٣٦ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: " لَمَّا وَلِيَ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ خَشِيتُ أَنْ أُؤْخَذَ، فَأَجْعَلَ عَرِيفًا، فَأَتَيْتُ الْحَسَنَ فِي أَهْلِهِ، وَخَادِمٌ يُقَالُ لَهُ بَرْزَةُ يُنَاوِلُهُ ثِيَابَهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، كَيْفَ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﷿؟ قَالَ: أَيَّةُ آيَةٍ؟، قَالَ: قُلْتُ: قَوْلُ اللَّهِ ﷿: ﴿وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: ٦٢]، يَا أَبَا سَعِيدٍ، فَسَخِطَ اللَّهُ عَلَى هَؤُلَاءِ بِقَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ، وَذَمَّ هَؤُلَاءِ حَيْثُ لَمْ يَنْهَوْا، فَقَالَ الْحَسَنُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنَّ الْقَوْمَ عَرَضُوا السَّيْفَ فَحَالَ السَّيْفُ دُونَ الْكَلَامِ، قُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، هَلْ تَعْرِفُ لِمُتَكَلِّمٍ فَضْلًا؟، قَالَ: مَا أَعْرِفُهُ
٣٧ - ثُمَّ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا رَآهُ أَوْ شَهِدَهُ، فَإِنَّهُ لَا يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ وَلَا يُبَاعِدُ مِنْ رِزْقٍ، أَنْ يُقَالَ بِحَقٍّ أَوْ يُذَكَّرَ بِعَظِيمٍ»
٣٨ - ثُمَّ حَدَّثَنَا حَدِيثًا آخَرَ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ»، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا إِذْلَالُهُ لِنَفْسِهِ؟، قَالَ: «يَتَعَرَّضُ مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَا يُطِيقُ» قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، فَيَزِيدُ الضَّبِّيُّ حَيْثُ قَامَ فَتَكَلَّمَ؟ فَقَالَ الْحَسَنُ: «أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ السِّجْنِ حَتَّى نَدِمَ عَلَى مَقَالَتِهِ»، ⦗٨٠⦘ قَالَ الْمُعَلَّى بْنُ زِيَادٍ: فَأَقُومُ مِنْ عِنْدِ الْحَسَنِ فَإِلَى يَزِيدَ الضَّبِّيِّ مِنْ وَجْهِي ذَاكَ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا مَوْدُودٍ، قَدْ كُنْتُ عِنْدَ الْحَسَنِ آنِفًا فَذَكَرْتُكَ لَهُ، فَنَصَبْتُكَ لَهُ نَصَبًا، قَالَ: مَهْ يَا أَبَا الْحَسَنِ، قَالَ: قُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ، قَالَ: فَمَا قَالَ الْحَسَنُ؟ قُلْتُ: قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ السِّجْنِ حَتَّى نَدِمَ عَلَى مَقَالَتِهِ تِلْكَ»، قَالَ يَزِيدُ: مَا نَدِمْتُ عَلَيْهَا وَايْمِ اللَّهِ، لَقَدْ قُمْتُ مَقَامًا أَخْطَرَ عَلَى نَفْسِي، ثُمَّ قَالَ يَزِيدُ: أَتَيْتُ الْحَسَنَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ غُلِبْنَا عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَعَلَى صَلَاتِنَا نُغْلَبَ، قَالَ جَعْفَرٌ: يَعْنِي فِتْنَةَ الْحَجَّاجِ، قَالَ: يَقُولُ الْحَسَنُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا، إِنَّمَا تُعَرِّضُ نَفْسَكَ لَهُمْ، قَالَ: فَقُمْتُ وَالْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ ابْنُ عَمِّ الْحَجَّاجِ يَخْطُبُ، فَقُلْتُ: الصَّلَاةَ رَحِمَكَ اللَّهُ، قَالَ: فَجَاءَتْنِي الزَّبَانِيَةُ فَسَعَوْا إِلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَأَخَذُوا تَلْابِيبِي وَأَخَذُوا بِلِحْيَتِي وَيَدِي وَكُلِّ شَيْءٍ، وَجَعَلُوا يَضْرِبُونِي بِنِعَالِ نُفُوسِهِمْ، قَالَ: وَسَكَتَ الْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ، وَكِدْتُ أَنْ أُقْتَلَ دُونَهُ، قَالَ: فَمَشَوْا بِي إِلَيْهِ حَتَّى إِذَا بَلَغُوا بَابَ الْمَقْصُورَةِ فَتْحَ، فَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَمَجْنُونٌ أَنْتَ؟