شہزادی دھت ہمہ
الأميرة ذات الهمة: أطول سيرة عربية في التاريخ
اصناف
ولم تتوقف جهود عبد الله بن سليم عند مجرد إعلام الخليفة بتفاصيل وأعماق الانشقاق الحادث، بل اجتمع في اليوم التالي مباشرة بالأمير ظالم وابنه، وتمكن بعد بذل الكثير من الجهد المضني من تبصيرهما بالخطر الذي لن ينجو منه أحد هذه المرة؛ فها هو الحصار البحري الذي تمكن البيزنطيون من فرضه على طول الشواطئ والمدن البحرية مشرقا ومغربا، مما نتج عنه شل حركة الجيش العربي وقطع الطريق أمامه لتحقيق أي تقدم باتجاه العاصمة القسطنطينية.
وحين دفع عبد الله بن سليم بالرسالة الشخصية التي تلقاها من أمير المؤمنين إلى الأمير ظالم، امتثل من فوره لإعطاء الأولوية القصوى لإعلان حالة التأهب للقتال، الذي بدأ عسيرا مجهدا لجيش المسلمين، والذي امتد ضاريا وطال أمده بسبب تولي الملك لاوون - أو ليون الأيزوري - بنفسه قيادة التحالف البيزنطي، والذي كان قد آلمه إلى حد الجنون مقتل ابنته الأميرة «باغة »، التي كان يعدها لوراثة إمبراطوريته.
أما قيادة التحالف العربي فتولتها بالطبع الأميرة ذات الهمة، التي عادت إلى ساحات الجهاد والقتال أكثر وحشية وتوثبا مما كانت.
وحارب عمها ظالم وابنه الحارث بفيالقهما تحت راياتها، أملا في تحقيق نصر يتيح إعادة طرح قضية عبد الوهاب، الذي وصل تجبر ذات الهمة إلى حد حرمانهما منه كحفيد وابن شرعي بشهادة كبار القوم.
وكما لو أن ذات الهمة بدورها قد تعمدت إطالة أطوار تلك الحرب المستعرة، هربا من المشاكل ومن مختلف صنوف الادعاءات والفتن التي أثارها في طريقها عمها ظالم وابنه الحارث، اللذان أشعلا لهيب حرب خفية من خلف ظهرها المكشوف لهما، لا يخفت لها نيران، ولم تعد أحقادهما خافية على أحد حتى الأعداء وعيونهم وبصاصيهم.
وكانت كلما وصلتها تدبيراتهما وتقولاتهما عليها وعلى ابنها عبد الوهاب، حل بها الوهن، واعتراها الاكفهرار، الذي لم تفلح في إحداثه أسلحة أعتى أعدائها على طول البحر الفسيح الغامض الفاصل بينهما.
فكانت مؤامراتهما وتقولاتهما تصل أذنيها كمثل حد السكين، لتتساءل بينها وبين نفسها في مرارة: هكذا على النحو الملفق الدامي ... وهل هذا وقته وأوانه؟ ... وعلى مرأى ومسمع ممن؟ الأعداء، حشود القتلة المتربصين من كل صوب، ماذا أقول؟
كانت ذات الهمة تنهش جلد وجهها وشعرها صارخة دون صوت: لعل الأعداء وحشودهم ... أكثر رحمة.
بل إن الأكثر مرارة هو استثمار الأعداء أنفسهم لمسار واتجاهات الصراع بين ذات الهمة من جانب، وعمها وابنه الحارث من الجانب المقابل، ورأوا في مثل تلك الوقيعة العائلية أو القبلية مادة خصبة لتعميق أبعادها وأغوارها، وما تفضي إليه - بالضرورة - من انشقاقات منها وعبرها تنفذ فلولهم المخربة.
بل إن وفودهم وسفراءهم تكاثروا على مخيمات وفيالق عمها وابنه، لا ينقطع لهم تواصل باتجاه تعميق أبعاد الجروح الدامية الغائرة، ونشر الفتن والتقولات ومختلف صنوف التآمر.
نامعلوم صفحہ