شہزادی دھت ہمہ
الأميرة ذات الهمة: أطول سيرة عربية في التاريخ
اصناف
أكتب إليكم بعدما رأيت من عساكر الأروام التي اجتمعت على بوابات القسطنطينية، وهي عساكر لم يسمع بمثلها: سبعة عشر مللا بجيوشهم، وهم إلى مالطة قاصدون؛ لذا فإن الأمر عظيم، والخطب جسيم.
وكان الرشيد قد فوجئ بهذه الأخبار إلى حد أنه قاد بنفسه جيشه، ولحق بهم على الجبهة، معيدا جمع الشمل إلى الجيوش والفيالق العربية المتناحرة، حتى يمكن التصدي لأخطار الروم التي تجمعت من جديد تحت الرايات البيزنطية، من «رومان وأرمن ويونانيين وبلغار ومجريين وبرغال وملاقطة وبنادقة».
واحتدمت المعارك إلى أن وقع الرشيد نفسه أسيرا محاصرا بفيالقه لحين تمكن الأمير عبد الوهاب والبطال من فك حصاره، برغم سقوط الأميرة ذات الهمة جريحة؛ حيث «تخضبت ثيابها بالدماء» على مرأى من الأمير ابنها عبد الوهاب، الذي جد السير بجيوشه، ومعظمهم من السودانيين والنوبيين والمصريين والفلسطينيين والعرب الحجازيين، في إثر ملك الروم، الذي تصور أنه نال أقصى أمانيه بأسر خليفة المسلمين، متخليا عن ذات الهمة الجريحة السابحة في دمائها.
ولم يعد عبد الوهاب والبطال إلا بعد أن تمكنا من فك حصار الرشيد الذي ظل الليل بطوله لا يقرب طعاما، إلا أن الرشيد هذه المرة أشاد بشجاعة عبد الوهاب وأبي محمد البطال إلى آخر أيام خلافته، بل هو أوصل وصيته بتجليهما وتقريبهما إلى ولديه الأمين والمأمون، قائلا فيهما: «فقل أن يجود الزمان بمثلهما.»
بل إن الخليفة هارون الرشيد لازم الأميرة ذات الهمة الجريحة، وأحضر لها الأطباء والحكماء لرعايتها من كل أنحاء العالم الإسلامي، وهي نصف محتضرة تعاني آلام جراحاتها البليغة وهي تنطق بالشهادة.
بل لعلها حقا الرغبة في الموت التي طالما تمنتها من أعماقها وسط لهيب المعارك دفاعا عن الحقوق العربية ضد الغزاة الطامعين.
بل إن خبر سقوط الأميرة ذات الهمة جريحة مضرجة بدمائها تواتر مضخما ساريا سريان لهب يلتهم هشيما، مجددا عزم الأعداء الأروام، مثيرا الحمية في مختلف أقطارهم ومللهم ونحلهم، معتقدين أنهم أخيرا تمكنوا من النيل من عدوتهم الأولى فاتحة القسطنطينية، الأميرة الدلهمة.
ووصل الخبر مضخما من عاصمة لأخرى، إلى حد الادعاء بإزهاق روحها وموتها المحقق.
وعلى الجانب المقابل، تلقت الأقطار العربية والإسلامية خبر جراح ذات الهمة في مواجهة الأعداء الأروام واحتضارها بالمزيد من الدعاء الجماعي لها بتجاوز كبوتها، والعودة إلى تحمل أعبائها الكبرى التي هدفها في كل جولة - وإن تعثرت - النصر المحقق للعرب والمسلمين.
بل إن التظاهرات اندفعت إلى شوارع وساحات عاصمة الخلافة، وظلت الجماهير تجوب الطرقات ليلا داعين مكبرين لأم المجاهدين، وهم يطالبون بالمزيد من المعلومات والأخبار المهدئة لجماهير المسلمين المشدوهة المتعطشة لمعرفة حقيقة ما حدث لذات الهمة، وهل حقا ما يحدث عن بطلتهم الشعبية التي جلبت لهم النصر عقب النصر طيلة تلك السنين؟
نامعلوم صفحہ