امیر محمود
الأمير محمود نجل شاه العجم
اصناف
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
نامعلوم صفحہ
الأمير محمود نجل شاه العجم
الأمير محمود نجل شاه العجم
تأليف
أحمد أبو خليل القباني
الفصل الأول
(يرفع الستار عن بيت شاه العجم، واثنين من الحرس، وغلمان.)
المنظر الأول
الغلمان :
بزغت شمس التهاني
في سماء الافتخار
نامعلوم صفحہ
مذ بدا قان الزمان
ذو المعالي والوقار
ملك فينا عطوف
منعم بر كريم
محسن عدل رءوف
طاهر القلب رحيم
فأدمه بالسرور
يا إلهي والصفا
أبدا مدى الدهور
مسعفا ومنصفا
نامعلوم صفحہ
عش أخا الإنشاد واسلم
ما انجلى البدر التمام
مشرقا سامي معظم
في ابتداء وختام (ويذهبون.)
ملك :
لا يسلم المرء من هم ومن كدر
ولو ترفع فوق الشمس والقمر
إن أحسنت هذه الدنيا لطالبها
يوما فتعقبه غما مدى العمر
علي بولدي محمود.
نامعلوم صفحہ
حاجب :
أمرك يا معدن الجود.
ملك :
ما أنعم الله على عبده بنعمة أوفى من العافية، وكل من عوفي في جسمه ودينه في عيشة راضية، أسفا على رشدك يا محمود، وعقلك الذي كنت عليه محسود، ما أصابه بعد الحزم والنبالة، فأضاع نكاله، وأفقده خلاله، كان أديبا عاقلا، أريبا كاملا، إن تكلم فاضت الحكم من ينابيع لسانه، وأعجب البلغاء بفصيح نطقه وبيانه، والآن أراه يجتهد في الابتعاد، وتقليد مذهب الانفراد، لا يأنس بإنسان، ولا ينفك عن الكتمان، فبم أستطلع خبأة غوره، وأقف على حقيقة أمره؟
ولدي محمود.
محمود :
لبيك لبيك يا والدي، فإني سميع مجيب.
غرامي غريمي ودمعي غدا
من الوجد والسقم صيبا صبيب
وجسمي براه الهوى والنوى
نامعلوم صفحہ
كواه فأمسى كليما كئيب
وقلبي الولهان
تلظى بالنيران
وطال أيني
وحان حيني
من لوعة الهجران
يا بهجة الأكوان
وصل الشجي ما آن
جودي بقربي
أذهبت لبي
نامعلوم صفحہ
بالصد والحرمان
ملك :
بزغت أمارة الفرج، وانجاب غيم الحرج، وظهر أنه كليم هواه، وأسير وجده وجواه، ممن اعتراك يا ولدي هذا الغرام؟
محمود :
آه هذا الغرام!
بذات حسن تنجلي
كالشمس وسط الحمل
لها الدموع قد جرت
مثل الفرات السلسل
يلوم فيها عاذلي
نامعلوم صفحہ
أين الشجي من الخلي؟
ملك :
ومن هذه العشيقة يا ولدي؟
محمود :
آه هي التي أذابت كبدي.
ذات القوام السمهري
أخت الغزال
من أخجلت بالخفر
ضوء الهلال
كادت بسهم الحور
نامعلوم صفحہ
واللطف تمحو أثري
فاعذروني ضاع فكري
من الجوى والسهر
ملك :
أنت مغروم يا بني، فأوضح عشيقتك لدي، لأبلغك مشتهاك، ولو كان في السماك.
محمود :
آه يا أبي، السماك أقرب من طلبي؛ لأني عشقت صورة على ورق، واعتراني في حبها الوجد والأرق، ولو لم تكن صاحبتها في الوجود، لما استحوذ حبها على قلب ولدك محمود.
