93

امیر قصر ذہب

أمير قصر الذهب

اصناف

ومكث مع صاحبه في شرب وغناء إلى ساعة متأخرة من الليل، ثم أراد أن يخرج من عنده، وكان يحمل معه «خريطة» فيها دنانير، فقال للأسود: «خذها فاصرفها في بعض شأنك، ولك عندنا مزيد إن شاء الله.»

فقال الأسود: ما أعجب هذا، والله يا سيدي لقد هممت أن أعرض عليك جملة ما عندي من مال، وأسألك أن تقبلها تفضلا منك وكرما، ثم أجللتك عن ذلك!

فخجل إبراهيم وقال: قتلتني والله كرما وأدبا ومروءة.

وخرج من عنده مودعا وهو يتمنى له أحسن ما يتمنى من أمن وسلام. •••

وكان إبراهيم يتنكر بألوان شتى من التنكر حتى لا يعرفه عيون المأمون المنبثون في كل سبيل، فما كاد يبرح دار الأسود حتى اشتبه فيه جندي من الشرطة فسار وراءه، وشعر إبراهيم بهذا الجندي، فسار حتى دخل الدار التي يختبئ بها فدخلها، وأغلق بابها، وكانت لرجل نبطي من أنباط المدائن كان يعرفه إبراهيم منذ عهد الرشيد، فلما لجأ إليه وسعه بمروءته وأخفى أمره عن الناس.

وقف الجندي يرقب الدار، ورأى إبراهيم أن الرجل يريد أن يوقع به ويدل عليه حيث يقيم، فانتظر حتى انشق النهار فأراد أن يفر من الدار، ولكنه وجد الجندي ما يزال يرقبه ويتربص له، ويفحص كل من خرج منها، فتزيا بزي النساء وخرج مع امرأتين من دار النبطي.

سار إبراهيم بهذا الزي وسط هاتين المرأتين، فرآهن الجندي فسار وراءهن حتى بعدن عن الدار ثم تقدم منهن وقال: من أنتن، ومن أين جئتن، وإلى أين تذهبن؟

فتكلمت إحدى المرأتين بكلام تعللت فيه بعلات، ثم تكلمت الأخرى بكلام مثله، ثم سأل الجندي إبراهيم فبدا من صوته أنه صوت رجل، فسأله الجندي واشتد في سؤاله، فأخرج إبراهيم خاتما ثمينا وأعطاه إياه. فزادت ريبة الجندي وقال: هذا خاتم رجل له شأن!

فأخذه وأمر الثلاث أن يسرن معه إلى رئيس العسكر، فلما وصلن أمر كلا منهن بالسفور، فسفرت المرأتان وأبى إبراهيم أن يسفر عن وجهه، فجذب حجابه رئيس العسكر فبدت لحيته، وعرف أنه «إبراهيم بن المهدي!»

فقبض عليه وقيده بالأغلال وبعث إلى دينار بن عبد الله يخبره ذلك! •••

نامعلوم صفحہ