امین خولی
أمين الخولي والأبعاد الفلسفية للتجديد
اصناف
13
الذي لا يعرف تغيرا ولا تقدما.
وهذا الموقف من تراث السلف هو ما تبلور عند أمين الخولي في قولته الشهيرة: هم رجال ونحن رجال، لهم عصرهم ولنا عصرنا، نتعلم منهم ولا نحذو حذوهم النعل بالنعل.
وإذا كان أمين الخولي يؤثم المقلد الرافض للتجديد، فإن الأمر قد سبق أن بلغ بمحمد عبده حد اعتبار المقلد كافرا؛ لأنه مردد وليس مستيقنا من الأصول، وأسهب عبده في التعبير عن ضيقه من التقليد والجمود على القديم، وراح في تعداد مفاسد هذا الجمود ونتائجه - أو بتعبيره - جناياته على اللغة والنظام والاجتماع والشريعة وأهلها، وعلى العقيدة، وفي نظم التعليم. وبعد أن هوى بمعوله على معاقل الجمود جميعها في هذه المواقع وسواها، راح يستدل ويؤكد أنه علة تزول لأنه مما لا يصح أن ينسب إلى الإسلام،
14
فالإسلام كما يقول الأستاذ الإمام: «أنحى على التقليد وحمل عليه حملته، لم يردها عنه القدر، فبددت فيالقه المتغلبة على النفوس، واقتلعت أصوله الراسخة في المدارك، ونسفت ما كان له من دعائم وأركان في عقائد الأمم، وصاح بالعقل صيحة أزعجته من سباته وهبت به من نومة طال عليه الغيب فيها.»
15
لقد أكد الإسلام أن الإنسان لم يخلق ليقاد، بل ليهتدي، وصرف القلوب عن التعلق بما كان عليه الآباء، ونبه على أن السبق في الزمان ليس آية من آيات العرفان.
16
هكذا، على أساس من إيقاظ الإسلام للعقل وإبطاله التقليد، انطلقت دعوة التجديد الديني من رحاب الأستاذ الإمام محمد عبده، وتحولت إلى قوة تثويرية نابضة بفعل صحبته الحميمة للمناضل الرائد السيد جمال الدين الأفغاني (1838-1897).
نامعلوم صفحہ