[فصل في الإخلاص والصواب]
[منزلة الإخلاص في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]
فصل وإذا كانت جميع الحسنات لا بد فيها من شيئين: أن يراد بها وجه الله، وأن تكون موافقة للشريعة، فهذا في الأقوال والأفعال، في الكلم الطيب، والعمل الصالح، في الأمور العلمية والأمور العبادية، ولهذا ثبت في الصحيح عن النبي ﷺ: «أن أول ثلاثة تسجر بهم جهنم: رجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن وأقرأه ليقول الناس: هو عالم وقارئ، ورجل قاتل وجاهد ليقول الناس: هو شجاع وجريء، ورجل تصدق وأعطى ليقول الناس: جواد سخي» فإن هؤلاء الثلاثة الذين يريدون الرياء والسمعة هم بإزاء الثلاثة الذين بعد النبيين من الصديقين والشهداء والصالحين، فإن من تعلم العلم الذي بعث الله به رسله وعلمه لوجه الله كان صديقا، ومن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا وقتل كان شهيدا، ومن تصدق يبتغي بذلك وجه الله كان صالحا، ولهذا يسأل المفرط في ماله الرجعة وقت الموت، كما قال ابن عباس: من أعطي مالا فلم يحج منه ولم يزك سأل الرجعة وقت الموت. وقرأ قوله تعالى: ﴿وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [المنافقون: ١٠] (سورة المنافقون: آية ١٥) . .
1 / 54