الْمحرم واللمس الْمحرم وَغير ذَلِك من الْأَفْعَال الْمُحرمَة وَأما محبَّة الرجل لامْرَأَته أَو سريته محبَّة تخرجه عَن الْعدْل بِحَيْثُ يفعل لأَجلهَا مَا لَا يحل وَيتْرك مَا يجب كَمَا هُوَ الْوَاقِع كثيرا حَتَّى يظلم ابْنه من امْرَأَته العتيقة لمحبته الجديدة وَحَتَّى يفعل من مطالبها المذمومة مَا يضرّهُ فِي دينه ودنياه مثل أَن يَخُصهَا بميراث لَا تستحقه أَو يعْطى أَهلهَا من الْولَايَة وَالْمَال مَا يتَعَدَّى بِهِ حُدُود الله أَو يسرف فِي الْإِنْفَاق عَلَيْهَا أَو يُمكنهَا من أُمُور مُحرمَة تضره فِي دينه ودنياه وَهَذَا فِي عشق من يُبَاح لَهُ وَطْؤُهَا فَكيف عشق الْأَجْنَبِيَّة والذكران من الْعَالمين فَفِيهِ من الْفساد مَالا يُحْصِيه إِلَّا رب الْعباد وَهُوَ من الْأَمْرَاض الَّتِي تفْسد دين صَاحبهَا وَعرضه ثمَّ قد تفْسد عقله ثمَّ جِسْمه قَالَ تَعَالَى الْأَحْزَاب فَلَا تخضعن بالْقَوْل فيطمع الَّذِي فِي قلبه مرض وَمن فِي قلبه مرض الشَّهْوَة وَإِرَادَة الصُّورَة مَتى خضع الْمَطْلُوب طمع الْمَرِيض والطمع يقوى الْإِرَادَة والطلب يُقَوي الْمَرَض بذلك بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ آيسا من الْمَطْلُوب فَإِن الْيَأْس يزِيل الطمع فتضعف الْإِرَادَة فيضعف الْحبّ فَإِن الْإِنْسَان لَا يُرِيد أَن يطْلب مَا هُوَ آيس مِنْهُ فَلَا يكون مَعَ الْإِرَادَة عمل أصلا بل يكون حَدِيث نفس إِلَّا أَن يقْتَرن بذلك كَلَام أَو نظر وَنَحْو ذَلِك فَأَما إِذا ابتلى بالعشق وعف وصبر فَإِنَّهُ يُثَاب على تقواه لله وَقد روى فِي الحَدِيث أَن من عشق فعف وكتم وصبر ثمَّ مَاتَ كَانَ شَهِيدا وَهُوَ مَعْرُوف من رِوَايَة يحيى القَتَّات عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا وَفِيه نظر وَلَا يحْتَج بِهَذَا لَكِن من الْمَعْلُوم بأدلة الشَّرْع أَنه إِذا عف عَن الْمُحرمَات نظرا وقولا وَعَملا وكتم ذَلِك فَلم يتَكَلَّم بِهِ حَتَّى لَا يكون فِي ذَلِك كَلَام محرم اما شكوى إِلَى الْمَخْلُوق وَإِمَّا إِظْهَار فَاحِشَة وَإِمَّا نوع طلب للمعشوق وصبر على طَاعَة الله وَعَن مَعْصِيَته وعَلى مَا فِي قلبه من ألم الْعِشْق كَمَا يصبر الْمُصَاب عَن ألم الْمُصِيبَة فَإِن هَذَا يكون مِمَّن اتَّقى الله وصبر وَمن يتق ويصبر فَإِن الله لَا يضيع أجر الْمُحْسِنِينَ يُوسُف وَهَكَذَا مرض الْحَسَد وَغَيره من أمراض النُّفُوس وَإِذا كَانَت النَّفس تطلب مَا يبغضه الله فينهاها خشيَة من الله كَانَ مِمَّن دخل فِي قَوْله النازعات وَأما من خَافَ مقَام ربه وَنهى النَّفس عَن الْهوى فَإِن الْجنَّة هِيَ المأوى فَالنَّفْس إِذا أحبت شَيْئا سعت فِي حُصُوله بِمَا يُمكن حَتَّى تسْعَى فِي أُمُور كَثِيرَة تكون كلهَا مقامات لتِلْك الْغَايَة فَمن احب محبَّة مذمومة أَو أبْغض بغضا مذموما وَفعل ذَلِك كَانَ آثِما مثل أَن يبغض شخصا لحسده لَهُ فيؤذي من لَهُ بِهِ تعلق إِمَّا بِمَنْع حُقُوقه أَو بعدوان عَلَيْهِم أَو لمحبة لَهُ لهواه مَعَه فيفعل لأَجله مَا هُوَ محرم أَو مَا هُوَ
1 / 25