يا ليت شعري من كانت وكيف سرت
أطلعة الشمس كانت أم هي القمر؟
أظنها العقل أبداها تدبره
نامعلوم صفحہ
أو صورة الروح أبدتها لي الفكر
أو صورة مثلت في النفس من أملي
فقد تحير في إدراكها البصر
لو لم يكن كل هذا فهي حادثة
أتى بها سببا في حتفي القدر
ملك :
ما هذا الزيغ يا محمود، الذي أخرجك عن الحدود؟ أسمع أن أحدا من الناس، عشق صورة على قرطاس؟
محمود :
مذاهب العشق يا والدي تختلف، يدركها كل مشوق كلف، فقد يكون باللمس، ويكون بالنظر، ويكون باستحسان بعض الصور، ويكون يا والدي بالسماع، فيوقع المحب في النزاع، وقد يكون بمجرد الوصف، فيورد العاشق موارد الحتف، ومنهم من أصابه في الأحلام، فانتبه مرعوبا من الوجد والهيام، ومنهم من عشق باللثم، فكابد كل غم وهم، وقد يكون العشق اختياري، ويكون بمسارقة النظر اضطراري، وللعشق يا والدي مراتب وأحكام، يعرفها كل من عشق فهام، والخلاصة يا والدي الحنون، أن الجنون فيه فنون.
جنون العشق والبلوى فنون
نامعلوم صفحہ
إذا عبثت بذي لب عيون
وتلك عن القلوب لها حديث
وأسرار تدق لها شئون
وما حركاتها إلا معان
بما يبديه تنبعث الشجون
فتنطق عن خبايا في الزوايا
بما يبدو به السر المصون
فيطمع بالمنى صبا تعنى
بمعناه وغايته المنون
الوزير (يدخل) :
نامعلوم صفحہ
سلام في سلام في سلام
عليك ورحمة الله السلام
محمود :
سلام في سلام في سلام
عليها ورحمة الله السلام
أضاعت بين أحشائي فؤادا
وجمسي ضاع من بعد السقام
عيني لمعناك ذات الحسن عاشقة
يا صورة رسمها للعقل فتان
الله في حال صب لا نصير له
نامعلوم صفحہ
في قلبه من جوى الأشجان نيران
ملك :
انظر يا وزيري الودود، أحوال ولدي محمود!
وزير :
ما هذا الحال أيها الأمير؟
محمود :
دعني أيها الوزير.
دعني من اللوم إن العشق فعال
وإن تفصيله في القلب إجمال
واسلم بنفسك فالأشجان أولها
نامعلوم صفحہ
سقم وآخرها للناس قتال
لو كنت تدري يا صاحي
فعل الغرام
لملت عن لوم اللاحي
أين الحمام
فقد توالت أتراحي
من الهيام
ريحان روحي وراحي
لثم اللثام
ملك :
نامعلوم صفحہ
أما لهذا آخر يا ولدي؟
محمود :
أوله إحراق كبدي، فكيف الآخر؟ جمال باهر، وطرف ساحر، وخد ناضر، ولب طائر، وقلب حائر، أغثني يا قادر.
صورة الحسن والجمال تبدت
للمعنى فراح في الحب صبا
وغدا دمعه السجيم كسحب
كلما شام بارق الثغر حبا
ملك :
ما هذه الأقوال، والأفعال؟ محمود، عد عن هذا الضلال.
محمود :
نامعلوم صفحہ
أبي قلبي لكاس العشق نهال
ودمع العين هطال وسيال
ألا يا من علا من فيك إذلال
كفي وجودي فما لي عنك إبدال
والدي نأى عني، سائما ملول
آه في الهوى حزني، شرحه يطول
وا عنائي من يدني ساعة الوصول (يخرج الملك.)
وزير :
يا بني طاوعني، واترك الغرام.
محمود :
نامعلوم صفحہ
دعني هائما، يا أخا الملام.