، فَقُلْتَ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، مَا بِي مِنْ جُنُونٍ، قَالَ: أَوَ مَا كُنَّا فِي صَلَاةٍ؟، ⦗٨١⦘ قُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، هَلْ كِتَابٌ أَفْضَلُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ؟، قَالَ: لَا، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا نَشَرَ مُصْحَفَهُ فَقَرَأَهُ غُدْوَةً حَتَّى يُمْسِيَ وَلَا يُصَلِّي فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ، كَانَ ذَلِكَ قَاضِيًا عَنْهُ صَلَاتَهُ؟، قَالَ: فَقَالَ الْحَكَمُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسَبَنَّكَ مَجْنُونًا، قَالَ: وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ جَالِسٌ قَرِيبًا مِنَ الْمِنْبَرِ عَلَى وَجْهِهِ خِرْقَةٌ خَضْرَاءُ قَالَ: قُلْتُ: يَا أَنَسُ، يَا أَبَا حَمْزَةَ، أُذَكِّرُكَ اللَّهَ فَإِنَّكَ قَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وَخَدَمْتَهُ، الْحَقَّ قُلْتُ أَمِ بِبَاطِلٍ؟، قَالَ: فَلَا وَاللَّهِ مَا أَجَابَنِي بِكَلِمَةٍ، قَالَ: يَقُولُ لَهُ الْحَكَمُ: يَا أَنَسُ، قَالَ: لَبَّيْكَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ، قَالَ: وَقَدْ كَانَ فَاتَ مِيقَاتُ الصَّلَاةِ، قَالَ: يَقُولُ أَنَسٌ: قَدْ كَانَ بَقِيَ مِنَ الشَّمْسِ بَقِيَّةٌ، قَالَ: احْبِسَاهُ، قَالَ: فَحُبِسَتْ، فَذَهَبَ بِي إِلَى الشَّمْسِ، قَالَ: فَشَهِدُوا أَنِّي مَجْنُونٌ - قَالَ جَعْفَرٌ: إِنَّمَا نَجَا مِنَ الْقَتْلِ بِذَلِكَ -، فَكَتَبَ الْحَكَمُ إِلَى الْحَجَّاجِ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، إِنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي ضَبَّةَ قَامَ فَتَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ، قَدْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ الْعُدُولُ عِنْدِي أَنَّهُ مَجْنُونٌ، قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ: إِنْ كَانَتْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ الْعُدُولُ عِنْدَكَ أَنَّهُ مَجْنُونٌ فَخَلِّ سَبِيلَهُ، وَإِلَّا فَاقْطَعْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَلِسَانَهُ قَالَ جَعْفَرٌ: وَاحْبِسْهُ، وَاسْمُرْ عَيْنَهُ، قَالَ: فَخَلَّى سَبِيلِي، ⦗٨٢⦘ قَالَ يَزِيدُ: وَمَاتَ أَخٌ لَنَا فَتَبِعْتُ جَنَازَتَهُ فَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ ثُمَّ دُفِنَ فَكُنْتُ فِي نَاحِيَةٍ مَعَ إِخْوَانِي نَذْكُرُ اللَّهَ، إِذْ طَلَعَ الْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ عَلَيْنَا فِي خَيْلِهِ، قَالَ: فَقَصَدَ قَصْدَنَا، فَلَمَّا رَآهُ النَّاسُ هَرَبَ جُلَسَائِي وَبَقِيَتُ وَحْدِي، قَالَ: فَجَاءَ قَاصِدًا حَتَّى وَقَفَ عَلَيَّ، قَالَ: وَأَنَا وَحْدِي، قَالَ: مَا كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، أَخٌ لَنَا مَاتَ فَدُفِنَ، فَقَعَدْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ، وَنَذْكُرُ مَعَادَنَا، وَنَذْكُرُ الَّذِي صَارَ إِلَيْهِ، قَالَ: فَهَلَّا فَرَرْتَ كَمَا؟ فَرُّوا، قُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، مَا يُفِرِّنِي مِنْكَ، أَنَا أَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ سَاحَةً، وَآمَنُ لِلْأَمِيرِ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمُهَلَّبِ - وَهُوَ صَاحِبُ شُرْطَتِهِ وَحَرْبَتُهُ بِيَدِهِ وَاقِفًا بَيْنَ يَدَيْهِ -: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، أَمَا تَعْرِفُ هَذَا؟، قَالَ: وَمَنْ هَذَا؟، قَالَ: هَذَا الْمُتَكَلِّمُ الَّذِي كَلَّمَكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَالَ: فَقَالَ الْحَكَمُ: وَأَيْضًا إِنَّكَ عَلَيَّ لَجَرِيءٌ، خُذَاهُ، قَالَ: فَأُخِذْتُ فَضُرِبْتُ أَرْبَعَ مِائَةٍ وَهُوَ وَاقِفٌ حَتَّى مَا دَرَيْتُ حِينَ ضَرَبَنِي وَحِينَ تَرَكَنِي، قَالَ: ثُمَّ بُعِثَ بِي إِلَى وَاسِطٍ، فَكُنْتُ فِي الدِّيمَاسِ حَتَّى تَلِفَ الْحَجَّاجُ
