقة وخرج مسرعا يتلفت في الغرفة ويهز يده بظرف كبير يحمله، ونزلت إلى العربة المعهودة فركبتها مع الشرطي، ولم أعرف إلى أين حتى وقفت العربة، وقال الشرطي في صوت نحاسي: تفضل يا أفندي.

فقلت: إلى أين؟

فقال: الاستئناف!

نامعلوم صفحہ