وزير :
تنسب لي يا مولاي الملام، وما أنا إلا عبدك، وعبد والدك الهمام، وما تجاسرت عليك بمثل هذا الكلام، إلا أملا برجوعك عن هذه الأوهام، وأن تجعل علاقتك بصورة، بعد لطائفك المشهورة، وإن أكثر الصور من نتائج الأفكار، لاستجلاب الدرهم، والدينار ما لها موضوع صحيح، ولا رسم صريح، أما عندك الهنديات والروميات والقينات الحسان، ذوات الآداب والألحان؟ أما أنت محمود الاسم والفعال؟ أما أنت معدن الجمال والكمال؟ أين أخلاقك المحمودة؟ أين شمائلك المعدودة؟ فانتبه أيها الأمير المكرم، وتدارك ما فرط منك تجاه والدك الأكرم، فإنه خرج من هنا حاقدا عليك، ولا أعلم ما يوصله من السوء إليك، وأنا أضمن لك رضاه، إذا طاوعتني على مبتغاه.
محمود :
ما فعلت ضد والدي أيها الوزير؟
وزير :
أقليل ما فعلت أيها الأمير تجاه والدك الجليل؟ ومتى كنت أيها النبيل تتغزل بالأشعار والألحان، في حضرة والدك المصان؟ أما هو مخل بشرف الملوك، ومن ذا الذي سلك قبلك هذا السلوك؟ وعشق نقشا على قرطاس، وأصبح فاقد الرشد والحواس؟
محمود :
أهذا هو ذنبي أيها الوزير؟
وزير :
نامعلوم صفحہ
نعم، هذا هو ذنبك أيها الأمير، أما تعلم أيها الأكمل، أنك ابن ملك مبجل، وأنك ولي عهده، والملك المطاع من بعده؟
محمود :
آه يا جهول، وكثير الفضول، الملك لمن ملكه لا يبيد، وكل الملوك تحت أمره كعبيد، ولا راد لما قضاه، ولا مانع لما أمضاه، ولا هادم لما بناه، ولا صاد لما سواه، حكم علي أن أعشق صاحبة هذه الصورة، مع أنها مجهولة غير مشهورة، وما يفيد التأنيب والملام، في قدر العليم العلام؟ والعشق أيها الوزير، جائز على الصغير والكبير، والشيوخ والغلمان، والسلطان والمهان، ما له حد مفهوم، ولا قدر معلوم.
يقول أناس لو نعت لنا الهوى
فوالله ما أدري لهم كيف أنعت
فليس لشيء منه حد أحده
وليس لشيء منه وقت مؤقت
ومنهم من جعل له أبوابا وأصول، البحث في شرحها يطول، يدريه من عشق، فسلب رشده، وعلق فتجاوز حده، وله مراتب ولوازم وأسماء، تستعبد الأحرار، وتذل الأعزاء، فمنها الهوى، والعشق، والجوى، والوله، والكلف، والتتييم، والتتييه، والتبل، والشغف، والتوله، والصبابة، والمقة، والوجد، والهيام، والشجن، والتبريح، والفتون، والآلام، والأرق، والجنون، والأنين، والكمد، والاحتراق، والنحول، والاصفرار، والذل، والإهانة، وتحمل ما لا يطاق، وكلها أيها الوزير لها في فؤادي زفير، وتكليم، وتأثير، فأعد نشر تأنيبك في الطي، فما بي في الهوى مقدور علي.
خل ملامي فالقلب خالي
من الغرام والاشتعال
نامعلوم صفحہ
ذات الجمال رقي لحالي
كم ذا التواني زاد انتحالي؟
عسكر :
أيها السيد بادر
صدر الأمر بقتلك
محمود :
دون قتلي حد باتر
يخطب الروح ويهلك
وزير :
لا تكن للجند زاجر.
نامعلوم صفحہ
محمود :
خف، فلا أصغي لختلك.
عسكر :
زيغه مولانا ظاهر.
وزير :
انتصح، وارجع لعقلك.
محمود :
والدي أمر بقتلي، والغرام أذهب عقلي، فما هذا البلاء؟ فليس لي أن أشاء.
كل الحوادث مبداها من النظر
ومعظم النار من مستصغر الشرر
نامعلوم صفحہ