٣٧ - ثُمَّ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا رَآهُ أَوْ شَهِدَهُ، فَإِنَّهُ لَا يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ وَلَا يُبَاعِدُ مِنْ رِزْقٍ، أَنْ يُقَالَ بِحَقٍّ أَوْ يُذَكَّرَ بِعَظِيمٍ»
٣٨ - ثُمَّ حَدَّثَنَا حَدِيثًا آخَرَ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ»، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا إِذْلَالُهُ لِنَفْسِهِ؟، قَالَ: «يَتَعَرَّضُ مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَا يُطِيقُ» قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، فَيَزِيدُ الضَّبِّيُّ حَيْثُ قَامَ فَتَكَلَّمَ؟ فَقَالَ الْحَسَنُ: «أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ السِّجْنِ حَتَّى نَدِمَ عَلَى مَقَالَتِهِ»، ⦗٨٠⦘ قَالَ الْمُعَلَّى بْنُ زِيَادٍ: فَأَقُومُ مِنْ عِنْدِ الْحَسَنِ فَإِلَى يَزِيدَ الضَّبِّيِّ مِنْ وَجْهِي ذَاكَ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا مَوْدُودٍ، قَدْ كُنْتُ عِنْدَ الْحَسَنِ آنِفًا فَذَكَرْتُكَ لَهُ، فَنَصَبْتُكَ لَهُ نَصَبًا، قَالَ: مَهْ يَا أَبَا الْحَسَنِ، قَالَ: قُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ، قَالَ: فَمَا قَالَ الْحَسَنُ؟ قُلْتُ: قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ السِّجْنِ حَتَّى نَدِمَ عَلَى مَقَالَتِهِ تِلْكَ»، قَالَ يَزِيدُ: مَا نَدِمْتُ عَلَيْهَا وَايْمِ اللَّهِ، لَقَدْ قُمْتُ مَقَامًا أَخْطَرَ عَلَى نَفْسِي، ثُمَّ قَالَ يَزِيدُ: أَتَيْتُ الْحَسَنَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ غُلِبْنَا عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَعَلَى صَلَاتِنَا نُغْلَبَ، قَالَ جَعْفَرٌ: يَعْنِي فِتْنَةَ الْحَجَّاجِ، قَالَ: يَقُولُ الْحَسَنُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنَّكَ لَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا، إِنَّمَا تُعَرِّضُ نَفْسَكَ لَهُمْ، قَالَ: فَقُمْتُ وَالْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ ابْنُ عَمِّ الْحَجَّاجِ يَخْطُبُ، فَقُلْتُ: الصَّلَاةَ رَحِمَكَ اللَّهُ، قَالَ: فَجَاءَتْنِي الزَّبَانِيَةُ فَسَعَوْا إِلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَأَخَذُوا تَلْابِيبِي وَأَخَذُوا بِلِحْيَتِي وَيَدِي وَكُلِّ شَيْءٍ، وَجَعَلُوا يَضْرِبُونِي بِنِعَالِ نُفُوسِهِمْ، قَالَ: وَسَكَتَ الْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ، وَكِدْتُ أَنْ أُقْتَلَ دُونَهُ، قَالَ: فَمَشَوْا بِي إِلَيْهِ حَتَّى إِذَا بَلَغُوا بَابَ الْمَقْصُورَةِ فَتْحَ، فَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَمَجْنُونٌ أَنْتَ؟، فَقُلْتَ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، مَا بِي مِنْ جُنُونٍ، قَالَ: أَوَ مَا كُنَّا فِي صَلَاةٍ؟، ⦗٨١⦘ قُلْتُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، هَلْ كِتَابٌ أَفْضَلُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ؟