فقلت في ثبات: ليس لي طبعا أن أفرض نفسي، ألا تظنين أن ذلك قد يغضب محمود بك مثلا؟
وشعرت كأن طعنة أصابت صدري عندما نطقت باسم «محمود بك».
ونظرت إلى وجهها لأرى أثر قولي فوجدتها مطرقة في وجوم وهي تعبث بأصابعها، ثم أجابت بعد حين قائلة: طبعا لك أن تتدخل وليس لأحد أن يغضب من ذلك.
ولو كان لي أجنحة عند ذلك لحلقت في الجو الواسع؛ لأن الحجرة كانت لا تتسع لي.
وقمت أستأذن قائلا: أشكرك يا منى.
ولما مدت يدها إلي خطفتها ملهوفا ولم أدر ما صنعت حتى كنت قد رفعتها إلى شفتي، ثم أسرعت منصرفا حتى لا أرى تعبير وجهها خوفا من أن ألمح عليه شيئا من الإنكار.
ولما صرت في الطريق تدافعت علي أمواج من الأفكار المضطربة تتوارد من جهات شتى، واتجهت حيث تحملني قدماي، فإذا أنا بعد قليل عند الحانة القذرة التي اعتاد حمادة الأصفر أن يجلس فيها، وكان جالسا هناك يشرب من كأس فيها الخمر الحمراء الداكنة.
ودخلت هاجما عليه كأني أخشى أن يفلت مني، ولما اقتربت منه قام يترنح، وفتح ذراعيه بحركة غير إرادية كأنه يريد أن يعانقني.
فأزحت يديه في شيء من الحدة وقلت له: أريد أن أكلمك كلمة يا حمادة.
فقال: ألست تحب أن تشرب شيئا؟
نامعلوم صفحہ