شہزادی دھت ہمہ
الأميرة ذات الهمة: أطول سيرة عربية في التاريخ
اصناف
إلى أن جاءت لحظة حماسه وانجرافه ذات يوم في حضرة الخليفة، وأمير الحملة ولده المقرب الأمير مسلمة، حين انتصب واقفا على قدميه الاثنتين، رافعا ذراعه عاليا على رءوس الأشهاد، مطلقا قسمه وتعهده، الذي أصبح بسببه لا يذيق عينيه غفوة الراحة والنوم مثل بقية خلق الله: «والله لا أرجع إلى خليفة المسلمين حتى أفتح عاصمة الروم قسطنطينية، وأبني فيها مسجدا لأمير المؤمنين.»
وحين حطت قوافل العرب وبوارجهم وعمائرهم على تخوم عاصمة الروم البيزنطيين، بدت المدينة مظلمة ضئيلة الحركة وكأنها مدينة للموتى، وليست عاصمة للتحالف الأوروبي بأكمله المتربص منذ الأزل بالعرب والمسلمين، انتظارا لتحين فرص الوثوب لفرض الإذلال والهيمنة.
بل إن دوام الحصار دفع بالصحصاح إلى إعلان شارات التحدي لملك الروم وقادته صباح مساء دون مجيب، حتى إذا ما طال أمد ذلك الحصار العربي لعاصمة الروم، وبدا الملل بين صفوف الجند والكتائب، استشار الأمير مسلمة الصحصاح بالشروع فورا في إنشاء الحصون والأبنية المجاورة للعاصمة، التي واصلت مع توالي الأيام والسنين النمو والتكاثر والازدهار، إلى أن شرع الأمير مسلمة في إطار العزم والمثابرة وإطباق الحصار «في بناء مدينة مقابل القسطنطينية أسماها المستجدة، وقسم لكل طائفة طرقا وأحياء فيها ... وعمرت المدينة وصارت متسامقة عالية البنيان والأسوار، مليحة الأركان كأنها مدينة نبي الله سليمان».
وعمرت بالأسواق والمعاهد ومعاقل الجند والحمامات. كل ذلك يحدث تحت أعين جنود الروم ومليكهم لاوون، الذين أرهقهم الحصار، وقطع المؤن، وضرب كل إمداد، وانتشار الخوف والهلع في نفوس السكان.
وحين طال أمد حصار جيوش المسلمين للقسطنطينية الذي فاق أربعة أعوام، لم تغفل فيها عين الأمير الصحصاح عن زوجته وحبيبة قلبه الوفية «ليلى»، التي كان قد علم بوضعها لولديه ظالم ومظلوم، على مدى سنوات الحرب المستعرة التي لم تترك له يوما لرؤيتهما منذ رحيله عن أرض الحجاز إلى دمشق، وزيارته الخاطفة لها عقب فتح مالطة، إلا أن الحصار المديد لعاصمة الروم أعاد إلى مخيلته الحنين الجارف إلى زوجته وولديه، فتمنى مشتهيا رؤيتهم والتعرف على أحوالهم.
فدأب على إرسال الرسل المحملة بالهدايا من ملبس ومأكل وتحف وجوهر إليهم، بل هو كثيرا
وكانت أخبار الانتصارات العربية تتوالى إلى عاصمة الخلافة مدوية شاحذة للهمم، حتى إن الخليفة عبد الملك بن مروان دأب على إذاعتها بين العواصم العربية أولا بأول، ودأب على مراسلة ابنه الأمير مسلمة وقائد حملات جيش المسلمين الأمير الصحصاح يحثهما على التقدم والجهاد والسهر على حراسة ثغور الخلافة دون هوادة.
وحتى عندما اشتد عليه المرض فلزم فراشه، حرص على استقبال الرسل وسماع الرسائل، ورد عليها بنفسه مسديا المشورة، منبها الأذهان إلى أهمية إخفاء مرضه ولزومه فراش الموت؛ حتى لا يتسرب إلى صفوف الأعداء فتقوى عزائمهم، ويطمع طامعهم.
ورغم حنينه وهو يعاني سكرات الموت وأطيافه إلى مجرد رؤية ولده المظفر مسلمة، ظل مفضلا بقاءه لمواصلة حراسة تخوم خلافة المسلمين، إلا أن الخليفة المحتضر عبد الملك بن مروان أوصى
ومن جانبه فضل الوليد إخفاء وصية الأب طمعا في الخلافة التي مارسها بالفعل طيلة فترات مرض الخليفة الوالد.
نامعلوم صفحہ