أمثال الحديث المروية عن النبي ﷺ

رامهرمزی d. 360 AH
8

أمثال الحديث المروية عن النبي ﷺ

أمثال الحديث المروية عن النبي ﷺ

تحقیق کنندہ

أحمد عبد الفتاح تمام

ناشر

مؤسسة الكتب الثقافية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

1409 ہجری

پبلشر کا مقام

بيروت

اصناف

٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سَمَاعَةَ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، ثنا بَشِيرٌ، يَعْنِي ابْنَ الْمُهَاجِرِ الْغَنَوِيَّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ فَنَادَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: " أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ مَثَلُ قَوْمٍ خَافُوا عَدُوًّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ فَبَعَثُوا رَجُلًا يَتَرَبَّأُ لَهُمْ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَبْصَرَ الْعَدُوَّ فَأَقْبَلَ لِيُنْذِرَ قَوْمَهُ فَخَشِيَ أَنْ يُدْرِكَهُ الْعَدُوُّ قَبْلَ أَنْ يَنْذِرَ قَوْمَهُ فَأَهْوَى بِثَوْبِهِ: أَيُّهَا النَّاسُ أُتِيتُمْ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ" قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَتَرَبَّأُ لَهُمْ: هُوَ أَنْ يَعْلُوَ شَاهِقًا فَيَرْقُبَ الْعَدُوَّ لِيُنْذِرَ بِهِ، وَاسْمُهُ الرَّبِيئَةُ عَلَى مِثَالِ ⦗٢٠⦘ فَعِيلَةُ، مَهْمُوزٌ، وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: الدَّيْدَبَانُ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ الْيَشْكُرِيُّ: [البحر الرجز] أَمَّا النَّهَارُ فَرَابِي ... قَوْمِي بِمَرْقُبَةٍ يَفَاعِ وَاللَّيْلُ أَبْطَنَ ذَا خَضَا ... خِضَ وَالْوُعُورِ مِنَ الْبِقَاعِ تَرِدُ السِّبَاعُ مَعِي فَأُلْـ ... ـفَى كَالْمُدِلِّ مِنَ السِّبَاعِ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: إِنِّي لَأَرْبَأُ بِكَ عَنْ كَذَا، أَيْ: أَرْفَعُكَ عَنْهُ، وَتَقُولُ: مَا رَأَيْتُهُ حَتَّى أَرْبَأَ عَلَيَّ، أَيْ: أَشْرَفَ عَلَيَّ، وَهَذَا مَثَلٌ فِي السَّبْقِ إِلَى اتِّبَاعِ النَّبِيِّ ﷺ، وَالْفَوْزِ بِتَصْدِيقِهِ قَبْلَ فَقْدِهِ، وَأَنَّهُ آخِرُ مَنْ أَنْذَرَ، وَلَا نَبِيَّ بَعْدَهُ يُنْتَظَرُ، وَيَتَضَمَّنُ مَعْنَى دُنُوِّ السَّاعَةِ وَقُرْبِهَا، كَمَا قَالَ: «بُعِثْتُ وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ» . وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ وَقَالَ اللَّهَ ﷿: ﴿هَذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الْأُولَى، أَزِفَتِ الْآزِفَةُ﴾ [النجم: ٥٧] . يَعْنِي: دَنَتِ الْقِيَامَةُ وَهَذَا عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي تَقْرِيبِ الْكَائِنِ الَّذِي هُوَ لَا مَحَالَةَ وَاقِعٌ، كَمَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ ﵁: [البحر الرجز] كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٍ فِي أَهْلِهِ ... وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ أَرَادَ بِدُنُوِّ الْمَوْتِ وُقُوعَهُ لَا مَحَالَةَ. وَقَالَ كَعْبٌ الْغَنَوِيُّ: [البحر الطويل] لَعَمْرُكُمَا إِنَّ الْبَعِيدَ الَّذِي مَضَى ... وَإِنَّ الَّذِي يَأْتِي غَدًا لَقَرِيبُ ⦗٢١⦘ فَسَمَّى مَا قُدِّرَ كَوْنُهُ وَيُنْتَظَرُ وُقُوعُهُ وَإِنْ بَعُدَ وَقْتُهُ بِاسْمِ غَدٍ، وَهُوَ ثَانِيَ يَوْمِكَ، لِأَنَّ مُرُورَ الْأَوْقَاتِ يُدْنِيهِ، وَفِي التَّنْزِيلِ: ﴿سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ﴾ [القمر: ٢٦] . وَهَذَا وَشِبْهُهُ مُتَصَرِّفٌ فِي أَكْثَرِ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَلِهَذَا أَخْرَجُوا الْمُسْتَقْبَلَ مِنَ الْأَفْعَالِ الَّذِي وَقَعَ الْوَعْدُ بِهِ مَخْرَجَ الْمَاضِي الَّذِي قَدْ تَصَرَّمَ وَقْتُهُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ﴾ [الأعراف: ٤٤]، ﴿وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ﴾ [ق: ٢١] . وَسَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ ﷿: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ [النحل: ١] أَنَّ مَعْنَاهُ: أَتَى أَمْرُ اللَّهِ وَعْدًا، فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ وُقُوعًا وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ إِذَا بَالَغُوا فِي شِدَّةِ السَّعْي وَسُرْعَةِ الْحَرَكَةِ: جَاءَنَا زَيْدٌ أَسْرَعَ مِنَ الرِّيحِ، وَأَسْرَعَ مِنَ الْبَرْقِ، وَرَأَيْنَا فُلَانًا يَطِيرُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُبَارِي الرِّيحَ وَالْبَرْقَ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الطَّيَرَانِ، وَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ الْخِفَّةُ وَسُرْعَةُ الْحَرَكَةِ. وَيُقَالُ فِي أَمْثَالِهِمْ: جَاءَ فُلَانٌ قَبْلَ عَيْرٍ وَمَا جَرَى، يُرِيدُونَ السُّرْعَةَ، أَيْ قَبْلَ لَحْظَةِ الْعَيْنِ، وَالْعَيْرُ بِالرَّاءِ: إِنْسَانُ الْعَيْنِ، وَفُسِّرَ بَيْتُ الْحَارِثِ بْنِ حِلِّزَةَ: زَعَمُوا أَنَّ كُلَّ مِنْ ضَرَبَ الْعَيْـ ... ـرَ مُوَالٍ لَنَا وَأَنَّا الْوَلَاءُ ⦗٢٢⦘ أَيْ كُلُّ مَنْ ضَرَبَ بِجَفْنٍ عَلَى عَيْرٍ، قَالَ: وَالْعَيْرُ إِنْسَانُ الْعَيْنِ وَهَذَا تَفْسِيرُ بَعْضِ الرُّوَاةِ مِنَ الْقُدَمَاءِ، وَهُوَ غَرِيبٌ، فَهَذِهِ لُغَاتُ الْعَرَبِ، وَإِنَّمَا خَاطَبَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ بِلُغَتِهِ وَلُغَتِهِمْ، فَمَنْ جَهِلَ لُغَاتِ الْمُخَاطَبِينَ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ جُمْلَةِ النَّظَّارِينَ

1 / 19