، قَالَ: لَا، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا نَشَرَ مُصْحَفَهُ فَقَرَأَهُ غُدْوَةً حَتَّى يُمْسِيَ وَلَا يُصَلِّي فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ، كَانَ ذَلِكَ قَاضِيًا عَنْهُ صَلَاتَهُ؟، قَالَ: فَقَالَ الْحَكَمُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَحْسَبَنَّكَ مَجْنُونًا، قَالَ: وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ جَالِسٌ قَرِيبًا مِنَ الْمِنْبَرِ عَلَى وَجْهِهِ خِرْقَةٌ خَضْرَاءُ قَالَ: قُلْتُ: يَا أَنَسُ، يَا أَبَا حَمْزَةَ، أُذَكِّرُكَ اللَّهَ فَإِنَّكَ قَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وَخَدَمْتَهُ، الْحَقَّ قُلْتُ أَمِ بِبَاطِلٍ؟، قَالَ: فَلَا وَاللَّهِ مَا أَجَابَنِي بِكَلِمَةٍ، قَالَ: يَقُولُ لَهُ الْحَكَمُ: يَا أَنَسُ، قَالَ: لَبَّيْكَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ، قَالَ: وَقَدْ كَانَ فَاتَ مِيقَاتُ الصَّلَاةِ، قَالَ: يَقُولُ أَنَسٌ: قَدْ كَانَ بَقِيَ مِنَ الشَّمْسِ بَقِيَّةٌ، قَالَ: احْبِسَاهُ، قَالَ: فَحُبِسَتْ، فَذَهَبَ بِي إِلَى الشَّمْسِ، قَالَ: فَشَهِدُوا أَنِّي مَجْنُونٌ - قَالَ جَعْفَرٌ: إِنَّمَا نَجَا مِنَ الْقَتْلِ بِذَلِكَ -، فَكَتَبَ الْحَكَمُ إِلَى الْحَجَّاجِ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، إِنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي ضَبَّةَ قَامَ فَتَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ، قَدْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ الْعُدُولُ عِنْدِي أَنَّهُ مَجْنُونٌ، قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ: إِنْ كَانَتْ قَامَتِ الْبَيِّنَةُ الْعُدُولُ عِنْدَكَ أَنَّهُ مَجْنُونٌ فَخَلِّ سَبِيلَهُ، وَإِلَّا فَاقْطَعْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَلِسَانَهُ قَالَ جَعْفَرٌ: وَاحْبِسْهُ، وَاسْمُرْ عَيْنَهُ، قَالَ: فَخَلَّى سَبِيلِي، ⦗٨٢⦘ قَالَ يَزِيدُ: وَمَاتَ أَخٌ لَنَا فَتَبِعْتُ جَنَازَتَهُ فَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ ثُمَّ دُفِنَ فَكُنْتُ فِي نَاحِيَةٍ مَعَ إِخْوَانِي نَذْكُرُ اللَّهَ، إِذْ طَلَعَ الْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ عَلَيْنَا فِي خَيْلِهِ، قَالَ: فَقَصَدَ قَصْدَنَا، فَلَمَّا رَآهُ النَّاسُ هَرَبَ جُلَسَائِي وَبَقِيَتُ وَحْدِي، قَالَ: فَجَاءَ قَاصِدًا حَتَّى وَقَفَ عَلَيَّ، قَالَ: وَأَنَا وَحْدِي، قَالَ: مَا كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، أَخٌ لَنَا مَاتَ فَدُفِنَ، فَقَعَدْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ، وَنَذْكُرُ مَعَادَنَا، وَنَذْكُرُ الَّذِي صَارَ إِلَيْهِ، قَالَ: فَهَلَّا فَرَرْتَ كَمَا؟ فَرُّوا، قُلْتُ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، مَا يُفِرِّنِي مِنْكَ، أَنَا أَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ سَاحَةً، وَآمَنُ لِلْأَمِيرِ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمُهَلَّبِ - وَهُوَ صَاحِبُ شُرْطَتِهِ وَحَرْبَتُهُ بِيَدِهِ وَاقِفًا بَيْنَ يَدَيْهِ -: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، أَمَا تَعْرِفُ هَذَا؟، قَالَ: وَمَنْ هَذَا؟، قَالَ: هَذَا الْمُتَكَلِّمُ الَّذِي كَلَّمَكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَالَ: فَقَالَ الْحَكَمُ: وَأَيْضًا إِنَّكَ عَلَيَّ لَجَرِيءٌ، خُذَاهُ، قَالَ: فَأُخِذْتُ فَضُرِبْتُ أَرْبَعَ مِائَةٍ وَهُوَ وَاقِفٌ حَتَّى مَا دَرَيْتُ حِينَ ضَرَبَنِي وَحِينَ تَرَكَنِي، قَالَ: ثُمَّ بُعِثَ بِي إِلَى وَاسِطٍ، فَكُنْتُ فِي الدِّيمَاسِ حَتَّى تَلِفَ الْحَجَّاجُ
1 / 79