عَلَيْهِ وَسلم الْمَرَض حطة يحط الْخَطَايَا عَن صَاحبه كَمَا تحط الشَّجَرَة الْيَابِسَة وَرقهَا وكما أَن من أمراض الْجِسْم مَا إِذا مَاتَ الْإِنْسَان مِنْهُ كَانَ شَهِيدا كالمطعون والمبطون وَصَاحب ذَات الْجنب وَكَذَلِكَ الْمَيِّت بغرق أَو حرق أَو هدم فَمن أمراض النَّفس مَا إِذا اتَّقى العَبْد ربه فِيهِ وصبر عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ كَانَ شَهِيدا كالجبان الَّذِي يتقى الله ويصبر لِلْقِتَالِ حَتَّى يقتل فَإِن الْبُخْل والجبن من أمراض النُّفُوس إِن أطاعه أوجب لَهُ الْأَلَم وَإِن عَصَاهُ تألم كأمراض الْجِسْم وَكَذَلِكَ الْعِشْق فقد روى من عشق فعف وكتم وصبر ثمَّ مَاتَ مَاتَ شَهِيدا فَإِنَّهُ مرض فِي النَّفس يَدْعُو إِلَى مَا يضر النَّفس كَمَا يَدْعُو الْمَرِيض إِلَى تنَاول مَا يضر فَإِن أطَاع هَوَاهُ عظم عَذَابه فِي الْآخِرَة وَفِي الدُّنْيَا أَيْضا وَإِن عصى الْهوى بالعفة والكتمان صَار فِي نَفسه من الْأَلَم والسقم مَا فِيهَا فَإِذا مَاتَ من ذَلِك الْمَرَض كَانَ شهيدأن هَذَا يَدعُوهُ إِلَى النَّار فيمنعه كالجبان تَمنعهُ نَفسه عَن الْجنَّة فيقدمها فَهَذِهِ الْأَمْرَاض إِذا كَانَ مَعهَا إِيمَان وتقوى كَانَت كَمَا قَالَ النَّبِي ﷺ لَا يقْضِي الله لِلْمُؤمنِ قَضَاء إِلَّا كَانَ خيرا لَهُ إِن أَصَابَته سراء فَشكر كَانَ خيرا لَهُ وَإِن أَصَابَته ضراء فَصَبر كَانَ خيرا لَهُ وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه اجمعين
1 / 33