اموال
الأموال
تحقیق کنندہ
خليل محمد هراس.
ناشر
دار الفكر.
پبلشر کا مقام
بيروت.
١٥٠ - وَحَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ يَوْمَ افْتَتَحَ الْعِرَاقَ: " أَمَا بَعْدُ، فَقَدْ بَلَغَنِي كِتَابُكَ أَنَّ النَّاسَ قَدْ سَأَلُوا أَنْ تُقَسَّمَ بَيْنَهُمْ غَنَائِمُهُمْ، وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَانْظُرْ مَا أَجْلَبُوا بِهِ عَلَيْكَ فِي الْعَسْكَرِ، مِنْ كُرَاعٍ أَوْ مَالٍ: فَاقْسِمْهُ بَيْنَ مَنْ حَضَرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَاتْرُكِ الْأَرَضِينَ وَالْأَنْهَارَ لِعُمَّالِهَا؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ فِي أَعْطِيَاتِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّا لَوْ قَسَمْنَاهَا بَيْنَ مَنْ حَضَرَ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ بَعْدَهُمْ شَيْءٌ "
١٥١ - وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقْسِمَ السَّوَادَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَمَرَ أَنْ يُحْصُوا فَوُجِدَ الرَّجُلُ يُصِيبُهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْفَلَّاحِينَ فَشَاوَرَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: دَعْهُمْ يَكُونُوا مَادَّةً لِلْمُسْلِمِينَ، فَتَرَكَهُمْ وَبَعَثَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ، فَوَضَعَ عَلَيْهِمْ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ، وَأَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، وَاثْنَيْ عَشَرَ
١٥٢ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي تَمِيمُ بْنُ ⦗٧٥⦘ عَطِيَّةَ الْعَنْسِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَيْسٍ أَوْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيِّ - شَكَّ أَبُو عُبَيْدٍ - قَالَ: قَدِمَ عُمَرُ الْجَابِيَةَ، فَأَرَادَ قَسْمَ الْأَرْضِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ: وَاللَّهِ إِذَنْ لَيَكُونَنَّ مَا تَكْرَهُ، إِنَّكَ إِنْ قَسَمْتَهَا صَارَ الرِّيعُ الْعَظِيمُ فِي أَيْدِي الْقَوْمِ، ثُمَّ يَبِيدُونَ، فَيَصِيرُ ذَلِكَ إِلَى الرَّجُلِ الْوَاحِدِ أَوِ الْمَرْأَةِ، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِهِمْ قَوْمٌ يَسُدُّونَ مِنَ الْإِسْلَامِ مَسَدًّا، وَهُمْ لَا يَجِدُونَ شَيْئًا، فَانْظُرْ أَمْرًا يَسَعُ أَوَّلَهُمْ وَآخِرَهُمْ ١٥٣ - قَالَ هِشَامٌ: وَحَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ أَوِ ابْنِ قَيْسٍ: أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ، يُكَلِّمُ النَّاسَ فِي قَسْمِ الْأَرْضِ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ مُعَاذٍ إِيَّاهُ، قَالَ: فَصَارَ عُمَرُ إِلَى قَوْلِ مُعَاذٍ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْآثَارُ فِي افْتِتَاحِ الْأَرَضِينَ عَنْوَةً بِهَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ: أَمَّا الْأَوَّلُ مِنْهُمَا فَحُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي خَيْبَرَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَهَا غَنِيمَةً، فَخَمَّسَهَا، وَقَسَّمَهَا، وَبِهَذَا الرَّأْيِ أَشَارَ بِلَالٌ عَلَى عُمَرَ فِي بِلَادِ الشَّامِ، وَأَشَارَ بِهِ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي أَرْضِ مِصْرَ، وَبِهَذَا كَانَ يَأْخُذُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، كَذَلِكَ يُرْوَى عَنْهُ. وَأَمَّا الْحُكْمُ الْآخَرُ فَحُكْمُ عُمَرَ فِي السَّوَادِ وَغَيْرِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَهُ فَيْئًا مَوْقُوفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا تَنَاسَلُوا، وَلَمْ يُخَمِّسْهُ، وَهُوَ الرَّأْيُ الَّذِي أَشَارَ بِهِ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ﵁، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ ﵀ ⦗٧٦⦘، وَبِهَذَا كَانَ يَأْخُذُ سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ مِنْ قَوْلِهِ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الْخِيَارُ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ إِلَى الْإِمَامِ، إِنْ شَاءَ جَعَلَهَا غَنِيمَةً فَخَمَّسَ وَقَسَّمَ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهَا فَيْئًا عَامًّا لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يُخَمِّسْ وَلَمْ يُقَسِّمْ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكِلَا الْحُكْمَيْنِ فِيهِ قُدْوَةٌ وَمُتَّبَعٌ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ، إِلَّا أَنَّ الَّذِيَ أَخْتَارُهُ مِنْ ذَلِكَ: يَكُونُ النَّظَرُ فِيهِ إِلَى الْإِمَامِ، كَمَا قَالَ سُفْيَانُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا دَاخِلَانِ فِيهِ، وَلَيْسَ فِعْلُ النَّبِيِّ ﷺ بَرَّادٍ لِفِعْلِ عُمَرَ، وَلَكِنَّهُ ﷺ اتَّبَعَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ﵎ فَعَمِلَ بِهَا، وَاتَّبَعَ عُمَرُ آيَةً أُخْرَى فَعَمِلَ بِهَا وَهُمَا آيَتَانِ مُحْكَمَتَانِ فِيمَا يَنَالُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُشْرِكِينَ، فَيَصِيرُ غَنِيمَةً أَوْ فَيْئًا، قَالَ اللَّهُ ﵎: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [الأنفال: ٤١] فَهَذِهِ آيَةُ الْغَنِيمَةِ، وَهِيَ لِأَهْلِهَا دُونَ النَّاسِ، وَبِهَا عَمِلَ النَّبِيُّ ﷺ وَقَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ ⦗٧٧⦘ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ، وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ فَهَذِهِ آيَةُ الْفَيْءِ وَبِهَا عَمِلَ عُمَرُ، وَإِيَّاهَا تَأَوَّلَ حِينَ ذَكَرَ الْأَمْوَالَ وَأَصْنَافَهَا، فَقَالَ: فَاسْتَوْعَبَتْ هَذِهِ الْآيَةُ النَّاسَ وَإِلَى هَذِهِ الْآيَةِ ذَهَبَ عَلِيُّ وَمُعَاذٌ، حِينَ أَشَارَا عَلَيْهِ بِمَا أَشَارَا فِيمَا نَرَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنَّ عُمَرَ إِنَّمَا فَعَلَ بِرِضًى مِنَ الَّذِينَ افْتَتَحُوا الْأَرْضَ، وَاسْتِطَابَةً لِأَنْفُسِهِمْ ⦗٧٨⦘، لَمَّا كَانَ عُمَرُ كَلَّمَ بِهِ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فِي أَرْضِ السَّوَادِ، وَقَدْ عَلِمْنَا مَا كَانَ مِنْ كَلَامِهِ إِيَّاهُ
١٥١ - وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقْسِمَ السَّوَادَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَمَرَ أَنْ يُحْصُوا فَوُجِدَ الرَّجُلُ يُصِيبُهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْفَلَّاحِينَ فَشَاوَرَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: دَعْهُمْ يَكُونُوا مَادَّةً لِلْمُسْلِمِينَ، فَتَرَكَهُمْ وَبَعَثَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ، فَوَضَعَ عَلَيْهِمْ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ، وَأَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، وَاثْنَيْ عَشَرَ
١٥٢ - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي تَمِيمُ بْنُ ⦗٧٥⦘ عَطِيَّةَ الْعَنْسِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَيْسٍ أَوْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيِّ - شَكَّ أَبُو عُبَيْدٍ - قَالَ: قَدِمَ عُمَرُ الْجَابِيَةَ، فَأَرَادَ قَسْمَ الْأَرْضِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ: وَاللَّهِ إِذَنْ لَيَكُونَنَّ مَا تَكْرَهُ، إِنَّكَ إِنْ قَسَمْتَهَا صَارَ الرِّيعُ الْعَظِيمُ فِي أَيْدِي الْقَوْمِ، ثُمَّ يَبِيدُونَ، فَيَصِيرُ ذَلِكَ إِلَى الرَّجُلِ الْوَاحِدِ أَوِ الْمَرْأَةِ، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِهِمْ قَوْمٌ يَسُدُّونَ مِنَ الْإِسْلَامِ مَسَدًّا، وَهُمْ لَا يَجِدُونَ شَيْئًا، فَانْظُرْ أَمْرًا يَسَعُ أَوَّلَهُمْ وَآخِرَهُمْ ١٥٣ - قَالَ هِشَامٌ: وَحَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ أَوِ ابْنِ قَيْسٍ: أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ، يُكَلِّمُ النَّاسَ فِي قَسْمِ الْأَرْضِ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ مُعَاذٍ إِيَّاهُ، قَالَ: فَصَارَ عُمَرُ إِلَى قَوْلِ مُعَاذٍ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْآثَارُ فِي افْتِتَاحِ الْأَرَضِينَ عَنْوَةً بِهَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ: أَمَّا الْأَوَّلُ مِنْهُمَا فَحُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي خَيْبَرَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَهَا غَنِيمَةً، فَخَمَّسَهَا، وَقَسَّمَهَا، وَبِهَذَا الرَّأْيِ أَشَارَ بِلَالٌ عَلَى عُمَرَ فِي بِلَادِ الشَّامِ، وَأَشَارَ بِهِ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي أَرْضِ مِصْرَ، وَبِهَذَا كَانَ يَأْخُذُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، كَذَلِكَ يُرْوَى عَنْهُ. وَأَمَّا الْحُكْمُ الْآخَرُ فَحُكْمُ عُمَرَ فِي السَّوَادِ وَغَيْرِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَهُ فَيْئًا مَوْقُوفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا تَنَاسَلُوا، وَلَمْ يُخَمِّسْهُ، وَهُوَ الرَّأْيُ الَّذِي أَشَارَ بِهِ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ﵁، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ ﵀ ⦗٧٦⦘، وَبِهَذَا كَانَ يَأْخُذُ سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ مِنْ قَوْلِهِ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الْخِيَارُ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ إِلَى الْإِمَامِ، إِنْ شَاءَ جَعَلَهَا غَنِيمَةً فَخَمَّسَ وَقَسَّمَ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهَا فَيْئًا عَامًّا لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يُخَمِّسْ وَلَمْ يُقَسِّمْ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكِلَا الْحُكْمَيْنِ فِيهِ قُدْوَةٌ وَمُتَّبَعٌ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ، إِلَّا أَنَّ الَّذِيَ أَخْتَارُهُ مِنْ ذَلِكَ: يَكُونُ النَّظَرُ فِيهِ إِلَى الْإِمَامِ، كَمَا قَالَ سُفْيَانُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا دَاخِلَانِ فِيهِ، وَلَيْسَ فِعْلُ النَّبِيِّ ﷺ بَرَّادٍ لِفِعْلِ عُمَرَ، وَلَكِنَّهُ ﷺ اتَّبَعَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ﵎ فَعَمِلَ بِهَا، وَاتَّبَعَ عُمَرُ آيَةً أُخْرَى فَعَمِلَ بِهَا وَهُمَا آيَتَانِ مُحْكَمَتَانِ فِيمَا يَنَالُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُشْرِكِينَ، فَيَصِيرُ غَنِيمَةً أَوْ فَيْئًا، قَالَ اللَّهُ ﵎: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ [الأنفال: ٤١] فَهَذِهِ آيَةُ الْغَنِيمَةِ، وَهِيَ لِأَهْلِهَا دُونَ النَّاسِ، وَبِهَا عَمِلَ النَّبِيُّ ﷺ وَقَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ ⦗٧٧⦘ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ، وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ فَهَذِهِ آيَةُ الْفَيْءِ وَبِهَا عَمِلَ عُمَرُ، وَإِيَّاهَا تَأَوَّلَ حِينَ ذَكَرَ الْأَمْوَالَ وَأَصْنَافَهَا، فَقَالَ: فَاسْتَوْعَبَتْ هَذِهِ الْآيَةُ النَّاسَ وَإِلَى هَذِهِ الْآيَةِ ذَهَبَ عَلِيُّ وَمُعَاذٌ، حِينَ أَشَارَا عَلَيْهِ بِمَا أَشَارَا فِيمَا نَرَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنَّ عُمَرَ إِنَّمَا فَعَلَ بِرِضًى مِنَ الَّذِينَ افْتَتَحُوا الْأَرْضَ، وَاسْتِطَابَةً لِأَنْفُسِهِمْ ⦗٧٨⦘، لَمَّا كَانَ عُمَرُ كَلَّمَ بِهِ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فِي أَرْضِ السَّوَادِ، وَقَدْ عَلِمْنَا مَا كَانَ مِنْ كَلَامِهِ إِيَّاهُ
1 / 74